قائمة الموقع

الانقسام الفلسطيني من منظور تاريخي !!

2011-03-19T09:29:00+02:00

 

غزة- الرسالة نت

رغم أن الانقسام الفلسطيني ظهر جليا في صيف عام 2007 فإن جذوره تعود إلى بدايات الانتفاضة الفلسطينية الأولى أواخر عام 1987، وتحديدا مع نشأة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في ظل بيئة فصائلية يغلب عليها الطابع اليساري والعلماني.

وبدأت دائرة الخلاف بين الجانبين بالاتساع مع ازدياد القاعدة الشعبية لحركة حماس على حساب باقي الفصائل، وتحديدا حركة فتح التي تقود فصائل منظمة التحرير، وتعمقت الفجوة أكثر بعد توقيع اتفاق أوسلو يوم 13 سبتمبر/أيلول 1993.

وفي عام 1994 ومع قيام السلطة الفلسطينية وتسلمها غزة وأريحا وباقي المدن الفلسطينية في فترة لاحقة، زاد الشرخ تعمقا بتنفيذ السلطة حملات اعتقالات واسعة تركزت على قيادات حركة حماس وعناصرها وجهازها العسكري بعد كل عملية ضد الاحتلال.

وحدة وافتراق

وشكل انطلاق انتفاضة الأقصى يوم 28 سبتمبر 2000 مرحلة جديدة، إذ توحد الفلسطينيون ضد الاحتلال، وشرعوا في حوارات داخلية قادتها مصر وانتهت باتفاق القاهرة بين الفصائل في مارس/آذار 2005.

وفي مطلع 2006 تم تنظيم ثاني انتخابات تشريعية فلسطينية، وهي أول انتخابات تشارك فيها حماس التي حققت مفاجأة بحصد أغلبية المقاعد في المجلس التشريعي، ليسارع القيادي في حركة فتح محمد دحلان إلى التصريح بأنه من العار على فتح المشاركة في حكومة تقودها حماس، في حين دعا آنذاك محمود عباس الحكومة القادمة إلى الالتزام باتفاقات منظمة التحرير ونهج السلام.

وبعد رفض الفصائل المشاركة في حكومة حماس، شكلت الحركة حكومتها برئاسة إسماعيل هنية الذي سلم يوم 19 مارس 2006 قائمة بأعضاء حكومته إلى رئيس السلطة عباس، لكن الحكومة قوبلت بحصار صهيوني مشدد عرقل عملها، وبمحاولات داخلية للإطاحة بها من خلال سحب كثير من صلاحياتها وإحداث القلاقل الداخلية طوال 2006.

ونظرا لرفض الأجهزة الأمنية التعاطي مع الحكومة الجديدة، شكل وزير الداخلية آنذاك الشهيد سعيد صيام قوة مساندة تعرف بـ"القوة التنفيذية"، لكن حركة فتح شنت عليها حملة واسعة وصلت لحد الاصطدام مع الأجهزة الأمنية الأخرى، وذلك بالتزامن مع حملة اغتيالات في غزة واعتقالات صهيونية للنواب في الضفة.

تهدئة وتوتر

وفي هذا الظرف تحركت العديد من الجهات لوقف الاشتباكات بين القوة التنفيذية وأجهزة الشرطة التي كانت تسيطر عليها عناصر فتح حينها كالوقائي والمخابرات العامة وفرق الموت التي أنشأها أمثال محمد دحلان ونبيل طموس وصفوت رحمي، ونجحت هذه التحركات في وقف الاشتباكات وإنشاء لجنة تنسيق وضبط العلاقات بين الطرفين، لكن الأمور عادت مجددا للتوتر والاصطدام.

وفي مايو 2006 أطلقت قيادات الأسرى الفلسطينيين وثيقة للمصالحة سميت لاحقا بوثيقة الأسرى التي لاقت ترحيبا من جميع الأطراف، وعلى أثرها عُقد مؤتمر الحوار الوطني يوم 25 من ذات الشهر، ومع ذلك ظل الانقسام قائما ولم تتوقف الاشتباكات المسلحة، وفشلت وساطات عديدة بينها الوساطة القطرية في أكتوبر 2006 في تهدئة الأوضاع.

