تكرار صور عودة النازحين فرحين منتصرين دائماً على مدار عقود في لبنان خلال المواجهات المتكررة مع إسرائيل كان يدلل على مقاومة لديها حاضنة صلبة، والجديد هذه المرة ولأول مرة يسجل لبنان عودة نازحين بينما مقاومته شردت عشرات آلاف الإسرائيليين على مدار 15 شهرا الخائفين من العودة، وأربكت واستنزفت الردع الإسرائيلي، وهذا يسجل في تراكمية وجدوى المقاومة.
من الإسناد إلى الدفاع مرورا بالصمود تفشل إسرائيل في اختراق الحاضنة الشعبية للمقاومة وضربها وتحطيم أسسها في كل مواجهة سواء في لبنان أو فلسطين وشعوب المنطقة.
يحاول الإسرائيلي أن يشعر المقاومة الفلسطينية أنها تركت وحيدة ليضغط عليها وتنصاع لشروطه وأن حزب الله رُدع، وهي سيمفونية إسرائيلية دائمة أن المقاومة مردوعة ويتفاجأ بأنه كما لديه ترتيبات فالطرف الآخر لديه كذلك، وهذا النفس الإحباطي يشارك فيه إعلام التحالف الإبراهيمي بشكل مكثف.
نتنياهو المطلوب دوليا كمجرم حرب، وغير المحقِق لهدف سحق المقاومة اللبنانية وداحرها لشمال الليطاني، وغير المحرر لجنوده وضباطه في غزة أو راسم لليوم التالي بتراكمية الهزيمة وإن أخفاها بغبار الردم والإبادة، هو ذاته الذي يصوره البعض أنه المنتصر.
ما زالت الساعة بتوقيت المقاومة في خضم جولات هدوء وإعادة ترتيب أوراق جبهات في انتظار دور شعبي متجدد، وتطورات ستكون عناوينها تصعيدا في جغرافيا بحجج خاصة مع تخدير مؤقت لجبهات خطيرة على إسرائيل، لن يغير ذلك من الواقع أو يقلب الميزان، إنه "الاستنزاف" أو على أقل تقدير "الاستنفار" وهذا بحد ذاته ليس إنجازا لإسرائيل كما كانت تخطط.
هروب نتنياهو إلى الأمام إلى لبنان لردع وهزيمة غزة لم يجعله يخفي فشلا بل راكمه هناك، وبقيت غزة والأسئلة الاستراتيجية للمستوطنين بلا إجابة، وغاب عن المشهد من قالوا إن لبنان قريبا بلا حزب الله وفلسطين بلا حماس.
العديد من التطورات والفخاخ ستكون في المرحلة المقبلة على وقع تصريحات كل الأطراف والمخططات التي تبرز بعض ملامحها على الساحة الإقليمية في تغيير المشهد القائم، ومن الواضح أن المقاومة تدرك بعمق تفاصيل لا نراها.