قائد الطوفان قائد الطوفان

المصريون صوّتوا بكثافة على الاستفتاء

القاهرة – الرسالة نت       

عاشت مصر يوم أمس، حالة كرنفالية سياسية خاصة، أخرجت المصريين من حالة ابتعاد طويلة عن الصناديق، إلى حالة وصال مع مراكز الاقتراع، بالاستفتاء على التعديلات الدستورية، في أول عملية مشاركة بعد سقوط نظام حسني مبارك السابق، وفي ظل وجود حالة انقسام بين فريقين واضحين، أحدهما حمل لافتة «نعم» للتعديلات، وهو الفريق الذي يضم «الإخوان المسلمين» والسلفيين وبقايا الحزب الوطني، والثاني حمل لافتة «لا»، وممثلا في بقية الأحزاب وشباب «25» يناير... لكن الجميع رفعوا لافتة، «الشعب يريد دستورا».

استفتاء الأمس، كان على إقرار حزمة من التعديلات الدستورية المقترحة والمتعلقة بشروط الترشح لرئاسة الجمهورية وأسلوب وآليات الترشح للرئاسة وفترة ولاية رئيس الجمهورية والتجديد، والإشراف على الانتخابات التشريعية والفصل في صحة عضوية نواب مجلس الشعب وتعيين نائب لرئيس الجمهورية وإعلان حال الطوارئ وغيرها، وسط إقبال غير مسبوق.

ورغم تباين المواقف بين الـ «نعم»، والـ «لا»، إلا أن هذا لم يمنع الجميع (نحو 45 مليون ناخب يحق لهم التصويت) من الانتظام في طوابير طويلة منذ الصباح الباكر والانتظار لساعات طوال أمام لجان الاقتراع للإدلاء بأصواتهم، وهو الأمر الذي لم يكن متوقعا مقارنة بعزوف المواطنين عن الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات التشريعية على مدى عقود مضت.

كما شهد يوم أمس، عودة الإشراف القضائي على الانتخابات والاستفتاءات للمرة الأولى منذ انتخابات مجلس الشعب العام 2005.

وفي وقت حرص عدد كبير من المسؤولين في الحكومة الانتقالية على الإدلاء بأصواتهم منذ الصباح الباكر، وعلى رأسهم رئيس الحكومة عصام شرف وشيخ الأزهر أحمد الطيب والبابا شنودة والأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، كان لافتا عدم إدلاء الرئيس السابق حسني مبارك أو أحد من أسرته بصوته في الاستفتاء، وهي المرة الأولى التي لا يدلي فيها بصوته في استفتاء، أو في انتخابات عامة.

وقال المعارض محمد البرادعي الذي تعرض للرشق بالحجارة قرب مركز اقتراع من دون ان يتمكن من الادلاء بصوته ان اجراء الاستفتاء على التعديلات الدستورية «في انعدام الامن امر غير مسؤول».

واكد في رسالة مقتضبة على موقع «تويتر»، امس، «ذهبت للتصويت. هوجمت أنا واسرتي بتدبير من البلطجية. هشموا السيارة بالحجارة. لم يتواجد شرطي واحد. الاستفتاء فى انعدام الأمن امر غير مسؤول».

وكان البرادعي وصل قرابة الساعة الرابعة والنصف بالتوقيت المحلي (14.30 تغ) الى منطقة المقطم ووقف بصحبة افراد يرافقونه على بعد امتار من مركز اقتراع في حي الزلزال الشعبي لكن سرعان ما بدأ افراد متواجدون حول المركز الانتخابي يتحدثون في ما بينهم انه «امريكاني»، ثم راحوا يهتفون «مش عايزينه، مش عايزينه».

بعدها بدأ الشباب في القاء الحجارة وزجاجات المياه عليه.وكان هناك عدد قليل من رجال الشرطة امام مركز الاقتراع.

وعاد البرادعي ادراجه واستقل سيارته لمغادرة المكان ولكن استمر القاء الحجارة ما ادى الى تهشم زجاج سيارته. الا انه لم يصب بسوء، بحسب شقيقه الذي كان يرافقه في السيارة.

وكان عدد من انصار جماعة «الاخوان « متواجدين امام هذه اللجنة بينما اكد معظم الذين كانوا ينتظرون في الطابور للادلاء باصواتهم، انهم «سيقولون نعم لانه لو لم تمر هذه التعديلات فسيعود الاقباط الى التظاهر امام مبنى التلفزيون للمطالبة بالغاء المادة الثانية من الدستور» التي تنص على ان «مبادىء الشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع».

وكان البرادعي، من اول الداعين الى رفض التعديلات الدستورية التي اعدتها لجنة قانونية اختارها المجلس الاعلى للقوات المسلحة، وكان «الاخوان»، هم القوة السياسية الوحيدة الممثلة فيها الى جانب خبراء قانونيين مستقلين.

من ناحيته، واجه محافظ القاهرة عبد العظيم وزير «موقفا حرجا»، حين هتف ضده المئات ممن احتشدت بهم لجنة مدرسة قصر الدوبارة في شارع قصر العيني، بسبب دخوله إلى لجنة الإدلاء بالأصوات مباشرة ومع حشد من حاشيته وأعضاء مكتبه، من دون الوقوف في الطابور.