وحسب إحصائية أعدتها الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق المواطن، فقد قتل نتيجة الانفلات الأمني خلال الفترة المتراوحة بين يناير ونوفمبر 2006 نحو 322 فلسطينيا منهم 236 في قطاع غزة و86 في الضفة المحتلة .

وفي ديسمبر 2006 دعا أبو مازن إلى عقد انتخابات لمجلس تشريعي فلسطيني جديد، لكن عددا من قيادات الفصائل الفلسطينية في دمشق رفض الدعوة وانفجرت الأوضاع مجددا، وتعرض وزير الداخلية سعيد صيام لمحاولة اغتيال فاشلة في العاشر من ديسمبر 2006.

واستمرت أجواء التوتر مع دخول عام 2007، إذ بادر الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز إلى دعوة حركتي فتح وحماس إلى التحاور في رحاب الأراضي المقدسة، ووقعت الحركتان على ما بات يعرف بـ"اتفاق مكة" في فبراير 2007، وشكلت الفصائل حكومة وحدة وطنية.

لكن وبعد اتفاق مكة بأسابيع قليلة تجددت الاشتباكات بين مسلحي فتح وحماس في القطاع، وهو ما انتهى بسيطرة "حماس" على قطاع غزة وهروب فلول الإجرام منها إلى الضفة الغربية المحتلة وبعضا من الدول العربية، ليتحول الانقسام السياسي إلى انقسام جغرافي يوم 14 يونيو 2007م.

وفي رام الله أعلن عباس إقالة حكومة إسماعيل هنية ظلما وعدوانا، وكلف سلام فياض بتشكيل حكومة جديدة، واستمرت الأمور إلى يومنا هذا بحكومتين واحدة شرعية في قطاع غزة وأخرى مزيفة في الضفة المحتلة.

الورقة المصرية

وبعد صمت لأكثر من عامين وتحديدا في أوائل 2009 وبعد انتهاء العدوان الصهيوني على غزة، تجددت الوساطة بين الفصائل لتكون هذه المرة مصرية حيث أعدت القاهرة خلاصة أفكارها فيما باتت تعرف بـ"الورقة المصرية" وطرحتها في سبتمبر 2009.

ولئن سارعت حركة فتح للتوقيع عليها فإن حركة حماس قالت إنها بحاجة إلى وقت لدراستها قبل أن تطلب إدخال تعديلات عليها، لكن السلطات المصرية رفضت الطلب، وهو ما أدى إلى تجميد الأمور من جديد لشهور طويلة، والسبب أن بعض النقاط تمس بثوابت الشعب الفلسطيني ومن ضمنه حركة"حماس" وحكومتها الشرعية.

وعاد الحراك مجددا إلى ملف المصالحة بعد لقاء جمع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل ورئيس المخابرات المصرية عمر سليمان أواسط 2010، عقد على أثره لقاء بين فتح وحماس بالعاصمة السورية دمشق في التاسع من نوفمبر 2010.

ورغم الإعلان عن جلسة جديدة أواخر ديسمبر 2010، فإن اللقاء لم يعقد إلى الآن، وتبادلت الحركتان الاتهامات بالمسؤولية عن تعطيله.

وبشكل عام لم يكن البرنامج السياسي وصراع الصلاحيات المصدر الوحيد للخلاف الداخلي في هذه المرحلة، فقد واكبهما أيضا خلاف قديم جديد بشأن حق مقاومة الاحتلال ومواجهة اعتداءات "إسرائيل" المتكررة.

ومع اندلاع الثورات العربية مطلع عام 2011 وفشل خيار المفاوضات مع "إسرائيل"، ارتفعت مجددا أصوات الشباب الفلسطيني خلال مسيرات جابت شوارع غزة والضفة ليطالبوا بإنهاء الانقسام والعودة للوحدة الوطنية.

وعلى إثر مسيرات إنهاء الانقسام سارع رئيس الحكومة الفلسطينية الشرعية إسماعيل هنية بدعوة رئيس سلطة فتح في رام الله محمود عباس بالمجيء إلى غزة وبدء جلسات انهاء الانقسام، الأمر الذي وجد استحسانا وقبولا من عباس ووافق المجيء للقطاع المحاصر منذ خمس سنوات.

اخبار ذات صلة
خاطرة (منظور حياة)
2010-07-15T15:31:00+03:00