لأكثر من أسبوعين، يستمر جيش الاحتلال(الإسرائيلي) في حملة تطهير عرقي ضد سكان مخيم جباليا في شمالي غزة والأحياء المحيطة به.
ولم تكتفِ (إسرائيل) بحرب الإبادة والتجويع التي تشنها ضد قطاع غزة منذ أكثر من عام وسط صمت وتخاذل دولي وعربي وإسلامي، لتبدأ حملة التطهير العرقي في مخيم جباليا، والذي يعتبر قلب شمال غزة وأكثر مناطقه حيوية.
وتدرك (إسرائيل) أن سقوط مخيم جباليا سيسهل المهمة في حملة التطهير العرقي للأحياء المجاورة، وهو ما يدركه أيضا سكان المخيم الذين يصمدون وسط حرب التجويع وتحت القصف والقذائف التي تنهال عليهم من كل اتجاه.
** جنون وإبادة
المواطن محمد زكريا المحاصر في مخيم جباليا، يؤكد أن اتصاله الذي أجراه مع مراسل "الرسالة نت" بصعوبة بسبب قطع الاتصالات والإنترنت، ربما يكون الأخير بسبب احتمالية ارتقائه شهيدا في ظل القصف الكثيف من حولهم.
وقال محمد إن أصوات القصف وإطلاق القذائف والطيران المسيّر يشتد يوما بعد الآخر، واصفا ما يحدث بالجنون والكثير من المجازر.
وأشار إلى أن جيش الاحتلال يسيّر روبوتات تحمل براميل متفجرة في أحياء وشوارع مخيم جباليا وخصوصا في المناطق الغربية للمخيم، وينسف مربعات سكنية كاملة رغم علمه بوجود مواطنين محاصرين في هذه المنازل، وهو ما خلّف عشرات الشهداء والإصابات دون قدرة الدفاع المدني والإسعاف على الوصول لهم.
وأوضح محمد أن أغلبية المواطنين محاصرون بالمنازل، ومن يخاطر ويخرج من البيت لجلب الماء أو الطعام تستهدفه طائرات كواد كابتر بشكل مباشر، حتى ولو كانوا أطفالا أو نساءً.
ولفت إلى أن العديد من جثث الشهداء منتشرة في الشوارع، ويراها من بعيد أغلبية المواطنين، ومن يحاول الاقتراب منها لانتشالها يطلق عليه النار بشكل مباشر من القناصة والكواد كابتر.
في حين، أكد المواطن عبد القادر شقورة أن الاحتلال (الإسرائيلي) يقصف بأطنان من المتفجرات مربعات سكنية كاملة فوق رؤوس ساكنيها، ويرتكب المجازر التي تخلّف عشرات الشهداء.
وقال شقورة إن العديد من المجازر جرت وخصوصا في الأيام الأخيرة، أهمها في الفالوجا وتل الزعتر ومنطقة الشهداء الست.
وأوضح أن الوضع داخل مخيم جباليا كارثي، حيث لا مياه صالحة للشرب، وصعوبات كبيرة في توفير الطعام الذي نفد في العديد من المناطق وخصوصا عند المحاصرين في المناطق الغربية.
وشدد شقورة أن أصوات الاشتباكات بين المقاومين وجيش الاحتلال تسمع بوضوح، وهو ما يدلل على سلامة المقاومة التي تثخن في العدو وتوقع فيه القتلى والجرحى.
ونوّه إلى أن جميع المواطنين في شمال غزة لسان حالهم يقول: "لن نخرج من مخيم جباليا.. ننتصر أو نموت، فلا رحيل عن المخيم ولا نكبة أخرى بالتهجير".
** حرب إبادة
وفي بيان صادر عن المكتب الإعلامي الحكومي، أكد أن جيش الاحتلال (الإسرائيلي) يواصل حرب إبادة واستئصال في مخيم جباليا بمحافظة شمال قطاع غزة.
وقال المكتب الإعلامي إن آخر جرائم جيش الاحتلال في مخيم جباليا كانت بارتكاب مذبحة راح ضحيتها 33 شهيداً بينهم 21 امرأة، في وقت متأخر من مساء الجمعة.
وأوضح أن العدد مرشح للزيادة وقد يصل إلى 50 شهيداً بسبب وجود العديد من الشهداء تحت الأنقاض وتحت البنايات التي قصفها الاحتلال فوق رؤوس ساكنيها المدنيين، وكذلك أوقعت المذبحة أكثر من 85 مصاباً بينها إصابات خطيرة.
وبيّن أن جيش الاحتلال ارتكب هذه المجزرة عندما قصف عدة منازل تعود لعائلات الحواجري ونصار وأبو العيش في مخيم جباليا، بغطاء كامل من الإدارة الأمريكية ومن بعض الدول الأوروبية مثل المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا وغيرها من الدول المشاركة في الإبادة الجماعية والتطهير العرقي.
وشدد المكتب الإعلامي على أن هذه الجريمة الجديدة تأتي بالتزامن مع انهيار الواقع الصحي في محافظة شمال قطاع غزة والتي يقطنها حالياً قرابة 400 ألف إنسان.
ولفت بيان المكتب إلى أن الاحتلال يهدد المستشفيات ويطالب بالإخلاء لإيقاع أكبر قدر ممكن من القتل والإبادة الجماعية، "كما ويمنع الاحتلال من وصول الوقود إلى هذه المستشفيات، وقطع الاتصالات والانترنت عن المنطقة وهذا ما تسبب بحدوث كارثة حقيقية".
وأدان المكتب في بيانه، الانزلاق الأخلاقي لدول العالم التي تشاهد وتراقب بصمت جريمة الإبادة الجماعية ضد شعبنا الفلسطيني، وخاصة ما يجري حالياً في مخيم جباليا بمحافظة شمال قطاع غزة.
وحمّل المكتب الإعلامي، الاحتلال (الإسرائيلي) والإدارة الأمريكية والمملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا والدول المشاركة في الإبادة الجماعية؛ كامل المسؤولية عن استمرار جريمة الإبادة الجماعية وخاصة حرب التطهير العربي والإبادة في مخيم جباليا واستمرار ارتكاب هذه المجازر ضد المدنيين في قطاع غزة.
وطالب المجتمع الدولي وكل المنظمات الأممية والدولية إلى الضغط على الاحتلال لوقف الإبادة الجماعية في مخيم جباليا ولوقف التطهير العرقي ضد شعبنا الفلسطيني، ولوقف شلال الدم المتدفق في قطاع غزة