مع اقتراب دخول معركة "طوفان الأقصى" عامها الأول، لا تزال المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها كتائب القسام تبدع في التصدي لجيش الاحتلال في كافة محاور القتال بقطاع غزة.
ومؤخرا نجح القسام في ضرب جيش الاحتلال وإجباره على الاندحار يجر خيبة آلياته التي حطمها القسام في المناطق الشرقية لمدينة خانيونس بعد توغله لمنطقة "الفخاري".
ونصبت القسام كمينا محكما لآليات الاحتلال، والذي نفذ على ثلاث مراحل، ما يدلل على قدرة الكتائب على المناورة في أرض المعركة من خلال الرصد والتخطيط ثم تنفيذ الكمين.
وبثت كتائب القسام مشاهد لكمين مركب نفذ على بُعد أقل من كيلومتر من الخط الزائل مع أراضينا المحتلة عام 48 ضد جيش الاحتلال في منطقة الفخاري شرق محافظة خانيونس جنوب قطاع غزة.
** كمين الفخاري
وأظهرت المشاهد اشتعال النيران بآليات جيش الاحتلال من أنواع مختلفة، وسيطرة مقاتلي القسام على معدات عسكرية في الكمين الذي حمل اسم "تجديد العهد والبيعة".
ونفذ الكمين على 3 مراحل وتضمنت مرحلته الأولى استهداف آلية هندسية ودبابة "ميركافا 4″ وجرافة عسكرية من نوع "دي 9"، كما تضمنت المرحلة الثانية استهداف دبابة "ميركافا" وناقلتي جند وجرافتين من نوع "دي 9" وتفجير حقل ألغام في قوة هندسية، في حين استهدفت دبابة "ميركافا 4" وجرافتين عسكريتين من طراز "دي 9" بالمرحلة الثالثة.
وأظهرت المشاهد رصد طائرات جيش الاحتلال وهي تنقل القتلى والجرحى من مكان الكمين، فيما أظهرت مشاهد آخرى سحب الآليات عددا من دبابات الاحتلال إلى المناطق الحدودية.
وقال أحد عناصر القسام الميدانيين، "إن الكمين جاء (ثأرا لدماء الشهداء ولكل من وقف مع غزة)، وخص بالذكر الشهيد الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله الذي اغتالته الاحتلال في 27 سبتمبر في قلب الضاحية اللبنانية.
ومنذ توغل جيش الاحتلال ب٢٧ أكتوبر الماضي، عمل القسام على نصب كمائن محكمة وناجحة ضد جيش الاحتلال في شوارع وأزقة قطاع غزة، كبّدته خسائر بشرية كبيرة فضلا عن تدمير مئات الآليات العسكرية وإعطابها جراء الاشتباك مع الجيش (الإسرائيلي) من نقطة الصفر.
**القسام تكيف مع الميدان!
الخبير في الشأن العسكري اللواء واصف عريقات، يرى أن كتائب القسام تمكنت خلال عام من معركة "طوفان الأقصى" التكيف مع ظروف الميدان، ونصب الكمائن وتطويرها في ساحات القتال المختلفة.
وقال عريقات في حديث ل"الرسالة" إن الكمائن التي تنفذها القسام والمقاومة في غزة تكشف قدرة رجال المقاومة على التحرك في الميدان ونصب الكمائن على الرغم من استخدام الاحتلال أجهزة الرصد والمراقبة من الطيران.
وأوضح أن كمين "الفخاري" الذي نفذه القسام شرق خانيونس ينسف رواية الاحتلال بأنه استطاع تفكيك قدرات المقاومة والقضاء على أنفاق "حماس"، مضيفًا: "هذه الكمائن تبرهن كذب ادعاءاته بالقضاء على ألوية القسام القتالية في وقت تسطر فيه المقاومة بميدان المعركة بطولات تفاجئ الاحتلال".
وأكد عريقات أن القسام اعتمد على مراقبة تحركات الاحتلال عن كثب، ثم يقوم بتحليل المعلومات وتشكيل تصور دقيق للكمين، مما يسهم في تنفيذ عمليات كمائن ناجحة.
***رسائل كمين "الفخاري"!
وحسب الخبير العسكري، فإن كمين "الفخاري" الذي نفذته القسام حمل عددا من الرسائل العسكرية، خاصة بتوقيته الذي يتزامن مع الذكرى الأولى لمعركة "طوفان الأقصى".
ووفق عريقات الذي تحدث ل"الرسالة، فإن أول رسالة للكمين هي أن المقاومة وعلى رأسها كتائب القسام هي من تمتلك زمام الميدان والقتال بعد عام من الحرب المسعورة على غزة، وتوغل الجيش لمعظم مناطق القطاع.
والرسالة الثانية، هي أن المقاومة تمتلك شبكة أنفاق وقدرات عسكرية تمكنها من الاستمرار في الحرب لشهور وأيام قادمة، كذلك "الكمين" يعزز رواية القسام بأن شبكة أنفاقها لا تزال بخير حتى تلك القريبة من الحدود مع الأراضي المحتلة والتي زعم الاحتلال أنه قضى عليها، حسب عريقات.
