قالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني، في إطار استمرار متابعة قضية معتقلي غزة، أن الطواقم القانونية نفّذت زيارات لنحو 30 معتقلا من غزة في سجني (النقب وعوفر)، وقد جرت في السادس والسابع من نوفمبر الجاري، حيث تشكّل قضية معتقلي غزة التحدي الأبرز أمام المؤسسات المختصة مع استمرار جريمة الإخفاء القسري، التي طالت الآلاف من معتقلي غزة في ضوء حرب الإبادة المتواصلة منذ أكثر من 400 يوم.
وأوضحت الهيئة والنادي، أنّ هذه الزيارات تتم في ظروف صعبة وقيود مشددة، والتي شملت عددا من الطواقم الطبيّة الذين جرى اعتقالهم من مستشفى الشفاء في غزة، سواء من اعتقلوا داخل المستشفى أو عبر ما تسمى (بالممرات الآمنة)، وقد عكست إفادات المعتقلين مجدداً مستوى التوحش الذي مارسته قوات الاحتلال بحقّهم تحديدا خلال عملية اعتقالهم، وفي الفترة الأولى من الاعتقال داخل المعسكرات، والتي أكّدت على جملة الجرائم الممنهجة والثابتة التي تشكّل الأساس لكافة شهادات غزة، خاصة فيما يتعلق بأساليب التّعذيب الجسدي والنفسي، والإذلال الممنهج.
وإستنادا للزيارات التي تمت لمجموعة من المعتقلين في سجن (النقب) فقد برزت قضية مرض (السكايبوس – الجرب)، في إفاداتهم، فالمئات من معتقلي غزة مصابون بالمرض، كما المئات من الأسرى في السجن، فاليوم فعليا يواجه أسرى النقب كارثة صحية حقيقية، في ضوء تصاعد استمرار انتشار المرض بين صفوف الأسرى، ويقابل ذلك استمرار منظومة السّجون بتنفيذ جرائم طبيّة ممنهجة، من خلال حرمانهم من العلاج، وكذلك تعمدها في وضع حد للأسباب التي ساهمت وتساهم حتى اليوم في استمرار انتشار المرض.
كما وركز المعتقلون على الفترة الأولى من مرحلة الاعتقال، نتيجة لعمليات التّعذيب التي تعرضوا لها، في معسكرات الجيش، وهنا نستعرض إفادات مقتضبة لعدد منهم.
أفاد (د.و) المعتقل منذ شهر آذار/ مارس 2024، خلال العدوان الذي تعرض له مستشفى الشفاء، أنّه خضع للاحتجاز في منطقة غلاف غزة، لمدة أربعة شهور قبل نقله إلى سجن (النقب)، حيث واجه ظروفا صعبة وغاية في القسوة، واحتجز على مدار تلك الفترة وهو معصوب العينين، ومقيد اليدين، وقد تعرض لاعتداءات بالضرب المبرح، إلى جانب الإهانات، وعمليات الترهيب باستخدام الكلاب البوليسية، وقد نتج عن عمليات الضرب، كسور في الأضلاع، واليوم ورغم أنّ وتيرة الضرب قد انخفضت، إلا أنّ المعاناة تضاعفت بعد إصابة المئات من المعتقلين بمرض السكايبوس، الذي تحوّل إلى أداة تعذيب جسدي ونفسي.
وقد ذكر الأسير، أنّه ومنذ 6 شهور لم يستبدل ملابسه، مضيفا أنّ إدارة السجن تتعمد سحب الفرشات والأغطية في ساعات الفجر، وتقوم بإعادتها في ساعات متأخرة من الليل، وما زالت جريمة التجويع قائمة، إلى جانب العديد من الجرائم الممنهجة.
أما المعتقل (ل.ر): أكّد أنّه ومن بين (145) معتقلا محتجزين في أحد أقسام سجن (النقب)، فإن (100) منهم مصابون بمرض (السكايبوس- الجرب)، ويعانون من أوضاع بالغة الصعوبة، وتمارس بحقّهم جرائم طبيّة ممنهجة. وقد تضمنت إفادة المعتقل (ل.ر)، ذات التفاصيل التي ذكرها كافة المعتقلين عن المرحلة الأولى عن الاعتقال، حيث تعرض لأبشع أنواع التنكيل والإهانات والضرب، من خلال عمليات الاعتداء اليومية، والتي تسببت له بكسور في الصدر، واليوم فإن إدارة السّجن تركز على عمليات الاعتداء خلال توجههم للعيادة أو المحكمة، أو للزيارة.
