لليوم الـ 400 على التوالي يواصل جيش الاحتلال (الإسرائيلي) حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، مستخدمًا شتى الأسلحة الفتاكة لقتل المدنيين وأساليب الحصار والتهجير لدفع الفلسطينيين إلى ترك منازلهم وأحيائهم.
وأجبر العدو أكثر من 70% من الفلسطينيين على النزوح إلى المناطق الجنوبية لقطاع غزة، في ظل ظروف إنسانية قاسية وصعبة بالتزامن مع قصف الاحتلال لخيام ومراكز النزوح التي لجأ إليها المدنيون العزل.
فيما لا يزال نحو 400 ألف مواطن صامد في شمال القطاع، يتعرضون منذ 36 يومًا لحرب إبادة تجويع وحصار خانق ومنع إدخال الغذاء والدواء والمياه.
وعلى الرغم من حرب الإبادة التي تمارس على الفلسطينيين في غزة، الذي يشاهدها العالم الغربي والعربي، إلا أن شعبنا الفلسطيني لا يزال مستمسكًا بأرضة يرفض شروط الاحتلال النازي، ويحتضن المقاومة التي ما زالت تقارع المحتل في شوارع مخيم جباليا وبيت لاهيا ورفح وكل بقعة في القطاع المحاصر.
ووفق وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، استشهد منذ بدء العدوان "الإسرائيلي" على القطاع 43508 مواطنين، فيما وصل عدد المصابين إلى 102684، كما أن 72% من الضحايا هم من النساء والأطفال.
متشبثون بأرضنا!
ومنذ 400 يوم يعيش معظم الفلسطينيين عملية نزوح مستمر من مكان لآخر بسبب عدوان الاحتلال، وبات الجميع يدرك صعوبة النزوح في ظل شح الإمكانيات وحرب التجويع وتعطل الخدمات الأساسية كالرعاية الأولية والنقص الحاد في الخيام التي تؤوي النازحين، إلا أن الفلسطيني النازح لا يزال يسطر أروع المواقف بالصمود والتشبث بأرضه.
فالمواطن أبو أحمد المصري الذي يجلس على باب خيمته التي انشأها من الخشب والنايلون، يقول: "مر 400 يوم والاحتلال يتغول على الفلسطينيين ويمارس كل وسائل القتل بحقنا والعالم يشاهد ذلك لإجبارنا على الاستسلام لكن هذا لن يحدث".
ويضيف المصري الذي يبلغ من العمر (63 عامًا) ولديه 5 من الأبناء بينهم إثنان من ذوي الاحتياجات الخاصة في حديث لـ"الرسالة": "يظن الاحتلال أنه يستطيع أن يرضخ الفلسطيني وإجباره على ترك أرضه، لكن الذي لا يعلمه أننا متشبثون بأرضنا على الرغم من سياسة القتل والدمار التي تمارس بحق غزة".
ويوضح أن الفلسطينيين النازحين في الخيام يعانون من أوضاع قاسية وصعبة لا تخفى على الجميع لكن بنفس الوقت نحن صامدون، "صحيح أننا أجبرنا على النزوح من الشمال إلى الجنوب، لكننا لا زلنا في أرضنا ولن نرضخ لشروط الاحتلال بالتهجير أبعد من ذلك مهما كلفنا من ثمن".
ويختم المواطن المصري حديثه: "سنبقى هنا صامدون متشبثون في أرضنا، وسنعون إلى شمال القطاع رغمًا عن أنف الاحتلال ومخططاته الخبيثة بحق أبناء شعبنا".
وأجبر الاحتلال مئات آلاف الفلسطينيين على النزوح من شمال غزة تحت القصف المدفعي والحربي والتوغل البري إلى المناطق الجنوبية للقطاع، في مناطقة زعمت "إسرائيل" بإنها آمنة، لكن النازحين لم يسلموا من قصف الخيام ومراكز النزوح والإبادة في حقهم، بالتزامن مع حصار خانق يفرض على المناطق الجنوبية أسوه بالمناطق الشمالية.
رغم الألم صامدون!
أما المواطنة ختام البلبيسي التي تبلغ من العمر (53 عامًا)، بدأت حديثها لـ"الرسالة" عن معانتها وعدم توفر العلاج المناسب لطفلتها "ضحى" في المستشفيات في جنوب القطاع، وذلك جراء منع الاحتلال إدخال الأدوية ومنع سفر المصابين لخارج القطاع منذ بدء حرب الإبادة على قطاع غزة.
وتضيف المواطنة البلبيسي وهي والدة الطفلة "ضحى" التي تعرضت لإصابة بشظية في منطقة الرأس جراء قصف الاحتلال خيام النازحين في منقطة مواصي خانيونس قبل 3 شهور،: "منذ بداية الحرب ونحن نعاني من الحرب والقتل والتجويع والدمار، ناهيك أننا نزحنا أكثر من مرة وتعرضنا للقصف مرات عديدة لكن ما زلنا صامدين".
وتوضح المواطنة المتواجدة في مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح وسط القطاع: "الاحتلال يمارس بحق الفلسطينيين أبشع أنواع الإبادة والعالم كله ساكت ومتفرج ولا يحرك ساكنا.. بدهم يهجرونا من أرضنا لكن كل محاولاتهم ستفشل أمام عزيمة وصلابة شعبنا".
ومنذ بدء حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، تعمد جيش الاحتلال استهداف المستشفيات والمراكز الطبية واوقفها عن العمل من أجل ترك الفلسطينيين بدون دواء وعلاج لإجبارهم على الرضوخ لشروطه.
سنقاوم المحتل!
"راح نقاوم المحتل حتى آخر قطرة دم فلسطينية في غزة".. بهذه العبارة عبر الشاب شادي الصليبي في حديثه أثناء نقاش دار بين المواطنين وهم يتنقلون عبر وسيلة "توكتك" في دير البلح وسط القطاع.
ويرى الشاب الصليبي الذي يبلغ من العمر "35 عامًا" في حديثه لـ"الرسالة" أن الاحتلال يمارس التضييق والحصار على الفلسطينيين لإجبارهم على التخلي عن فكرة المقاومة والانتقام منهم لما حدث في السابع من أكتوبر 2023.
ويضيف: "يظن الاحتلال والعالم بأننا سنترك أخوتنا وأبناء شعبنا المقاومين ونتخلى عنهم.. لكن لا الذي لا يعرفه المحتل أن كل فلسطيني صامد هو مقاوم حتى أطفالنا".
وتابع الشاب الصليبي: "العائلة التي تجلس في خيمتها والشاب الذي يعالج في المستشفى والأم التي تقف في طابور المياه والأخرى في انتظار المساعدات فهم جميعهم مقاومون لأنهم ما زالوا متمسكين في حقوقهم المشروعة ولم يرضخوا لشروط الاحتلال".
ومنذ 400 يوم يواصل جيش الاحتلال وحكومته المتطرفة مجازرها البشعة بحق المدنيين في غزة، متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهاء الحرب فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.