في الوقت الذي يشن الاحتلال الإسرائيلي عدوانا متواصلا على الضفة المحتلة وحرب إبادة على قطاع غزة منذ عشرة شهور، لا تزال أجهزة السلطة الفلسطينية الأمنية تتواطأ في خذلان الفلسطينيين باستمرار تنسيقها الأمني مع الجيش (الإسرائيلي).
إذ تعمل أجهزة السلطة على وأد المقاومة في الضفة التي تسعى جاهدة لمساندة قطاع غزة والدفاع عن شعبها، من خلال ملاحقة المطاردين للاحتلال وتفكيك العبوات الناسفة التي تزرعها المقاومة لجيش العدو في الطرقات.
ولا يكاد يمر يوم دون أن تقوم أجهزة السلطة بمصادرة عبوات ناسفة يزرعها المقاومون على طريق جيش الاحتلال داخل وفي محيط المدن والقرى الفلسطينية، خاصة التي يخرج منها المقاومون للتصدي للجيش (الإسرائيلي) ومستوطنيه.
ويشن جيش الاحتلال عدواناً موسعاً على مدن ومخيمات شمال الضفة المحتلة، أدى لارتقاء عشرات الشهداء والجرحى، وتدمير عشرات المنازل والطرق خلال العدوان.
تفكيك العبوات
وذكرت القناة الـ12 العبرية، أن أجهزة السلطة عملت خلال الأسابيع الماضية على تفكيك عدد كبير من العبوات الناسفة التي زرعتها المقاومة للجيش (الإسرائيلي) والمستوطنين في طرقات المخيمات.
وأوضحت القناة أن أجهزة السلطة أبطلت عبوات جاهزة للتفجير كانت ستحقق خسائر فادحة في الجيش خلال اقتحامه جنين وطولكم ونابلس، مشيرة إلى أنه تم تدمير 15 عبوة جاهزة للتفجير في مدينة جنين فقط.
وأكدت أن العبوات الناسفة التي زرعتها المقاومة هي أكثر تطورًا من السابق، وتعمل "بنظام التفجير اللاسلكي"، وهذا يعرض حياة الجنود (الإسرائيليين) الذين يكتشفونها للخطر، حيث توكل المهمة إلى أجهزة أمن السلطة لتفكيكها.
وتعتقل أجهزة السلطة أكثر من 150 فلسطينيًا بينهم مقاومون ومطاردون للاحتلال وطلبة جامعات، فيما ترفض السلطة الإفراج عنهم رغم صدور قرارات قضائية بالإفراج عنهم أكثر من مرة.
السلطة تبطئ تنامي العمل المقاوم
الكاتب السياسي ياسين عز الدين وهو مختص في متابعة شؤون الضفة المحتلة، يرى أن سياسة السلطة في ملاحقة المقاومة والنشطاء الثائرين بالضفة، تقيد فعل العمل المقاوم في وجه الاحتلال والمستوطنين.
وقال عز الدين في حديث لـ"الرسالة"، إن السلطة تعمل بكل جهد لوأد أي عمل مقاوم في الضفة ضد الاحتلال ومستوطنيه بالتزامن مع عدوان غاشم على محافظات الضفة الشمالية واشتداد الحرب على قطاع غزة.
وأضاف: "خلال الشهور الماضية فشلت أجهزة أمن الاحتلال بالوصول إلى العبوات التي تزرعها المقاومة للجيش (الإسرائيلي) حيث شهدنا تفجير العبوات في عدد من الآليات بجنين وطولكرم ونابلس، لكن الاحتلال استعان بالسلطة لتفكيكها والقضاء عليها.
وأكد أن السلطة تعمل على تفكيك عبوات المقاومة التي زرعت للتصدي للجيش (الإسرائيلي) الذي يتوغل في مدن الضفة كجنين ونابلس، ما يعني أنها توفر الحماية المباشرة لقوات الاحتلال التي تقتل الفلسطينيين بدم بارد.
