على مدار 10 أشهر من حرب الإبادة الجماعية التي يعيشها سكان قطاع غزة بفعل الإجرام الإسرائيلي، كانت هناك أحداث من الداخل لا تقل ضراوة في سياسة التنغيص التي يعيشها المواطنون.
فمنذ الأيام الأولى للحرب على غزة، تخلى بنك فلسطين، عن شمال غزة، ونزح إلى جنوب القطاع ليتماشى مع مطالب جيش الاحتلال الإسرائيلي بدلا من تعزيز صمود المواطنين في مناطقهم.
ويعتبر بنك فلسطين الأكبر في الأراضي الفلسطينية من حيث عدد العملاء ورأس المال، وهو ما يلقي على عاتقه الحمل الأكبر في المساعدة بتنظيم العملية المصرفية ومساعدة العملاء على تلقي أموالهم.
** معاناة العملاء
الموظف شادي الحو من شمال غزة، يؤكد أن إغلاق فروع وصرافات بنك فلسطين في شمال غزة، دون مقدرته على سحب راتبه منذ مطلع شهر ديسمبر الماضي، كان أحد اسباب نزوحه إلى جنوب غزة.
ويقول الحو إنه في ظل الحرب الإسرائيلية المسعورة على غزة، لا يمكن العيش دون دخل وتأمين الكثير من الحاجيات.
ويوضح أنه في شهر نوفمبر 2023، أغلقت جميع فروع وصرافات بنك فلسطين، وبالتالي لم أتمكن من سحب راتبي، حاولت الاستدانة ولكن وضع جميع الأصدقاء سيء جدا في ظل الحرب الطاحنة، وهو ما دفعني للنزوح جنوبا حتى أتمكن من تلقي راتبي وإطعام أسرتي.
ويشكو الموظف الحو حاليا من سياسات البنك معه، في وقت لا يستطيع تلقي راتبه ولجوءه إلى السوق السوداء بنسبة عمولة على التكييش تبلغ 20%.
ويتساءل عن الطريقة التي يحصل بها العاملون في السوق السوداء على السيولة التي تتكدس بحساباتهم، وكيف يحصلون على هذه السيولة مجددا من حساباتهم في وقت يعاني جميع المواطنين من سحب رواتبهم والتي لا تزيد عن ألفي شيكل.
حالة من الغضب يصبها المواطنون على مواقع التواصل الاجتماعي على سلطة النقد الفلسطينية وبنك فلسطين، متهمين إياهما بإفقاد المواطنين لأموالهم من خلال إجبارهم على سحب عملة الدينار فقط.
فحاليا أبقى بنك فلسطين على فرع دير البلح فقط يعمل في جميع قطاع غزة، ولدخوله ستقف طابورا طويلا قد يمتد ل 10 ساعات.
ولضمان حصولك على فرصة دخول الفرع، ستحتاج للاصطفاف على بوابة بنك فلسطين منذ الفجر.
وبسبب مشاكل السيولة يرفض البنك سحب مبلغ أكثر من 3000 شيكل، وجزء من الأموال هي عملة تالفة ومهترئة، والتي يرفض الباعة التعامل معها.
ولتعقيد العملية على عملاء البنك، يضع بنك فلسطين في صرافه عملة الدينار الأردني فقط، والتي لا يحتاجها الناس خلال فترة الحرب.
وبحسبة بسيطة لمعرفة عملية النصب التي يجريها البنك على عملائه، فإن سعر الشراء في البنك 1 دينار = 5.4234 شيكل، بينما سعر الشراء في البورصة 1 دينار = 5.33 شيكل.
وبجانب ذلك، يضع البنك 9 شواكل على كل عملية شراء 100 دينار، في وقت تبلغ قيمة بيع الدينار الواحد في السوق المحلية 4.85 شيكل.
الحسبة السابقة تعني أن المواطن الذي يسحب أمواله من الصراف بعملة الدينار سيضطر لخسارة 66 شيكلا على كل 100 دينار يسحبها من رصيده.
كل ذلك يحدث بإجراءات من البنك وبعلم سلطة النقد الفلسطينية والتي رفضت التعقيب على ذلك، رغم محاولات متكررة من معد التقرير للحصول على تعقيب.
كما ورفض بنك فلسطين التعقيب على ذلك، واكتفى مصدر في البنك بالقول إن البنك يعمل في ظروف أمنية واقتصادية معقدة وهو ما يخلق هذه الإشكاليات.
وخلال الأسابيع الأخيرة، يشكو العملاء من تعقيدات كبيرة أجراها البنك على التحويلات عبر التطبيق البنكي، وهو ما يضاعف معاناتهم.
بدلًا من تسهيل الأمر على الموظفين والمواطنين في ظل الحرب، ومواجهة سياسة الابتزاز والاستغلال من التجار، يقوم بنك فلسطين بالمشاركة في الابتزاز والحصار.
ووفق أحد عملاء البنك والذي رفض ذكر اسمه، فإن بنك فلسطين عمل خلال تحديث التطبيق مؤخرا على إضافة شروط جديدة للاستعمال.
وتتمثل هذه الشروط في أنه ممنوع فتح الحساب على أكثر من جهاز والأجهزة القديمة تمت إزالتها تلقائيا.
كما أن حدود السحب تم تقليصها من 20 حركة شهريا إلى 3 حركات أسبوعيا مع عدم تجاوز الحركة الواحدة 1500 شيكل، وإلا سيتم إغلاق الحساب.