قبل عامين أصدرت الدار البيضاء قراراً يتعلق بتجميد وتعليق نشاط قناة الجزيرة، اي توقف بث نشرة الحصاد المغاربي من دولة المغرب العربي، ليعاود الفريق الصحافي بث نشرته المتعلقة بـ ’الحصاد المغاربي’ من الدوحة.
الحصاد المغاربي عاد للبث من جديد ومن ارض المغرب العربي على ارض البوعزيزي في تونس الزيتون، أرض الشرارة الأولى للثورات العربية الحديثة.
الجزيرة.. القناة القطرية الاخبارية قومية اللون وعربية المنبت تترأس سلك الدفاع الأول عن الثورة والثوار الأحرار والخارجين عن منظومة الصمت، فلا تفرق بين عربي وعربي الا بالعدل والحرية.
ولعل الأنظمة العربية لا تكترث لمطالب شعوبها بقدر ما تكترث لأخبار الجزيرة، وما له من تأثير على سمعتها وعلاقة الانظمة برعاياها، مما جعل الفجوة تكبر بين الراعي والرعية.
ولا ننكر أن للفضائيات الاخرى التأثير ايضاً، لكن للجزيرة لونا خاصا يتضمن موقفاً سياسياً في مضمون الرسالة الاعلامية الموجهة، والتي يتعطش لها المشاهد العربي مما بنى علاقة وطيدة بينها وبين الشعوب، محاكيةً اياهم بقضاياهم لتضعهم بالحدث وما يدور وراء الكواليس حول صنع القرار السياسي، الامر المخفي من قبل الأنظمة الحاكمة، والذي لم تعتد عليه، مما جعل الفجوة كبيرة بين الانظمة والشعوب، لا بل من اجل اخفاء الفساد الذي يدور حول الكعكة وآلية تقاسمها بعيداً عن الشارع.
نعم الجزيرة لعبت دوراً أساسياً في الثورات العربية الحديثة، وكانت الحصن الحامي والحضن الدافئ لنصرة الشعوب على الطغاة، ولنعترف بانها ثورة بقيادة السلطة الرابعة ’الاعلام’ وبتفويض الجزيرة قائدة للمسيرة.
للجميع الحق في المشاركة وايجاد دور له كما لواشنطن وطهران وباريس وموسكو ولندن، التي تفرض نفسها على العرب بالايماءات والتدخل المباشر وغير المباشر، وبرأي العرب ان للعرب الحق في ادارة طاولتهم السياسية، اي ان للجزيرة شرعية عربية باتخاذ موقف ودور في الشأن العربي أكثر من الغربي والأمريكي القاضي بتدخلاته المخجلة بشؤوننا الخاصة.
لم نعد ننتظر اذاعة BBC لتنقل لنا اخبار بلادنا، فالفضاء للجميع والعرب أقدر على هدم جدار الصمت، ومن توجيه الرسالة الغربية من وجهة نظر امريكية ترسم شرق اوسط جديد، حسبما يخدم مصالحها لا مصالحنا.
نحن اليوم أحرار بأرضنا واختيارنا لقادتنا وفضائنا، فالفضل للشبكة العنكبوتية التي اتاحت لنا التحرر من قيود المستعمر وأزلام الغرب في الحكم المستبد علينا، الثورات هذه جاءت لاستكمال المشروع العربي في تطهير الأنظمة العـربية من المندوبين الساميين الذين انتدبتهم امريكا وحلفاؤها في الوطن العربي.
ولعل إعلامنا وصحافتنا سيتحرران من القيود الأمنية التي من شأنها بناء جدار عازل يعمل على زرع الجهل وإخفاء الفساد والفاسدين بذرائع حب الوطن والالتفاف نحو القادة ورموز الاوطان بكل أوجه النفاق، لنجسد اليوم بأننا نموت ونحيا من اجل اشراق شمس الحرية والتحرر من التبعية العقيمة.