وانتقل فعل أجهزة السلطة من ملاحقة المقاومين إلى مرحلة تسليم المستوطنين الذين يدخلون مدن الضفة للاحتلال عبر ما يسمى "الإدارة المدنية" وأخيرًا إلى تفكيك عبوات المقاومة وإبطال مفعولها.
القضاء على المقاومة
قالت الكاتبة والناشطة السياسية لمى خاطر، :"إن أجهزة السلطة تحاول من خلال سياسة التنسيق الأمني القضاء على المقاومة في الضفة، ومنع تطورها من أجل توفير حماية كاملة للاحتلال".
وأكدت الكاتبة خاطر، أنه منذ شن الاحتلال حرب الإبادة على غزة، صعدت السلطة من ملاحقتها للمقاومة، بهدف منع تنفيذ عمليات ضد جنود الاحتلال والمستوطنين.
وأشارت إلى أنه بالتزامن مع العدوان على المحافظات الشمالية في الضفة، نشطت أجهزة السلطة في تفكيك عبوات المقاومة التي زرعت في الطرقات من أجل التصدي للجيش (الإسرائيلي).
وأضافت:" أجهزة السلطة عملت على تشويه صورة أفراد المقاومة والمطاردين للاحتلال، وتعتقل آخرين، وها هي اليوم تتصدي لعدوان الاحتلال على الضفة بتفكيك عبوات المقاومة".
وشددت الكاتبة خاطر على أنه رغم القبضة الأمنية للسلطة وجيش الاحتلال، إلا أن العمل المقاوم في الضفة بتصاعد كبير، قائلة :" سياسة السلطة وتخابرها مع الاحتلال ضد أبناء شعبها الذي يذبح ويقتل ويقصف بنيران الاحتلال ستفشل في القضاء على المقاومة".
تناغم مع الاحتلال
ورغم كل المطالبات الوطنية والشعبية لأجهزة السلطة الأمنية بوقف التنسيق الأمني وحملة الاعتقالات، لا سيما بالوقت الذي تتعرض الضفة لعدوان غاشم وحرب الإبادة في غزة، إلا أنها تضرب كل تلك المطالبات والمناشدات بعرض الحائط من أجل حماية أمن الاحتلال ومستوطنيه.
بدورها، قالت حركة (حماس)، :"إن استمرار أجهزة السلطة في الضفة في ملاحقة المقاومين ومصادرة سلاحهم وكشف وتفكيك العبوات هو تناغم مع الاحتلال".
ودعت (حماس) في بيان لها وصل الـ"الرسالة"، قيادة السلطة وحركة (فتح) إلى وقف ما سمّته "تغول الأجهزة الأمنية" على الشعب الفلسطيني ومقاومته، وإلى دعم جهود تحقيق الوحدة.
وأكدت أن استمرار أجهزة السلطة بالضفة في العمل ضد مقاومة شعبنا، وتصاعد حملاتها لملاحقة المقاومين ومصادرة سلاحهم وكشف وتفكيك العبوات والكمائن المعدة للتصدي للاحتلال خلال توغلاته المتواصلة لمدن وقرى الضفة، هو تناغمٌ فج مع الاحتلال، وسياسةٌ مدانة تضرب صلب نسيجنا الوطني.
واستنكرت الحركة، حملة الاعتقالات التي تشنها أجهزة أمن السلطة والتي تتركز حالياً بمحافظة نابلس، وتستهدف المقاومين والنشطاء والأسرى المحررين.
واعتبرت أنه في الوقت الذي يتصاعد فيه عدوان الاحتلال الغاشم على الضفة، تصر السلطة على استمرار ضرب حاضنتنا الداخلية والنسيج المجتمعي الفلسطيني، من خلال مواصلة الاعتقالات والملاحقات السياسية.
كما استنكرت حركة (حماس) حملات التشويه التي تهدف لاغتيال المقاومين والأسرى المحررين معنوياً عبر بث الإشاعات والتهم الملفقة بحقهم.