قائد الطوفان قائد الطوفان

رقمان قياسيان في الكونغرس: نتنياهو في الكذب والنواب في التسحيج والتصفيق

الرسالة نت - وكالات

بدا تفاعل أعضاء الكونغرس الأميركي خاصة الجمهوريين، والحفاوة التي استقبلوا بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، و"انبهارهم بخطاب الأكاذيب" الذي ألقاه على مسامعهم وأمام عيونهم، مستخدما صوته تارة، وحركات وجهه ويديه تارة أخرى، أشبه بـ"مهرجان التصفيق"، إذ بلغ عدد المرات التي قاطع بها أعضاء الكونغرس خطاب نتنياهو بالتصفيق 80 مرة، بينما انهمك نتنياهو في عرض عضلاته واستعراض إنجازاته التي حققها في حربه المجنونة على قطاع غزة، دون أن ينسى بطبيعة الحال أن يضع دولته جنبا إلى جنب مع الولايات المتحدة، في محاربة قوى الشر والدفاع عن القيم الغربية.
بدورهم، اعتبر كتّاب ومحللون سياسيون في أحاديث صحافية، أن الخطاب كان استعراضيًا بدرجة كبيرة، حيث ركز على تصوير إسرائيل كضحية لضمان الدعم الأميركي وتبرير الحرب التي يخوضها جيشه في قطاع غزة.
وقال المحللون إن نتنياهو اعتمد في خطابه على الدعاية والكذب، وتوقعوا ان يعمل نتنياهو بعد عودته من واشنطن، على إبرام المرحلة الأولى من الصفقة مع الفلسطينيين تلبية لمطالب جزءٍ من الجمهور والجيش وأهالي المحتجزين الإسرائيليين، في محاولة لإعادة ترتيب أوراقه ليستمر في الحكم والحرب.

تركيز على الخطر الإيراني

وعقب الكاتب والمحلل السياسي خليل شاهين على خطاب نتنياهو أمام الكونغرس الأميركي بالقول: إن الأهم في الخطاب ليس ما قاله نتنياهو، بل أيضًا ما أغفله.
وأوضح شاهين أن نتنياهو لم يتطرق إلى قضايا هامة مثل وقف إطلاق النار، أو صفقة التبادل، أو الاستيطان، أو أي عملية سياسية لحل الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، وبدلاً من ذلك، أكد نتنياهو بشكل أو بآخر استمرار إسرائيل في الحرب بدعم من الولايات المتحدة، مع التركيز على الخطر الإيراني.
وأضاف: لقد حاول أن يحدد عنواناً هاماً وهو الخطر الإيراني والزعم أن كل ما يجري في المنطقة بسبب السياسات الإيرانية، كما تحدث عن إقامة تحالف إقليمي تلعب الدور الرئيسي فيه إسرائيل والولايات المتحدة.

موقف وسط بين الجمهوريين والديمقراطيين

ورأى شاهين أن نتنياهو يسعى للحصول على تأييد أمريكي لمواصلة الحرب دون أية قيود، رغم أنه سيستمر في كل الأحوال، بينما حاول أيضًا توجيه خطابه ليخدم مصالحه في ظل التباين وعدم وضوح من سيفوز الجمهوريون أم الديمقراطيون في الانتخابات بالولايات المتحدة.
وقد حاول نتنياهو حسب شاهين، تحقيق توازن بين دعم الجمهوريين ومعالجة حساسية الموقف مع الديمقراطيين، خاصة قبل لقائه الرئيس جو بايدن ونائبته، وهو يدرك أن بايدن باق في منصبه، ما قد يؤثر سلبًا على سياسات نتنياهو وإسرائيل، ولا يريد تكرار تجربة الرئيس باراك أوباما حينما مرر قراراً اممياً يدين الاستيطان في نهاية ولايته.

