وسام عفيفه
سنبقى لسنوات طويلة نعدد فوائد الثورات العربية, ونغنى أغاني الربيع العربي,وننظم شعر الثورة ,ونتفرج على أفلام الانتفاضة , ونقيم بطولات رياضية على شرف شهداء الثورة , ونكتب عن السقوط والسقطات والساقطون والمتساقطين على طريق الثورة.
السقوط لن يقتصر على الزعماء والقادة والأنظمة, لكنه سيشمل رزمة كبيرة من السقوط في المفاهيم والعادات والظواهر والثقافات السلطوية, والديكتاتورية .
من أهم المتساقطون على طريق الثورة الإعلام الرسمي العربي وأعوانه, في ظاهرة تبشرنا بانتهاء صور وأخبار الرئيس والملك التي احتلت شاشات التلفزيون العربي 24 ساعة بعناوينها المكررة على مدار عقود من الزمن:
الرئيس سافر, الرئيس عاد إلى ارض الوطن ,الرئيس يودع ويستقبل , الاحتفال بعيد ميلاد الملك , وذكرى وفاة أبو الملك, وأم الملك, وسيد سيد الملك,ثم الزعيم تزوج,الزعيم أنجب,الزعيم نام ,الزعيم قام, ثم لا نسمع تلاوة القران إلا عند الافتتاح ويوم موت القائد.
من الآن فصاعدا لن يكون هناك من يتابع الإعلام الرسمي سوى العاملين في استوديوهات التلفزيون نفسه.
وسوف تستعصي الأيادي عن التصفيق وستثور الحناجر ضد الهتاف للرئيس ان عدل الدستور أو ألغاه , أو قرر حبس أو إعدام أعداء الثورة, أو أعداء الوطن, العابثين في مقدرات البلاد من الخلف ومن الأمام.
ومن الآن فصاعدا..
على كل مذيع عربي أن يبدأ نشرة الأخبار, بالحديث عن منجزات ومكتسبات الشعب لا عن معجزات الزعيم المفدى.
وكل سفير معين حديثاً لدى دولة أجنبية، فور الانتهاء من تقديم أوراق اعتماده ,عليه أن يطير إلى مواطنيه في البلد المضيف يقبل أياديهم, ويعلن ولاءه لهم قبل أن يعلن ولاءه لرجال الأعمال و"البزنس" في الدولة المضيفة.
وعلى كل مدير مدرسة فور توزيع شهاداته على الخريجين وانتهائه من تقديم تمنياته لهم بالنجاح في بناء وطن حر مستقل,تذكيرهم أن من قادوا الثورات ضد الفساد هم طلاب مثلهم وان عليهم أن لا يسمحوا لأحد أن يسرق ما استشهد من سبقوهم لأجله.
وعلى كل رئيس وزراء جديد, فور الانتهاء من تلاوة بيانه الوزاري ومن تعهده بإرساء القواعد الديمقراطية، ان يقدم ذمته المالية وذمة أبنائه وزوجته وذمة "اللي خلفوه " وان يتوجه للبرلمان ليخضع للمساءلة عما ينوي تنفيذه من سياسات في اليوم الأول من عمله.
ومن الآن فصاعدا لا نريد أن يبيع لنا الغرب ديمقراطية وحقوق إنسان فلدينا اكتفاء ذاتيا, وبدل ان ندرس تاريخ الثورات الفرنسية عام 1789 ,أو الثورة البرتقالية في أوكرانيا عام 2004 او ثورة أكتوبر في روسيا عام 1917 او الثورة الإيرانية عام 1979 وجب ان ندرس في مناهجنا الثورات العربية في تونس ومصر وما تصله كتب المستقبل العربي.
وأخيرا سيسقط نظام "القمم" القديمة, متمثلا في بروتوكول إعداد البيان الختامي للقمة العربية قبل أن تبدأ , وسوف يكون البيان الختامي الجديد صامتا,يشعر به كل مواطن عربي من دون صراخ أو ضجيج ,بيان يثور على الشرق الأوسط "الأمريكي" ويقدم مشرقا عربيا جديدا.