قائد الطوفان قائد الطوفان

دمار يفوق الوصف 

فاجعة بحي تل الهوا.. إعدامات جماعية وحرق أحياء على يد جيش (إسرائيل)

الرسالة نت

غزة- رشا فرحات

تراجعت آليات الاحتلال الإسرائيلي من حي تل الهوا الذي يجتاحه للمرة الثالثة، بعد ارتكاب مجزرة كان قد خطط لها مسبقا، فبعد أن طلب من السكان في شرق غزة أن ينتقلوا إلى غربها باغتهم، واقتحم تل الهوا مرورا بشارع الصناعة، ووصولا إلى دوار حيدر.

ألقى القنابل على السكان الفارين وقنابل الغاز، ثم أعدمهم بدم بارد.

شهداء وحرائق كثيرة في المباني والأزقة، وانهيار أبراج كانت تقاوم منذ تسعة أشهر، وبعد انسحابه ترك وراءه فاجعة كبيرة، عائلات وكبار سن رفضوا الخروج منذ السابع من أكتوبر، وظلوا صامدين في منازلهم، يتنقلون من شرق المدينة إلى غربها، حتى استقروا في بيوتهم ظنا منهم أن الاجتياح سيطول شرق المدينة.

عائلة الغلاييني التي خسرت جزءا من منزلها في الاجتياح الأول، كانت نساؤه وقودا لهذا الاجتياح الجديد، حيث قتل الجنود ثلاث مسنات عدن إلى ما تبقى من البيت في وقت سابق، وتركهن ينزفن حتى الموت، ولم تكن تلك الحالة الوحيدة، فقد عثر الدفاع المدني على ثلاث مسنات أيضا من عائلة صرصور أعدمن بدم بارد على يد الجنود.

وفي المشهد أم صلاح، التي رمت بنفسها على رمال قالوا لها إن ابنها الذي تركته حيا قد دفنته الجرافات هنا تحتها، فأخذت تجرف في الرمال باحثة عن ابنها، وربما كانت ذات حظ وافر لأنها استطاعت أن تجد لابنها قبرا، مقارنة بمن وجدوا أشلاء فاختلطت هويات الأجساد بعضها ببعض، ولم يستطع ذويهم التعرف عليهم ليدفنوهم.

مع نهاية شارع الثلاثيني وعلى الزاوية المؤدية لتل الهوا حيث مبنى الأونروا الملحق بكلية الصناعة نسفته القوات وحولته إلى ركام ولازالت النيران تتصاعد منه ، تلك مقرات الأنروا  التابعة للأمم المتحدة التي من المفترض أن تكون محمية بقرارات دولية.

الشهداء في أزقة الأحياء السكنية والشوراع، معظمهم من الأطفال والنساء، بينما تحللت بعض الجثامين، وقد عثر المنقذون على رايات بيضاء بجانبها،  دليل على أن المواطنين كانوا يرفعونها في لحظاتهم الأخيرة لعلها تكون سببا لإنقاذ حياتهم من آلية القتل الصهيونية.

تسعة شهداء من عائلة الخطيب وتسعة مثلهم من عائلة الحلو، لا زالت جثامينهم تحت الأنقاض، في ظل ضعف الإمكانيات التي أعجزت قدرة الدفاع المدني عن القيام بدوره كاملا.

وتلك آثار سيدة ثمانينية من عائلة زيارة، تعرّف المارة على جثمانها، عرفوه من عكازها الذي كانت تستند إليه وهي تسير هروبا إلى مكان أكثر أمنا، فأوقفتها طائرات الاحتلال عن إكمال الطريق نحو النجاة.

وإذا استثنى الهدم بيتا، فالحرق لم يستثن أحدا، مقر الأنروا، والأبراج المقابلة له، ونزولا إلى مستشفى أصدقاء المريض الذي قام قبل أيام شباب بترميمه وإعادة طلاء جدرانه ليبدأ عمله من جديد، قامت القوات الإسرائيلية بحرقه مرة أخرى، وكأن هدفها هو محاربة أي بداية لحياة جديدة.

محيط مستشفى القدس ومنطقة برشلونه في تل الهوا، كلها طالتها يد الحرق بخطة منظمة أعلنت عنها قوات الاحتلال بعد أن وصل الفارون من شرق المدينة إلى غربها، وبدأت فورا بتنفيذ خطة مشتركة تحرق الغرب والشرق في لحظة واحدة.

خمسون شهيدا في تل الهوا تم انتشالهم، وغيرهم ستون في الشجاعية، ولا زال بحث المواطنين عن أحبتهم يجري في كل دقيقة حتى اللحظة، وعيونهم معلقة في السماء، وقلوبهم تكاد تنفطر حزنا، فتلك الإبادة التي تركض وراءهم ليل نهار منذ عشرة أشهر لا تحترم بشرا ولا حجرا ولا أي مواثيق موقعة على طاولات الدول العظمى، التي تتفرج بتلذذ على مشاهد الدماء.

البث المباشر