(إسرائيل) لا تشبع من دماء الفلسطينيين

خاص| مجزرة مدرسة أبو عريبان تحصد مزيدا من أرواح الأبرياء 

الرسالة نت

غزة- رشا فرحات 

إنه اليوم رقم 282، مجزرة جديدة، ألم فوق الألم الذي يعاني منه النازحون في مدارس الإيواء، تتلون صباحاتهم بروائح القتل والبارود والمتفجرات التي تطلقها الطائرات الإسرائيلية، فتحول النهار إلى ليل حالك، والحياة إلى موت محقق، وتصبغ الوجوه بالخوف والفجيعة.

هذا ما حدث بمدرسة أبو عريبان في وسط سوق النصيرات وسط قطاع غزة بالأمس، المدرسة التابعة لوكالة غوث اللاجئين في المخيم تناثرت على جدرانها دماء النازحين في مجزرة جديدة حيث كثف الاحتلال من وطأة المجازر في القطاع في الأيام الأخيرة للحرب.

رجل يصف المشهد:" منذ تسعة أشهر ونحن نازحون في المدرسة، وهناك مدارس أخرى بالجوار، فجأة نزلت صواريخ علينا، صاروخ هنا وآخر هناك، وبدأنا نركض تجاه الإصابات نحاول البحث عن أبنائنا، أطفال تدمروا، حرقوا واستشهدوا، وأنا أصبت، ابني استشهد وابن أخي المعاق، ما ذنب النازحين؟! لماذا يتفرج الجميع علينا وعلى موتنا، نحن نازحين عزل".

امرأة أخرى أصيبت في المجزرة تقول:" كنا نخبز ونجتمع حول النار أنا ونساء المخيم، حينما نزلت الصواريخ علينا، جارتي حالتها خطيرة، وزوجها حالته خطيرة وأنا أصبت وابن اخي أصيب وأحفادي أصيبوا، ليس هناك مكان آمن، الاحتلال يكذب ونحن هربنا للمكان الذي حدده وقال إنه أكثر أمنا، ننام ولا ندري إلا بالأسقف وهي تقع علينا، ولا نعلم غدا ماذا سيحدث، هل سنكون في عداد الشهداء، قالوا في مدارس الوكالة أكثر أمنا فلجأنا لها، ثم استهدفونا".

الأشلاء تتناثر في كل اتجاه، وعلى الجدران الزرقاء، التي سقطت فوق الأطفال اللذين يحاولون استراق لحظة لعب بين الدماء المراقة في المدينة، وما هي إلا دقيقة وأصبحت أجسادهم جزءا من مشهد الموت.

وارتقى في المجزرة 17 شهيداً، بينما جُرح نحو 80 شخصاً، حسب بيانات المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، الذي أشار إلى أنّ هذه المجزرة ليست الوحيدة، بل إن هناك  تركيزا من قبل الاحتلال على ارتكاب مجازر في مراكز إيواء تؤوي آلاف النازحين.

وأضاف المكتب أنّ المجازر الإسرائيلية المتجددة تأتي بينما يحاول الاحتلال القضاء على المنظومة الصحية في القطاع، وتدمير المستشفيات وإحراقها وإخراجها عن الخدمة، وفي ظل الضغط الهائل على الطواقم الطبية وما تبقى من غرف العمليات الجراحية، وسط نقص المستلزمات الصحية.

عجز يحاول الاحتلال خلقه في كل الجوانب، البيئية و الصحية أهمها، بينما تتكدس الأجساد بين جريح وشهيد في أروقة المستشفيات، ولسان حال المواطنين، أين ستكون المجزرة القادمة، وكأن حكومة الاحتلال امتلكت العالم ببلطجتها التي تضرب كل القوانين الدولية في عرض الحائط.

ويتساءل بريس دي لو فينغن، رئيس وحدة الطوارئ في منظمة أطباء بلا حدود " كيف يمكن لعملية عسكرية قتلت أكثر من 800 شخص في أسبوع واحد أن تكون قد التزمت بالقانون الدولي الإنساني؟ لم يعد بإمكاننا قبول التصريحات التي تزعم أن إسرائيل تتخذ ’جميع الاحتياطات‘- فهذه لا تعدو كونها تصريحات دعائية".

ويضيف : ويقول دي لو فين، "منذ أكتوبر/تشرين الأول وحتى قبل ذلك، نشهد تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم نقطة فارقة، فكيف يمكننا أن ننظر إلى واقع يُقتل فيه أطفالٌ لم يتعلموا المشي بعد وتُقطَّع أوصالهم وتهشَّم أحشاؤهم".

سليمان بشارات المختص بالشأن الإسرائيلي يقول للرسالة :" باعتقادي هذا الاستهداف هدفه الأساسي هو كسر الحاضنة الشعبية لأنه يعلم  بأن الحاضنة الشعبية هي أساس نجاح موضوع المقاومة، من قبل كان الاحتلال يعتقد أن ذلك سيتحقق من خلال الحصار الذي كان مفروضا من عشرين عاما، والذي اكتشف الاحتلال أن مفعوله ضعيف فاستخدم لتحقيق هدفه القتل والتشريد لأهالي القطاع .

ويلفت بشارات إلى أن جزءا من معركة الاحتلال منذ 48 هو العمل على البعد الديمغرافي لأن الوجود البشري يؤثر على الجغرافي والتوسع في المشروع الاستيطاني المستقبلي، فالعامل البشري هو العائق الأساسي للاحتلال، وهو الآن يرفع نسبة الاستهداف ليقلل من تحديات البعد الديمغرافي وهو بالمناسبة في القطاع من خلال المجازر وفي الضفة منهجيات أخرى، وفي الداخل منهجيات أيضا، وفي القدس منهجيات مختلفة، وكل بقعة يستخدم معها الاحتلال طريقة تتوافق مع منهجيتها لتحقيق الهدف الديمغرافي.

ويضيف: القتل والتدمير منهجة رسمية، ويهدف أيضا من ورائها كسر العلاقة بين الحاضنة الشعبية والمقاومة، وكلما زاد القتل زادت الأصوات التي تتساءل عن المقاومة هل هي مجدية أم غير مجدية، ويراهن الاحتلال بالبعد الزماني للقتل حتى يحقق هذا الهدف.

البث المباشر