قائد الطوفان قائد الطوفان

الشهيدة هبة أبو حلاوة

لماذا يخاف الجنود من فتاة تقف أمام بيتها؟

الشهيدة هبة أبو حلاوة
الشهيدة هبة أبو حلاوة

خاص- الرسالة نت


كانت هبة حلاوة، الصبية العشرينية، فتاة حذرة، تخاف من صوت الرصاص، وتحاول إقفال الأبواب والنوافذ فور سماعها صوت عربات جيش الاحتلال الإسرائيلي تخترق الحواري الضيقة من مخيم طولكرم شمالي الضفة الغربية المحتلة، ولكن وقوفها أمام الباب كان مفزعا، لجيش تعود أن يلاحق الفاريين، ويجهز على الواقفين في طريقه! سواء كانوا أطفالا، أو شبابا مقاتلين، أو حتى فتاة.
هذه المرة تصرفت هبة بشكل يتعارض مع طبيعتها، وكأنها ليست هي كما تقول أمها:" طبيعتها كانت تخاف، كانت تناديني فورا وتدخلني إلى المنزل وتغلق الباب، وتمنع أحدا من الخروج أو الوقوف على النوافذ خوفا، ولكنها هذه المرة تصرفت بشكل مختلف".

تضيف:" ارتدت ملابسها، وخرجت لتقف أمام الباب، على غير طبيعتها، التفتت يمينا، وحينما التفتت يسارا سقطت، وارتقت فورا، وحينما حملها شقيقها مصطفى بين يديه، محاولا أخذها لأقرب مستشفى أو البحث عن سيارة إسعاف،  أطلق الجنود النار عليه، فسقط وأصيب في قدمه".
تركض الأم تجاه الجثمان الممدد بين الرصاص المتناثر، تسحب ابنتها من قدميها، تخاف أن تدوسها سيارات الجنود التي بدأت تتحرك نحوها، تقفز هلعا وحزنا،  لا تقدر، تصرخ:" ابنتي"  يتطوع أحد الشبان بسحبها معها ووضعها على جانب الطريق بعيدا عن الرصاص الذي يزدحم فوقهما باحثا عن فريسة جديدة.

تتساءل الأم:" ما الذي فعلته ابنتي؟! سألت نفسي كثيرا، ولماذا نزلت عليها السكينة في ذلك اليوم بالذات، ووقفت أمام الباب في تحد لصوت الرصاص وخطورة الشارع، لقد حزنت عليها، بكيت أنا وأبوها بكاء كثيرا على ابنتنا الأحن والأكثر هدوءا، لقد وهبنا الله هبة ثم انتقاها للشهادة، ونحن لسنا أفضل من أهل غزة، لقد أكرمها الله بالشهادة، سأشتاق لها، لكن أنا مطمئنة لأنها بالجنة ومبروكة على رب العالمين ".
ثم حين ودعت العائلة هبة زغردت الأم، أرسلت قبلاتها في الهواء وهي تردد " حبيبتي يا هبة" وكأنها حسرة معلقة على الباب، حيث أحاطت العائلة مكان استشهادها بالحجارة، مرصوصة كسور حول الدماء لتذكرهم بالثأر للصبية التي لم تكمل الثانية والعشرين.

قصة هبة واحدة من ست قصص، لشهداء ارتقوا في اقتحام مدينة طولكرم ضمن سلسلة من التصعيدات الإسرائيلية المستمرة في الضفة الغربية، التي شهدت أخيرًا اقتحامات واعتداءات واسعة في مختلف المدن الفلسطينية.
ثم انسحب الاحتلال فجر اليوم، وخرج أهالي طولكرم لتشييع شهداءهم، جثامين خمسة شهداء في مخيمي طولكرم ونور شمس، الذين استشهدوا برصاص الاحتلال الإسرائيلي وصواريخه خلال عدوانه على المدينة ومخيميها، إضافة لاثنين من المرضى استشهدوا داخل بيوتهم نتيجة الحصار والمنع من التنقل والوصول إلى المستشفيات.
يذكر أن قوات الاحتلال قد اقتحمت مدينة طولكرم ومخيمَيها أول أمس، وقد أدى إلى استشهاد الشاب أحمد مجدوبة (24 عامًا) والفتاة هبة حلاوة، في اليوم الأول، وإصابة عشرة آخرين بجروح متفاوتة، ثم ارتقى أربعة غيرهم في اليوم الأخير، واليوم خرج الأهلي ليتفقدوا شوارع المخيم وحواري المدينة التي تركتها القوات مجرفة مهدمة مليئة بحجارة ردم البيوت، وكأنها تتكلم لتقول:" هذه آثار أكثر جيش يتقن القتل في هذا التاريخ ".

البث المباشر