النواب المرتزقة
وشدد شاهين على أن التصفيق الحار الذي حظي به نتنياهو في الكونغرس يعكس الانحياز الأميركي لإسرائيل، حيث يشكل الكونغرس ساحة لتبني السياسات المؤيدة لإسرائيل والدعم السياسي والعسكري المتواصل لها، خاصة أن هناك ما يعرف بظاهرة "النواب المرتزقة"، وهم أعضاء الكونغرس الذين يتلقون دعماً من اللوبيات الصهيونية، وهو ما يفسر التصفيق الحار لنتنياهو كونه يمثل سياسة الشراكة مع إسرائيل في الحرب على قطاع غزة.
وأشار شير شاهين إلى أن نتنياهو استقبل في الكونغرس كبطل كونه يعكس سياسة أميركا وشراكتها مع إسرائيل في هذه الحرب على قطاع غزة، كما أن هناك انحيازاً من الجمهوريين لصالح إسرائيل، رغم أن بعض الديمقراطيين غير مرتاحين مما ورد في خطاب نتنياهو، وبعضهم لم يصفق ولم يقف له، ومنهم من خرج من الكونغرس.

انتقد بايدن بشكل غير مباشر ومدح ترامب

ويرى الكاتب والمحلل السياسي والمختص بالشأن الإسرائيلي نهاد أبو غوش أن خطاب نتنياهو يتناقض تمامًا مع مزاج الشارع الأميركي، مشيراً إلى أن الكونغرس تسيطر عليه الاحتكارات المالية الأميركية، لكن رغم ذلك لم يكن الكونغرس متوحدًا في استقباله لنتنياهو، كما أن خطاب نتنياهو كان منحازًا للجمهوريين، حيث انتقد الرئيس بايدن بشكل غير مباشر ومدح ترامب.
ولفت أبو غوش، إلى نتنياهو حاول في خطابه تلميع صورته أمام الأميركيين والإسرائيليين، ولكنه واجه انتقادات حتى من الجانب الإسرائيلي، وذلك بسبب تجاهله للصفقة واليوم التالي للحرب، وتجاهله المجتمع الدولي ودور السلطة الفلسطينية.

خطاب كله أكاذيب

وأوضح أبو غوش أن تأثير خطاب نتنياهو كان سلبيًا على الفلسطينيين على المدى القصير، حيث اعتمد على الدعاية وكذب المحتوى، ولم يقدم حلولاً للمشاكل التي يواجهها داخليًا أو دوليًا.
وأشار أبو غوش إلى أن نتنياهو حاول استقطاب الدعم لسياساته، في وقت تعاني فيه من معارضة داخلية في إسرائيل.
وقال : نحن كفلسطينيين مستاؤون من الأكاذيب التي تضمنها خطاب نتنياهو، لكننا نراهن على دعم الدول الحرة وقوى التأييد العالمية لقضيتنا، مع التأكيد على أن معركتنا مستمرة ولن تؤثر عليها تصريحات نتنياهو.
ولفت أبو غوش إلى وجود قطاعات واسعة في المجتمع الأميركي تؤيد الشعب الفلسطيني، وكذلك يزداد الفهم العالمي للرواية الفلسطينية بشكل أكبر.

خطاب دفاعي بالدرجة الأولى

من جانبه، قال أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة العربية الأميركية والكاتب والمحلل السياسي د. أمجد أبو العز إن خطاب نتنياهو كان دفاعيًا بالدرجة الأولى، واستخدم ثلاث استراتيجيات رئيسية: أولاً، دافع عن إسرائيل ضد الاتهامات بارتكاب جرائم حرب والانتقادات الموجهة إليها، واستخدم الكونغرس كمنصة لمهاجمة خصومه.
وأضاف أبو العز: في الاستراتيجية الثانية من خطابه سعى نتنياهو لبناء تحالف بين الولايات المتحدة وإسرائيل، مروجًا لفكرة أن الصراع تقوده إسرائيل نيابة عن الولايات المتحدة، كما لو كان يحاول دمج مصير الدولتين لجذب الدعم العاطفي.
اما الاستراتيجية الثالثة، حسب أبو العز، فهي أن نتنياهو خاطب حلفاءه العرب، مشددًا على أن مصيرهم مرتبط بمصير إسرائيل في مواجهة التحديات الأمنية، وخاصة إيران.

