قائد الطوفان قائد الطوفان

بعد الفيتو الأمريكي وسقوط حلفائه

تحليل: المصالحة الخيار الأنسب لعباس

غزة - مها شهوان- الرسالة نت

يرى محللون سياسيون أن عقارب الساعة باتت تسير ضد رئيس سلطة فتح محمود عباس وفريقه، خاصة عقب سقوط حلفاءه العرب، وصفعة الفيتو الامريكي الاخير على مشروع وقف الاستيطان في الضفة الغربية.

ويؤكد المحللون في أحاديث منفصلة مع "الرسالة نت " أن رئيس سلطة فتح المنتهية ولايته ليس أمامه من خيار سوى اللجوء إلى المصالحة وانهاء الانقسام كخيار وطني، واصفين تهديد عباس بحل السلطة بأنه مجرد قرار شكلي لا يعبر عن توجهه وفريقه الحقيقي.

حملة دبلوماسية

وفي سياق متصل يرى المحلل السياسي مؤمن بسيسو أن  المنطق الوطني السليم يقتضي بان يتوجه عباس نحو المصالحة واستعادة الوحدة الوطنية، لكن أشار إلى أن عباس لم يحد حتى اللحظة واجهته التي ينوي السير نحوها، في ضوء استمرار رهانه على الدور الخارجي خصوصا الأمريكي.

ويقول بسيسو: " عباس لم يحسم أمره بعد وإن كان هناك اتجاه متزايد ومضطرب في أروقة صنع القرار في رام الله بان "إسرائيل" وأمريكا قد تخلتا عنه وفريق التسوية"، مضيفا أنه من الضروري أن تنصب الأولوية في المرحلة المقبلة تجاه الشأن الداخلي الفلسطيني وإعادة وحدته.

وعلى الصعيد ذاته ذكر أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر مخيمر أبو سعدة أن عباس كان قد تحدث عن عدة خيارات منها الذهاب للمجلس الدولي لاستصدار قرار لإقامة الدولة وحل الاستيطان لكنه فشل، موضحا أنه من الضروري أن تعيد السلطة الآن سياستها تجاه "إسرائيل" بعد فشل الخيار السابق.

وشدد مخيمر على ضرورة اتباع عباس لمجموعة خطوات أهمها تفعيل مقاطعة "إسرائيل" من خلال منتجاتها الغذائية والصناعية وتطويرها فلسطينيا، والتلويح بوقف التنسيق الأمني، لافتا إلى انه في حال فشلت تلك الخطوات على السلطة المسارعة في وضع المجتمع الدولي في صورة الانتهاكات "الإسرائيلية" ضمن حملة دبلوماسية مكثفة.

وفي الوقت الذي تخلت فيه الإدارة الأمريكية عن رئيس سلطة فتح وفريقه قد يدور في ذهن البعض سؤالا هو: لماذا لا يلجأ الأخير لحلفاء جدد وفتح أفاق جديدة للسياسة الفلسطينية؟.

بسيسو بدوره أجاب على السؤال بالقول: "عباس شخص ضعيف لا يملك القدرة على اتخاذ قرارات استراتيجية كبرى، إضافة إلى أن البنية الفكرية والسياسية التي يعتمد عليها تتنافى تماما لاستدعاء أي خيار آخر مخالف لخيار التسوية الذي عاش عليه".

ولفت بسيسو إلى أن عباس يدرك انه  إذا ما نزل على خيار الوحدة سيدفع الثمن لاسيما أن الأوراق الدولية التي كان يراهن عليها قد سقطت في ظل التخلي "الإسرائيلي" والأمريكي عنه، "وهذا ما يؤلمه ويدفعه للتأني قبل حسم خياراته" كما قال.  

أما المحلل أبو سعدة فيرى أن عباس لا يستطيع أن يحظى بحلفاء جدد بعدما كان رهانه على الإدارة الأمريكية المتواطئة مع "إسرائيل" والاتحاد الأوروبي الغير قادر على إحداث أي تغيير، معلنا أنه آن الأوان لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني كأولوية لمواجهة "إسرائيل" .

تحقيق المصالحة

وتعيش الضفة الغربية حالة غليان نتيجة لممارسات سلطة فتح، لذا فإن البعض يرى أن عباس يمكنه الذهاب لإصلاح الشأن الداخلي لتهدئة الأوضاع بعدما فقد الأمل في أمريكا.

ويوضح أبو سعدة أن السلطة قدمت نقطة ايجابية بمبادرتها لإنهاء الانقسام، وكذلك دعوة فياض لإقامة حكومة وحدة وطنية، مبينا أن حماس الآن مطالبة بتقدم خطوة ايجابية لتحقيق المصالحة الوطنية.

إلا أن بسيسو يعتقد أن تركيز عباس يجب أن ينصب على ملف المصالحة وإنهاء الانقسام في المرحلة المقبلة. ويقول بسيسو: " يدرك رئيس سلطة فتح أن عقارب الساعة لا تسير في صالحه ،لاسيما بحكم التقارير التي تصل إليه بأن الضفة لا تعيش واقع مثالي كما كانت تخطط السلطة منذ زمن، لذلك فهو يخشى (أي عباس) تحول الملل لحالة من الحراك ضد السلطة في ظل انسداد أفق التسوية والتنسيق الأمني".

وكما هو معتاد فإن عباس يلجأ لا صدار قرارات جديدة، حل فشلت خياراته، ومؤخرا هدد بحل السلطة.

وفي هذا السياق يرى بسيسو أن حل السلطة أحد الخيارات التي يستخدمها عباس كأداة ضغط على "إسرائيل" وأمريكا والمجتمع الدولي الذي منح السلطة الغطاء ورعاها وقدم لها التمويل لتبقى رغم كل العناصر التي وقفت ضد استمرار مشروع السلطة طيلة المرحلة الماضية، مشيرا إلى أن خيار حل السلطة هو شكلي ليس أكثر ولا يعبر عن توجه حقيقي لدى عباس وفريقه.

ويقول:" عباس يدرك أن السلطة هي مشروع إسرائيلي أمريكي دولي، لذلك هي ملزمة بتوجهات سياسية وأمنية وبقائها مرهون بحفظها للأمن الإسرائيلي"، متابعا "عباس لا يريد أن ينهي حياته كعرفات عبر الاغتيال تحت أي ظرف كان، وسيركز على المصالحة ليشكل مخرجا يتم من خلاله إنهاء حياته السياسية بشكل مشرف".

ويتفق  أبو سعدة مع سابقه بأن حل السلطة ليس أمرا جديا لان السلطة لا تستطيع حماية شعبها بنفسها، مشيرا إلى ضرورة تفعيل الخيارات التي تعمل على استعادة اللحمة الوطنية قبل الذهاب لحل السلطة.

وهكذا يستمر مسلسل التسوية الذي يلعب بطولته محمود عباس المرتمي في الأحضان الأمريكية والإسرائيلية رغم تخليهما عنه، فيما تظل حاشيته تدفعه به نحو مشروع محكوم عليه بالفشل، لينطبق عليهم المثل القائل :" التم المتعوس على خايب الرجا".

 

البث المباشر