عاد قطاع غزة وعلى وجه الخصوص شماله، إلى مقايضة السلع بين المواطنين مع اشتداد أزمة السيولة والعملة المهترئة، مع استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية للشهر الحادي عشر.
ويقصد بالمقايضة تبادل السلع بين المواطنين دون التعامل بالنقود، باستبدال السلع فيما بينهم بناء على تقدير سعر السلع.
وكان نظام المقايضة معمولا به في سنوات ما قبل ظهور النقود، وهو ما اضطر الغزيون للعودة إليه مع أزمة السيولة وعدم قدرة سلطة النقد الفلسطينية على القيام بمهامها مع رفض سلطات الاحتلال الإسرائيلي إدخال السيولة للبنوك الفلسطينية.
المواطن خالد نوفل والذي يسكن منطقة الفالوجا، يؤكد أنه استخدم طريقة المقايضة بالسلع عندما استبدل 2 كيلو من البرغل بعلبة شامبو أطفال.
ويقول نوفل: "ذهبت إلى السوق لبيع البرغل الذي استلمته لأشتري بدلا منه شامبو أطفال، وحينما اتفقت مع صاحب بسطة البقوليات في مخيم جباليا على بيع البرغل بمبلغ 22 شيكلا، كانت العملة التي يمتلكها مهترئة، وللأسف البائعون لا يقبلونها".
ويوضح أنه اضطر لأخذ البرغل لصاحب بسطة المنظفات واستبدالها بشامبو لأطفاله.
ويشير إلى أنه من المؤسف العودة للعصر الحجري في التعاملات المالية بقطاع غزة، في وقت تتحدث سلطة النقد والبنوك الفلسطينية عن نظام مالي وشمول مالي في التعاملات.
وتساءل نوفل عن دور سلطة النقد والبنوك الفلسطينية ووزارة الاقتصاد فيما يجري من أزمات في النقد والسيولة وعمولة التكييش والعملة التالفة.
ويستغرب لماذا كل هذا الصمت في وقت باتت أزمة العملة تؤرق جميع سكان قطاع غزة، حتى بات الأمر مستفزا لهم ومقيّدا لأبسط تعاملاتهم المالية.
في حين، يؤكد بائع التوابل عبد القادر حنونة، معاناته الكبيرة في البيع، وصلت به حد التفكير في التوقف عن هذه المهنة.
ويقول حنونة الذي يبيع التوابل بالتجزئة إن أغلب بيعه بالعملة المعدنية من فئة شيكل وشيكلين، "في بداية الأمر كنت أستلم أي مبلغ من الناس، ولكن عندما كنت أُعيد باقي المال للمشترين، تفاجأت برفضهم العملة القديمة أو التي عليها بعض السواد".
ويضيف: "كنت مستغربا في بداية الأمر مما يحدث من ردود فعل حول العملة القديمة والجديدة، ولكن وصلت لمرحلة تتكدس لدي العملة القديمة دون القدرة على صرفها".
ويدعو حنونة البنوك الفلسطينية لضرورة فتح فروعها في شمال غزة واستبدال ما يمكن استبداله من العملة التالفة، بالتزامن مع ردود فعل أفضل من سلطة النقد التي لا تزال تلتزم الصمت حيال ما يجري في سوق النقد بقطاع غزة.
والمتتبع لأزمة النقد والتي تتزامن مع غياب تام للجهات المنظمة، يجد أن ما يحدث يجري وفق تخطيط تام من أيدي خفية تتلاعب بالأسواق.
ويبدو أن هذه الأيدي التي ليس لها مصلحة سوى خلق حالة من الارباك في سوق الصرف بقطاع غزة والمزيد من التنغيص على حياة الغزيين الذين يعيشون الحرب، تتوافق مع أهداف الاحتلال الإسرائيلي الذي يتطلع لتركيع غزة ومزيدا من التضييق عليهم.
وبعد 11 شهرا من حرب الإبادة المستمرة على غزة، ينتظر الغزيون أي موقف من جهات الاختصاص ينهي حالة الارتباك المستمرة بالأسواق بسبب مشاكل السيولة والعملة.