تجريم الرواية الفلسطينية

وحول تأثير خطاب نتنياهو على الفلسطينيين، أوضح أبو العز أن نتنياهو حاول تجريم الرواية الفلسطينية وربط أحداث السابع من أكتوبر، بهولوكوست جديد، وهو يسعى لأن يكون الخطاب غطاءً لمواصلة الحرب على قطاع غزة.
وقال : نتنياهو يتحدث إلى الأميركيين في الكونغرس ويهاجمهم في عقر دارهم، كما لو كان سياسيًا أميركيًا، متدخلًا في الشؤون الداخلية الأميركية بطريقة غير مسبوقة تاريخياً.
وأشار أبو العز إلى أن نتنياهو كسب دعم الجمهوريين ولكنه خسر الديمقراطيين، رغم توافق الجميع على ضرورة بقاء إسرائيل، مؤكداً في الوقت ذاته أن الدعم الأميركي لإسرائيل لا يزال قائمًا، مع استمرار الانحياز نحوها.


إسرائيل تحمي مصالح أميركا وتدافع عن القيم الغربية

بدوره، اعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة بير زيت د.سعد نمر أن خطاب نتنياهو كان استعراضيًا بامتياز، حيث ركز على تقديم إسرائيل كضحية لضمان الدعم الأميركي، وتبرير الحرب باعتبارها حربًا وجودية لإسرائيل.
وأكد نمر أن نتنياهو سعى إلى تصوير إسرائيل كحامية لمصالح أميركا في المنطقة من خلال محاربة إيران ووكلائها، مشددًا على تضحيات الجنود الإسرائيليين من أجل القيم الغربية.
وأشار نمر إلى أن نتنياهو ركز في خطابه على بناء تحالف مع الدول التي طبّعت علاقاتها مع إسرائيل لمواجهة إيران، وكأنه يشير إلى أن أميركا بحاجة إلى إسرائيل للدفاع عنها.
وقال: إن خطاب نتنياهو لم يقدم جديدًا بشأن الحرب على قطاع غزة أو إيقافها، ومواقفه ليست مختلفة عن مواقفه المعروفة.

تصفيق واحتفاء مميز من الجمهوريين

وحول التصفيق الذي حظي به نتنياهو في الكونغرس، أضاف نمر أن معظم من صفقوا لنتنياهو كانوا من الجمهوريين، بينما غاب نحو 80 من الديمقراطيين. فيما حاول نتنياهو تحقيق توازن بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري.
وتوقع نمر أن يسعى نتنياهو بعد عودته من واشنطن، لإبرام المرحلة الأولى من الصفقة لتلبية مطالب جزء من الجمهور والجيش وأهالي المحتجزين الإسرائيلين، لكن من غير المرجح أن يتقدم في الخطوات التالية من الصفقة.
وأشار إلى أن نتنياهو سيواصل تعطيل المحادثات للحفاظ على الوضع القائم واستمرار الحرب والسيطرة الأمنية على غزة.
ولفت نمر إلى أن هذه الخطوات من قبل نتنياهو سواء خطابه أو إبرام المرحلة الأولى من الصفقة، تأتي في سياق محاولة نتنياهو ترتيب أوراقه للبقاء في الحكم لأطول فترة ممكنة وإرضاء الجمهور الإسرائيلي ولضمان الهروب من محاكمته فترة أطول، ومن أجل أن يحقق انتصاراً سياسياً بعد الإخفاقات التي واجهها الجيش الإسرائيلي.
المصدر: جريدة القدس

البث المباشر