تلوح بالأفق جملة من الأزمات الاقتصادية في دولة الاحتلال (الإسرائيلي)، في حال اتساع جبهة النار في الشمال مع حزب الله اللبناني. ويكثر الحديث في الإعلام العبري خلال الفترة الحالية عن المخاطر الكبيرة والآثار الكارثية على الاقتصاد، في حال امتداد الأحداث على الجبهة الشمالية إلى حرب مفتوحة. وتشير البيانات المالية لمؤشرات قاتمة حول اتساع العجز المالي، وارتفاع أعباء الديون وهروب رؤوس الأموال إلى الخارج، بعد عام من الحرب مع قطاع غزة، نجحت فيه المقاومة الفلسطينية في جر جيش الاحتلال لحرب استنزاف دون القدرة على حسم المعركة.
** هشاشة نقدية
صحيفة كالكاليست الاقتصادية العبرية، توقعت أن يطرأ مزيد من التآكل على قيمة الشيكل بفعل تواصل هروب رؤوس الأموال. وتحدثت الصحيفة عن اتساع الفجوة بين قيمة الفائدة في الولايات المتحدة ودولة الاحتلال أفضى إلى ما أسمته معاناة (إسرائيل) من "هشاشة نقدية". ولفتت إلى أن الشيكل "الذي كان يعد من أقوى العملات في العالم يفقد قيمته ويصبح هشاً".
وفي الوقت الذي سارت فيه بنوك العالم نحو تخفيض الفائدة، أسوة بالبنك المركزي الأميركي، أبقى بنك إسرائيل على الفائدة دون تغيير بسبب ارتفاع معدل التضخم من 3.2% إلى 3.6% على أساس سنوي.
ويتطلع بنك إسرائيل من الإبقاء على الفائدة إلى تشجيع المستثمرين الأجانب على الاستثمار في السوق الإسرائيلي، خصوصا في ظل هروب مليارات الدولارات في ظل الحرب الحالية. ولعل ارتفاع معدل الفائدة في إسرائيل على عكس الكثير من دول العالم، أدى إلى تقلص فرص العمل وزيادة معدلات البطالة وخفض معدلات النمو.
وذكرت بيانات (إسرائيلية) رسمية أن المؤسسات العاملة في دولة الاحتلال حوّلت إلى الخارج أموالاً تصل إلى نحو 151 مليار شيكل منذ بداية معركة طوفان الأقصى في أكتوبر الماضي. ورغم الفائدة المرتفعة، للحفاظ على قوة الشيكل، إلا أن النتيجة مغايرة، حيث يشهد الشيكل انخفاضا أمام العملات الرئيسية خلال الأسابيع الماضية، ليبلغ صباح الاثنين 3.78 أمام الدولار. ويأتي الانخفاض على الشيكل في ظل حالة انعدام اليقين التي تكرّست في الأسواق بفعل تواصل الحرب واتساعها.
** عكس الاتجاه
وقال مودي شفرير، كبير الاستراتيجيين في بنك هبوعليم، في حديث لصحيفة غلوبس العبرية: "رغم قرار البنك الفيدرالي الأميركي، الأسبوع الماضي، خفض قيمة الفائدة نصف في المائة كان يفترض أن يقوي قيمة الشيكل، إلا أن العكس تماماً هو ما حصل، لأن استمرار الحرب هو العامل صاحب التأثير الأكبر على سعر صرف الشيكل مقابل الدولار".
وتوقعت صحيفة ذي ماركر المالية العبرية أن يفضي اندلاع حرب واسعة مع حزب الله إلى اضطرار الحكومة إلى تجاوز إطار الميزانية العامة عبر منح الجيش المزيد من المخصصات المالية، فضلاً عن دفع المزيد من الاستثمارات الأجنبية للهروب، وما يتبعه من تعميق الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها.
صحيفة "ذي ماركر" العبرية قالت إن حكومة نتنياهو منحت الجيش 100 مليار شيكل بعد اندلاع الحرب على قطاع غزة، متوقعةً تقديم مزيد من المخصصات المالية للجيش في أعقاب حرب على الحدود الشمالية. وأوضحت الصحيفة أن المزيد من المخصصات المالية للجيش يعني أن حكومة اليمين المتطرف ستكون مضطرة إلى إحداث تقليصات على النفقات الحكومية بشكل كبير.
وحذرت الصحيفة من أن اندلاع حرب في الشمال سيفضي إلى تكريس أزمة الثقة بين إسرائيل والمستثمرين الأجانب، مما يفاقم الأزمات الاقتصادية. وتدفع الضغوط المالية حكومةَ الاحتلال نحو اتخاذ خطوات من شأنها زيادة الضرائب وتقليص الإنفاق العام.
ووفق مسودة أعدتها وزارة المالية، فإن هناك 22 مقترحاً لما وصفتها بالإصلاحات تطاول مجالات العقارات، وأنظمة الصحة والتعليم، والنقل، وإلغاء جهات حكومية، وتقصير الأسبوع الدراسي إلى خمسة أيام، فضلاً عن خصخصة ميناء أسدود لتوفير موارد مالية للعام المقبل 2025، وفق تقرير لصحيفة يديعوت أحرونوت.
وتجدر الإشارة إلى أن حجم العجز المالي لـ (إسرائيل)، بدأ يرتفع تدريجيا في أبريل الماضي، ليبلغ 7% من الناتج المحلي الإجمالي على أساس سنوي. وفي أغسطس الماضي، استمر العجز في الارتفاع ليصل إلى 8.3% من الناتج المحلي الإجمالي، حسب بيانات وزارة المالية (الإسرائيلية).