وتستمر كتائب القسام مع باقي فصائل المقاومة في قطاع غزة، بالتصدي للعدوان الإسرائيلي على القطاع في يومه الـ360 على التوالي، موقعةً القتلى والجرحى في صفوف جيش الاحتلال من خلال عملياتٍ عسكرية متنوعة بين الكمائن وعمليات القنص والاشتباكات المباشرة.
** كشف كذب نتنياهو
المحلل السياسي ساري عرابي، يرى أن كمائن المقاومة وعلى رأسها كتائب القسام وأخرها كمين "الفخاري" تكشف زيف رواية جيش الاحتلال التي يروجها للجمهور الإسرائيلي بأنه تمكن من تفكيك قدرات حماس العسكرية.
وأوضح عرابي في حديث ل"الرسالة" أن كمين "الفخاري" أصاب جيش الاحتلال في مقتل وأوقع حكومة الاحتلال في حرج كبير أمام الجمهور الإسرائيلي الذي بدأت تعلو أصواته ومطالبه بوقف الحرب.
وأشار إلى أن لهذا الكمين اعتبارات سياسية كثيرة، أولها بأن المقاومة هي صاحبة الكلمة وأن ضغوط الاحتلال التي مارسها على غزة فشلت عسكريا وسياسيا.
ووفق عرابي، فإن كمين " الفخاري" أوصل رسالة واضحة لحكومة الاحتلال بأنه لا يمكن القضاء على المقاومة، وأن الطريقة الوحيدة للإفراج عن الأسرى الإسرائيليين هي التفاوض وقبول شروط المقاومة، خاصة في ظل اشتعال الجبهة اللبنانية وعدم قدرة الاحتلال على تحقيق أي هدف عسكري أو سياسي.
ويشن جيش الاحتلال منذ 7 أكتوبر الماضي ٢٠٢٣، حرربا مدمرة في غزة خلفت أكثر من 137 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.
** رمزية كمين "الفخاري"
بدروه، قال الخبير العسكري والاستراتيجي، اللواء فايز الدويري، إن كمين كتائب القسام، ضد قوات وآليات الاحتلال شرقي خانيونس حمل رمزية مكانية وزمانية ورسائل محلية وإقليمية، مفادها أن “شهر أكتوبر” يعود ولم تتأثر قدرات المقاومة وهي تضرب متى تشاء وأينما تشاء.
وأوضح الدويري، خلال فقرة التحليل عبر قناة الجزيرة، أول أمس الخميس، أن الكمين وقع في منطقة الفخاري، وهي بلدة عصية على جيش الاحتلال رغم أن معظم مبانيها دمرت بسبب القصف الجوي والمدفعي المكثف.
وأكد أن مكان وقوع الكمين حمل رمزية ورسائل مهمة، حيث أنه وقع على مسافة كيلومتر واحد من السياج الفاصل، إلى جانب رمزية التوقيت بعد أشهر عدة من تدمير خان يونس وبنيتها التحتية.
ولفت الدويري إلى أن أولى الرسائل موجهة إلى رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، مفادها: "أنك لن تستطيع تقديم خطاب النصر بذكرى 7 أكتوبر/تشرين الأول".
وحسب الدويري فإن الرسالة الثانية الذي حملها الكمين، هي لداعمي نتنياهو ومعارضيه، مضمونها "عليكم التوقف لأنه يقودكم إلى الهاوية ولا تحلموا بعودة المستوطنين شمالًا وإطلاق الأسرى جنوبًا".
ونوه الخبير العسكري إلى أن الكمين تضمن رسالة عربية مفادها بأن "الدم الفلسطيني واللبناني واحد بعد اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله"، ورسالة لمقاتلي حزب الله باستهداف الآليات لجيش الاحتلال مثلما فعلت القسام في غزة على مدار عام.
وأكد الدويري، أن عمليات المقاومة والاستنزاف مستمرة طالما بقى جيش الاحتلال داخل قطاع غزة.
***المسافة الصفرية
وجدد الدويري تأكيده على أن فرصة المقاومة بعد عام من القتال هي "المسافة الصفرية"، وتتحقق إما بدخول قوات جيش الاحتلال أو تنفيذ عمليات إغارة ضد القوات المتموضعة في غزة.
واستدل الخبير العسكري، بمشاهد القسام الأخيرة شرقي رفح وخانيونس، إضافة إلى هجوم عشرات المقاتلين على نقاط لجيش الاحتلال في "محور نتساريم" تزامنًا مع الهجوم الإيراني الثاني على الاحتلال الثلاثاء الماضي.
وتطرق الخبير العسكري إلى عمليات إعادة التأهيل بشريًا وماديًا لفصائل المقاومة عبر تجنيد مقاتلين جدد أو الاستخدام المباشر لمخلفات الاحتلال أو إعادة تدويرها بالهندسة العكسية.
وفي استهانة بالمجتمع الدولي، يواصل جيش الاحتلال الحرب على قطاع غزة متجاهلا قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.