مجزرة جديدة

مائة شهيد رحلوا ساجدين قبل شروق الشمس

مجزرة مدرسة التابعين.
مجزرة مدرسة التابعين.

خاص- الرسالة نت

يوم حزين على مدينة غزة، التي اختلطت كل أيامها بالحزن، والجوع، والدماء، وهذه المرة، بالصلوات، فلم يكن جديدا على الاحتلال استهداف المصلين، بل هو على مدار عشرة أشهر لا يستهدف سوى المدنيين، مصلين ونائمين، أطفال ونساء وشيوخ مسالمين، وكذلك حدث، واستكمال لسلسلة الأهداف الإسرائيلية استهدفت مدرسة التابعين في حي الدرج.

ثلاثة صواريخ نزلت على أجسادهم قبل شروق الشمس، بينما يقفون بين يد الله، ويصعدون جماعات إلى السماء وآخر أقوالهم تكبيرة وبسملة، ودعاء بأن يصرف الله الغم الذي طال.

 

جلهم جوعى، أطفال ورجال مسالمون، قبلتهم الحياة والثبات في مدينة حطم الاحتلال كل ما فيها من جدران، وظلت مدارس الإيواء هدف جديد ممنهج، تركز عليه إسرائيل كجدران أخيرة وحيدة، بعد أن أكملت على كل أهداف المدينة.

ستة أرطال من المتفجرات، ثلاثة صواريخ إبادة أسقطتها الطائرات على مدرسة التابعين بمنطقة حي الدرج (وسط مدينة غزة) فجر اليوم السبت ، فارتقى حسب التوقعات أكثر من 100 شهيد وعشرات المصابين والمفقودين، ولا زالت الأرقام لم تحسم، حيث تعرف الآهالي حتى اللحظة على 70 شهيد، وخمسة آخرين لم يتعرف عليهم أحد، بينما لم يصل العشرات بعد إلى المستشفى، بالإضافة إلى 41 جريح، أربعين منهم بالمستشفى المعمداني، وواحد وصل إلى المستشفى الأندونيسي شمالا، في واحدة من كبرى المجازر التي شهدها قطاع غزة الأسابيع الأخيرة.

 

وحسب شهود عيان، فقد كان النازحون قد قسموا المدرسة لطابقين، طابق للنساء، والأسفل للرجال، بينما اخذت الباحة دور المصلى وإذا فرغ المصلون تحولت إلى ساحة اللعب تباعا، ولكنها اليوم تأخذ دورا ثالثا، وتتحول في دقيقة إلى بركة دم، ثم مقبرة.

هكذا انتشرت حالة ذهول في كل أرجاء المدرسة، جثث متقطعة ومتفحمة، يقف الدفاع المدني عاجزا، لساعتين، وكل ما فعله هو البحث عن أشلاء الشهداء، بينما تحمل سيارات الإسعاف القليلة وتفرغ في باحات مستشفى المعمداني.

يتحدث الدفاع المدني عن أنصاف أجساد، وأقدام مبعثرة، وصلوات انقطعت في لحظاتها الأولى ولم تكتمل، بينما ترتفع الأرقام من ساعة لأخرى، ولا زالت لم تحصى بشكل كامل حتى اللحظة !

الأرض متفحمة، يصعب التفريق بين الفراش المحترق، ومن كان يصلي فوقه، بين الطفل ووالده، أو الأم وابنها، تساقط الجميع من الأعلى للأسفل، رحل 90% من عدد اللاجئين إلى المدرسة، ويظل وراءهم عشرة بالمائة من العدد، يراقبون بصرخات مكتومة رحيل أحبتهم، فاجعة مشتركة تلزم المكلومين بالجحوظ، فلا فائدة للصراخ المستمر منذ عشرة أشهر على مسامع وأعين عالم أعمى اصم، بينما تكوم الشهداء كجبل في الساحة ملفوف بالذهول.

يكرر المكتب الإعلامي رسالته دون ملل، يستنجد العالم والمجتمع الدولي، فربما كان هناك تغيير إنساني في دفة المواقف تجاه التطهير العرقي الذي تعرضه الشاشات دون تزوير أو كذب .

ثم يكتفي العالم بإدانة ما حدث بعبارات مهما بلغت شدتها لم تعد تكفي لكبح جماح الاحتلال الذي يستمتع بالقتل، وكعادة المؤسسات الحقوقية، دعت كل العالم لإدانتها، محملة الاحتلال الإسرائيلي والإدارة الأمريكية المسؤولية الكاملة عن هذه المذبحة.

 

ثم أتى الاحتلال ببيانه معلقا على ما فعل، ليدين نفسه بنفسه، ويدعي أنه اتخذ تدابيره لتقليص إصابة المدنيين، وهو بذلك يعترف بأن استهدافه قد سيؤدي دون شك إلى قتل المدنيين العزل، وكذلك كان، قتل القليل من وجهة نظرهم مبرر، دون أن يعطوا معنا واضحا لمعنى كلمة القليل، فيبدوا أن إسرائيل ترى أن 40000 شهيد في عشرة أشهر، لا زال عددا قليلا في أعين القاتل.

البث المباشر