كما ووجه جميع المعتقلون نداءً بضرورة العمل على إدخال ملابس لهم قبل بداية الشتاء، فالبرد القارس بدأ يخيم على الأقسام تحديدا في سجن (النقب) في ساعات الليل، فالأسرى لا يملكون ملابس شتوية، وكل أسير فقط لديه غطاء خفيف لا يقيه من البرد، كما وتتعمد إدارة المعتقل سحب الفرشات والأغطية عند الفجر، وإعادتها في ساعات متأخرة من الليل، وما ساهم في استمرار انتشار مرض الجرب، هو تجميع الأغطية من كافة القسم ومن الغرف المصابة وغير المصابة، وتحوّلت الأغطية مصدرا لانتشار المرض، إضافة إلى إنعدام مقومات النظافة الشخصية.
وكان من بين المعتقلين الذين تمت زيارتهم، معتقل يُعاني من ضعف في السمع، ومصاب بالسكري، وبكسور نتيجة لعمليات التعذيب، وآلام في أنحاء جسده كافة، وقد وجّه للمحامي رسالة مؤلمة قال فيها (لا أستطيع النوم، من البرد، والجوع، وأنا أموت كل لحظة ولا أعرف ما الذي يريدونه مني، فلم أعد أتحمل هذا العذاب).
وتستعرض هيئة الأسرى، ونادي الأسير مجدداً أبرز الحقائق عن قضية معتقلي غزة، وحملات الاعتقال المستمرة تحديدا في شمال غزة المحاصر.
•حتّى اليوم ومنذ بدء حرب الإبادة، لا يوجد تقدير واضح لعدد المعتقلين من غزة في سجون ومعسكرات الاحتلال، والمعطى الوحيد المتوفر هو ما أعلنت عنه إدارة سجون الاحتلال في بداية شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، (1627) ممن صنفتهم (بالمقاتلين غير شرعيين).
•لم تتمكن المؤسسات من رصد عدد حالات الاعتقال من غزة في ضوء جريمة الإخفاء القسري التي فرضها الاحتلال على معتقلي غزة منذ بدء الحرب، ويقدر عددهم بالآلاف.
•استحدث الاحتلال عدة معكسرات خاصة لاحتجاز معتقلي غزة إلى جانب السجون المركزية، منها ما هو معلوم وقد يكون هناك معسكرات غير معلن عنها: كان أبرزها معسكر (سديه تيمان) ومعسكر (عناتوت) ومعكسر في حيز سجن (عوفر).
•شكّلت روايات وشهادات معتقلي غزة، تحولا بارزا في مستوى توحش منظومة الاحتلال والتي عكست مستوى -غير مسبوق- عن جرائم التّعذيب، وعمليات التّنكيل، والتّجويع، بالإضافة إلى الجرائم الطبيّة الممنهجة، والاعتداءات الجنسية، واستخدامهم دروعا بشرية.
•شكّل معسكر (سديه تيمان) عنواناً بارزاً لجرائم التّعذيب، والجرائم الطبيّة المروعة بحقّ معتقلي غزة، إضافة إلى ما حملته روايات وشهادات معتقلين آخرين مفرج عنهم عن عمليات اغتصابات واعتداءات جنسية فيه، مع العلم أنّ هذا المعسكر ليس المكان الوحيد الذي يحتجز فيه معتقلو غزة، فالاحتلال وزّعهم على عدة سجون مركزية ومعسكرات، ونفّذ بحقّهم عمليات تعذيب ممنهجة، توازي عمليات التعذيب في معسكر (سديه تيمان) ، منهم سجني (النقب وعوفر).
•أدت هذه الجرائم إلى استشهاد العشرات من المعتقلين، هذا عدا عن عمليات الإعدام الميداني التي نُفّذت بحق آخرين، علماً أنّ المؤسسات المختصة أعلنت فقط عن (24) شهيدا من معتقلي غزة، وهم من بين (41) معتقلاً وأسيراً اُستشهدوا منذ بدء حرب الإبادة، فيما يواصل الاحتلال إخفاء بقية أسماء معتقلين استشهدوا في المعسكرات والسّجون.
•يواصل الاحتلال منع اللجنة الدولية للصليب الأحمر من زيارتهم، كما الأسرى والمعتقلين كافة.
•يشار إلى أنّ الاحتلال ينفذ حتّى اليوم حملات اعتقال واسعة في شمال غزة طالت المئات، علماً أن حملات الاعتقال هذه طالت العشرات من الطواقم الطبيّة، وحتى اليوم لا تتوفر معلومات عن مصير من تم اعتقالهم مؤخرا وما زالوا رهن الإخفاء القسري.