الرسالة نت-كمال عليان
بمجرد أن بدأ الحديث مجددا عن ضرورة إنجاز المصالحة بين حركتي حماس وفتح، والبدء لتنظيم لقاءات مباشر بين الفصيلين الأكبر على الساحة الفلسطينية، حتى جاءت عملية نابلس البطولية التي بالتأكيد ستضع حركة فتح وسلطة فياض في الضفة المحتلة أمام موقف محرج.
فحركة فتح وسلطة فياض كانت تعلن على الدوام أن المستوطنات غير شرعية وتذهب أحيانا إلى اعتبارها عقبة أمام السلام، لكن ما إن يوجه المقاومون الفلسطينيون ضربة لأشد عتاة المستوطنين اليهود تطرفا حتى يبادر رئيس سلطة فتح محمود عباس ورئيس وزرائه سلام فياض إلى اعتبار ذلك "مجزرة لا تعرف الرحمة"، ويوجهون رسائل ودية الى الاسرائيليين "المغتصبين" وتحذيرية الى حركة حماس ورجال المقاومة.
وفي ما بدا أنه برنامج جديد للمقاومة الفلسطينية، قتل صباح اليوم السبت خمسة مغتصبين من مغتصبة "ايمتار" شرقي مدينة نابلس بالضفة الغربية المحتلة، بعدما استطاع رجال المقاومة بالتسلل إلى المغتصبة وقتلهم بالسكاكين.
المقاومة مستمرة
"العمليات الفدائية تؤكد أن المقاومة مستمرة وأن التعاون الأمني بين الاحتلال وسلطة فتح لا يمكن له منع المقاومة وإن كانت تعيقها ولكنها لا تنجح في منعها طول الوقت"، بهذه الكلمات بدأ المحلل السياسي مصطفى الصواف مقال سابق حول عمليات المقاومة الفلسطينية.
وأكد الصواف أن العملية جاءت لتؤكد رفض غالبية الشعب الفلسطيني وقواه للتنسيق الأمني، مشددا على أن العملية بددت حالة الهدوء والطمأنينة التي أنتجتها نجاح أجهزة فتح بملاحقة المقاومة.
وتوقع الصواف أن المرحلة القادمة ستكون عودة الحياة للمقاومة في الضفة الغربية، داعيا المقاومة لوضع استراتيجيات مناسبة لعملها بالضفة أو خارج فلسطين.
ويشرع المستوطنون الإسرائيليون بشكل يومي بتنفيذ حملات تنكيل وتضييق واسعة ضد المواطنين الفلسطينيين في أنحاء شتى من محافظة الضفة الغربية.
وتعددت أشكال هذه الاعتداءات بين حرق للأراضي الزراعية، ومحاولة اقتحام المنازل وتدميرها، وإغلاق الشوارع والطرق الرئيسية، وإلقاء الحجارة على المركبات الفلسطينية، إضافة إلى تنظيم المسيرات الاستفزازية على أراضي المواطنين.
ويساند جيش الاحتلال قطعان المستوطنين في اعتداءاتهم ضد الفلسطينيين في المدن والبلدات والأطراف وبالقرب من المستوطنات والشوارع الالتفافية.
سيمفونية المصالحة
وازدادت في الفترة الأخيرة الدعوات إلى إنهاء الانقسام وإنجاز المصالحة بين حركتي حماس وفتح، وتجاوز الخلافات بين الفصيلين حتى لو كان الاختلاف الرئيسي في منهج كل منهما.
الكاتبة الفلسطينية لمى خاطر قالت :" كما كان متوقعا؛ حين يتأزم الحال الداخلي لدى قيادة فتح، وتتلقى صفعة سياسية أمريكية أو دولية أو حتى إسرائيلية، تبدأ بعزف سيمفونية المصالحة وضرورة إنهاء الانقسام، ويكون أفضل ما في عروضها أشكالاً مشوهة للتقارب مع حماس".
وأضافت في مقال سابق لها :" إن كانت فتح اليوم مطالبة بلحظة صدق مع الذات ثم الشعب، وبالكف عن نهج الخداع والتضليل الذي ما عادت تجيد غيره، فإن عموم الفصائل الأخرى مطالبة بتحديث خطابها السياسي ومواقفها من مختلف القضايا الداخلية، عندها فقط يمكن أن نستبشر بغدٍ مختلف، وحينها لن يتردد الشعب في قول كلمته المطلوبة، وسنكون أمام مرحلة جديدة لا رجوع بعدها للوراء.
ومنذ قدوم السلطة عام 1994 وهي تقوم بملاحقة المجاهدين، تارة تحت ذريعة الانخراط في العملية السياسية، وإبداء النوايا الحسنة تجاه عملية السلام، حيث كانت تتهم حماس بالسعي لإفشال مسيرة التسوية، والتي ما كانت تهدف إلا لحفظ أمن الكيان.
وقد نفذت السلطة في ذلك الوقت مجزرة مسجد فلسطين كأول رسالة لحركة حماس في قطاع غزة و من ثم ظلت عملية الملاحقة ضد الحركة والجهاد الإسلامي مستمرة، وبالرغم من ذلك لم تتوقف المقاومة وإن تراجعت بسبب شراسة المعركة ضدها، والتي وصلت ذروتها عام 1996بانعقاد مؤتمر شرم الشيخ لمكافحة الإرهاب، بحضور دولي وعربي غفير، حيث كان من أبرز المشاركين الرئيس الأمريكي السابق بل كلينتون.. وأعلن المؤتمرون عن هدفهم المتمثل في " تدمير البنية التحية للإرهاب" (المقاومة)، وتدريب عناصر الأمن الفلسطيني، ودعم الأجهزة الأمنية بسخاء لتنفيذ هذه المهمة.
فشل المفاوضات
وفي ذات السياق أكد الكاتب والمحلل السياسي فايز أبو شمالة أن عمليات المقاومة أثبتت فشل النهج السياسي الساعي إلى حرف القضية الفلسطينية عن مسار المقاومة، مبينا أنها جاءت ردا على كل الزيارات الأمنية التي قام بها "آفي مزراحي" ويوفال ديسكن" إلى رام الله في وقت سابق.
وقال أبو شمالة في مقال له:" لقد سقطت أكذوبة الذين يرددون أن لا خيار لنا سوى المفاوضات، وإن فشلت المفاوضات فلا خيار إلا العودة للمفاوضات"، موضحا أن العملية جاءت لتدلل أن الطريق إلى تحرير الأرض مفتوحة لو توفرت النية الصادقة.
يذكر أن قوات الاحتلال الإسرائيلي وأجهزة فتح بالضفة المحتلة استنفرت أفرادها، وأن اتصالات جرت بين جيش الاحتلال الإسرائيلي والمسئولين في أجهزة فتح، من أجل مساعدتها في البحث عن منفذ العملية ، في إطار التنسيق الأمني بين الجانبين".
ويشار إلى أن تنسيقاً أمنياً يربط بين أجهزة فتح الأمنية وجيش الاحتلال بحسب "خارطة الطريق" التي وقعت سنة 2002، والتي تنص على أن تقوم أجهزة أمن السلطة "بجهود ملموسة على الأرض لاعتقال وتوقيف الأشخاص والجماعات التي تشن وتخطط لهجمات عنيفة ضد الإسرائيليين في كل مكان.
وتبدأ أجهزة فتح الأمنية بالضفة المحتلة عمليات ناجعة ومحددة تهدف إلى تفكيك القدرات والبنى التحتية للمقاومة، اعتماداً على الآليات القائمة والمصادر الموجودة على الأرض".