ووجهت له انتقادات، مثل «لماذا لم تأخذ دورك» و«أنت ليس على رأسك ريشة ومثلك كبقية الناس الواقفين» و«أنت لست أحسن من رئيس الوزراء عصام شرف الذي ظل واقفا على قدميه في لجنة الدقي حتى حل عليه الدور». وكانت السيدات أكثر حدة في النقد، بالقول «مضى عهد المحسوبيات والدخول من الأبواب الخلفية ولن نسمح له أن يعود».

وردا على سؤال أثناء خروجه من اللجنة عن أسباب عدم التزامه الدور برر المحافظ ذلك بأنه في مهمة عمل لتفقد اللجان والمرور عليها، وسئل عما إذا كان مرافقوه أدلوا بأصواتهم في اللجنة، فأجاب بالنفي.

وفي سابقة، هي الأولى التي تشهدها محافظة مطروح، خرج مئات البدو والأهالي منذ الصباح الباكر للتوجه إلى لجان الاقتراع للادلاء بآرائهم.

ولا يتعين على الناخبين سوى تقديم بطاقات هويتهم للحصول على ورقة الاستفتاء التي تتضمن مواد الدستور المعدلة واسفلها دائرتان الخضراء للتصويت بالموافقة والسوداء لعدم الموافقة.

وقال المنسق العام السابق لحركة «كفاية» الناشط جورج إسحق لـ «الراي»: «هذا الاستفتاء يعكس مدى وعي المجتمع المصري وتلاحم نسيجه، وأنه بلا صبغة دينية أو عقدية وليس صحيحا ما يردده بعض أفراد الجماعات الإسلامية بهذا الخصوص».

ووقال الأمين العام للجامعة العربية والمرشح المتوقع للرئاسة عمرو موسى: «أنا سعيد لهذا الإقبال الشديد، لأن هذه هي الممارسة الحقيقية للديموقراطية».

وعما إذا كان يمكن أن يأتي بالبرادعي نائبا له حال فوزه، خصوصا أنه أعلن أنهما صديقان، رد: «يسرني جدا التعاون مع الدكتور البرادعي ومع غيره من المتعرضين للعمل العام، وهذا يسعدني جدا».

واشاد شيخ الأزهر بالإقبال الشديد، مؤكدا أن مصر «تسير نحو الديموقراطية الحقيقية، وأنها بذلك ستستعيد مجدها وتقدمها وازدهارها».

وقال شرف «إن ما نراه اليوم سواء نتيجة الاستفتاء بنعم أو لا، يمثل ديموقراطية حقيقية».وأعرب مرشد «الاخوان» محمد بديع اثر ادلائه بصوته عن «سعادته» لان مصر «تقول صوتها».

وأكد أنه سيحترم نتيجة الاستفتاء ايا كانت، وقال «سنقبلها وننزل على رأي الشعب، الانتخابات الحرة لا يتنبأ بها احد. النزول عند رأي الشعب، الشعب مصدر القرارات».كما قام القياديان الإسلاميان عبود وطارق الزمر، بالإدلاء بصوتيهما في مسقط رأسيهما في قرية ناهيا، وأكدا دعمهما للتصويت بنعم، من أجل المحافظة على مكتسبات الثورة.

من جانبها، أكدت «الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية»، احدى منظمات المجتمع المدني المحلية التي تراقب الاستفتاء، في بيان ان هناك «نسبة مشاركة كبيرة» «تقابلها استعدادات ضعيفة» «وتجاوزات لجماعة الاخوان في الدعاية والتأثير على الناخبين».

وأضافت في البيان الصادر عن «غرفة عمليات مرصد حالة الديموقراطية» ان لديها مراقبين في 17 محافظة منها القاهرة والجيزة و6 اكتوبر والاسكندرية واسوان وقنا واسيوط والسويس والدقهلية. اكدت وجود «محاضر من المواطنين لعدم ختم بطاقات الاقتراع».

وصرح مصدر مسؤول في المجلس الأعلى للقوات المسلحة، بأنه سوف يتم الإعلان عن دستور جديد بدلا دستور العام 1971، سواء وافق المصريون أو رفضوا التعديلات، وأن المسألة مرتبطة بطول مدة بقاء الجيش في إدارة البلاد، خصوصا أن المادة رقم 189 - مكرر التي تضمنتها التعديلات الدستورية الأخيرة، أُلزمت بوضع دستور جديد.

وأوضح أنه في حالة ما جاء الاستفتاء برفض التعديلات، فسيقوم الجيش بإنشاء أحكام عامة تحكم عمله في إدارة البلاد خلال الفترة الانتقالية حتى يتم الإعلان عن دستور جديد، أما في حالة قبول التعديلات فسينتهي الجيش من تكليفه إدارة البلاد بعد إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية.

واستبعد المصدر إجراء الانتخابات الرئاسية قبل البرلمانية، لأن ذلك الأمر سيخلق ديكتاتورا يحكم مصر، لأنه ستكون له صلاحيات تشكيل مؤسسات الدولة حسب وجهة نظره الفردية.

البث المباشر