ما سر العداوة بين الجيش والبيوت؟

خاص| في جنين والخليل.. ثبات أسطوري بوجه جيش الخراب

الرسالة نت- خاص

يواصل الاحتلال عمليته العسكرية ،في الخليل وجنين، وتتواصل الاقتحامات في طولكرم، سط استبسال أسطوري من شباب المقاومة الذين يتصدون بجرأة وتنسيق عال المستوى، فيصب الجيش جام غضبه مستهدفا البيوت والطرقات والبنى التحتية.

تقدمت القوات البرية أكثر في ظل إسناد جوي، تحاول للمرة الألف أن تقتلع ما لا يقتلع، وتقابل المقاومة القتل بالولادة، والاعتقال بالخروج من بين الأنقاض، فيتجدد العهد من تلقاء نفسه، ولا زال هذاا الاحتلال الأحمق يحاول من جديد رغم أنه حصد اللا جدوى في كل مرة .

الخليل مغلقة منذ العملية التي تبنتها، منذ خمسة أيام تمنع القوات المواطنين من الدخول والخروج عند مدخل الفوار ولو مشيا على الاقدام، قبلها كان يسمح للمركبات الوقوف أمام البوابة حتى تقل المواطنين الخارجين، ولكنها الآن أيضا منعت.

وبنفس الصورة، بوابة حديدية وضعت أمام مدخل الجورة الرئيسي للمدينة ما جعل عائلات تكمل طريقها سيرا، تنتقل من سيارة أجرة إلى أخرى خارج الحاجز، ويوقف الحاجز كل السيارات على شارع ستين، وهو الذي يربط المستوطنات ببعضها ويمر بمدينة الخليل، كل شيء متوقف على الحواجز.

برج مراقبة يرصد القادمين، ويوقف المركبات، يصادر مفاتيحها، وتبقى في الشارع، يحاول أن يغير وعي المواطن ومعتقداته، يقول له لا جدوى من صمودك، فيرد عليه بمزيد من الصمود.

سائق اسعاف يعمل في الهلال الأحمر بشير  تواصل عمل الطواقم الطبية لكنها لم تحقق فيها سوى نتائج زهيدة، لأنها تدخل من طرق التفافية ومن حاجز إلى عاجز تعطلها قوات الاحتلال عن الوصول إلى المرضى في الخليل، خاصة عند مركز العملية الأخيرة التي قتلت ثلاثة جنود .

سلسلة أخرى من الإجراءات لقرية أذنا، اقتحمت القوات منزل الشهيد مهند الأسود منفذ عملية الخليل البطولية قبل أيام، للمرة الرابعة، تحاول أن تنتقم من عائلته، من حجارة بيوتهم، ومنازل أقاربه، مسحت هندسيا وأخذت أبعاد منزلهم تمهيدا للهدم، اعتقل ثمانية من أفراد العائلة وعائلات أخرى حتى وصل عدد الاعتقالات لــــ 130 شابا. 

احتجزت القوات شبانا وألقت قنابل مسيلة للدموع على المحلات التجارية، سرقوا البضائع وصادروا أجهزة كاميرات المراقبة، وتأكدوا بأن لا وجود لكاميرات قبل أن ينهالوا  على الباعة ضربا.

ضربت مسنة تحاول الانتقال من مخيم الفوار إلى قلب مدينة الخليل، ضرب الأطفال، و منذ سنوات طويلة لم تشهد الخليل هذا الاقتحام، بوابات منتشرة على كل المداخل، مداخل المخيمات والشوارع والحارات، لتزيد من معاناة المواطنين.

عدد الحواجز كان 104 قبل العملية الأخيرة، والآن 129 حاجزا، سياسة المرعوب في الدفاع عن نفسه، ضع حاجزا، اثنين، ثم مزيدا من الحواجز.

وفي جنين تعزيزات أخرى، وهدم متواصل، وبنظرة على دوار السنيما أكثر الأحياء اقتصادية وحيوية، ستجد الحجارة والجدران مدمرة بالكامل، ولا شكل للحياة فيه، بعد أن جرفته مدرعات الاحتلال، خلال ساعات الليل المتأخرة.

 لا بنى تحتية ولا خطوط ماء ولا صرف صحي، الشارع يربط أحياء مدينة جنين ببعضها، دمرت المحال التجارية على نواصي الدوار، جرفت المنازل بالقرب، حاولت الجرافات الهدم ما استطاعت،  أطلقت النار على المواطنين بشكل عشوائي فأصيب مواطن بجراح بالغة صباح أمس.

مساء أول أمس علقت سيارة تابعة للاحتلال في نفس المكان الذي جرفته المجنزرات، ثم دارت الاشتباكات بين الجنود والمقاومين اللذين فجروا عبوة ناسفة، ففر الجنود وباشروا من بعيد بإطلاق الرصاص على كل من يتحرك.

أطلقوا الرصاص على الصحافيين رغم أنهم يرتدون الدروع التي توضح مهمتهم. تخريب متعمد، وحصار مشدد، والمواطنون يقولون إنهم لم يسبق أن شاهدوا هذا الدمار، حتى خلال الانتفاضة، ولا حتى عملية ما يسمى إسراىيليا (السور الواقي) التي تمت عام 2002، الاحتلال يرتجف، يخاف من انتفاضة ثانية، ويحاول أن يقمع قبل أن يتطور الوضع إلى مقاومة لا يستطيع كبح جماحها، وكأنه لا يريد أن يتكرر المشهد، فتكبر المقاومة ولا يستطيع قتلها، تماما كذلك المشهد في غزة، الذي يحاول إبادته منذ أحد عشر شهرا ولا يباد.

في شارع نابلس في مدينة جنين أيضا دمرت المحال، جرفت الأراضي، ترجل الجنود واقتحموا البيوت يبحثون عن أي سلاح، منازل أهيلت كلها، بالقذائف أو الجرافات، يخاف الجنود من المنازل فيفجرون جدرانها وأبوابها، لا يستطيع الوصول إلى رجالها فيرعبون الأطفال والنساء.

في داخل المخيم عدد كبير من المرضى وكبار السن لا يستطيعون الوصول إلى المستشفى لأن الجنود يحاصرونه ويمنعون كل ذي حق من حقه في الحياة.

دمار ممنهج تشهده المدينة الآن، وكلما دمر جزءا جعل من الحجارة والردم سواتر يمنع من خلالها الناس من الحركة، ولا مجال للوصول الآن إلى مستشفى جنين الحكومي، أو وصول طواقم المستشفى إلى داخل المخيم لنقل المرضى!

معزول مخيم جنين، كما هي مدينة الخليل، ثمن يدفعه المواطنون من ثباتهم وصباحات سلامهم، يستقبلون العام الدراسي الجديد ولا يعرف أطفالهم طريقة للوصول إلى مدارسهم، ويختم المشهد امرأة تكنس أمام باب بيتها الذي دمر نصفه، وهي تبتسم وتقول" مش مهم، المهم شبابنا يضلوا بخير".

البث المباشر