قائد الطوفان قائد الطوفان

بالرغم من أنها ليست ظاهِرة

جريمة القتل تعكر أجواء المجتمع الغزي

 

 

غزة:- بلسم زهير الحداد

في مساء ليلة ظلماء في مخيم الشاطئ قتلت المواطنة " ر.غ " 29 عاماً، حيث أقدم شقيق القتيلة واثنان من أعمامها واثنان من أبناء أعمامها على قتلها خنقاً، بينما كانت نائمة داخل منزلها بالقرب من مفترق حميد في مخيم الشاطئ ".

وأفادت مصادر من الطب الشرعي في مستشفى الشفاء أن سبب وفاة الضحية هو "الخنق بواسطة منشفة مبللة" كتمت أنفاسها, كما اثبتت أنها لازالت تحتفظ بعذريتها.

وبالرغم من أن جريمة القتل لا تعد ظاهرة في المجتمع الغزى إلا أن هذه القصة من واقع الحياة الذي نعيشه، فالقتل يعتبر من اخطر الجرائم التي تهدد تماسك المجتمع ويقف عائقا في طريق تقدمه ونمائه, لذا كان لابد" للرسالة "من وقفة لتبحث أهم مسبباته وسبل علاجه.

غير مبررة

وفي جريمة أخرى قتل الطفل "م . د"، 12 عاماً، بتاريخ 12 فبراير 2011م اثر إصابته بعيار ناري بالرأس.

وكان الطفل يقف على شرفة منزله الواقع في شارع المغربي بحي الصبرة ، جنوب مدينة غزة، حين كان أحد أقاربه يعبث بسلاح كان بحوزته أسفل المنزل، و خرج عيار ناري أصاب الطفل في مقتل.

وبالرغم أن الحادث وقع خطأ إلا أن الإهمال في استخدام السلاح كان من أهم المسببات لمقتل الطفل.

وفي جنوب القطاع انطلق صوت الرصاص الذي أفاق على وقع ازيزه السكان ليذهب ضحيتها ثلاثة اخوة في عشية ليلة وضحاها، وتعود أسباب الجريمة الى وقوع خلافات بين احد ابناء العم وشخص غريب على قطعة ارض وحسابات مالية لكن تحول الامر لخلاف عائلى دام لخمس سنوات مابين مشاحنات ومناوشات حتى وصل الامر لاعلان احدهم براءته من الاخر .

وتطورت الأمور للأسوأ عندما تجمع أفراد من إحدى العائلتين وبيتوا النية لارتكاب جريمة القتل  واعدوا الاسلحة النارية وسيارتين ثم أطلقوا وابلا من الرصاص على اثنين من العائلة الأخرى لترتقي روحاهما للسماء بينما اقتادوا الثالث بعد الجريمة لبيتهم وأخذوا ينكلون به ويعذبونه دون ان تشفع له توسلاته حتى فارق الحياة.

قلت كثيرا

من جانبه أوضح اشرف فارس رئيس محكمة البداية  ان نسبة جرائم القتل تناقصت إلى حد كبير منذ عام 2007 حتى عامنا هذا، مرجعا ارتفاعها في الأعوام السابقة إلى حالة الفلتان الأمني، وعدم سيادة القانون وانتشار  فوضى السلاح فى اوساط المجتمع.

وأشار فارس إلى أن أسباب انخفاض النسبة في الوقت الراهن جاء نتيجة لتفعيل دور الاجهزة الامنية وحفظ الامن والسلم للمواطنين, موضحا ان هذا جعل هناك نوعا من الاطمئنان والسلم الاجتماعي وأدى الى انخفاض الجرائم بشكل عام ناهيك عن الخصوصية القبلية والتحفظ السائد فى فلسطين ومن تحاشى الوقوع فى ارتكاب مثل هذه الجريمة وجلب العار للأهل .

وأشار إلى أن عقوبة الاعدام تعتبر رادعا للآخرين لأن يقدموا لارتكاب هذا الفعل مما يؤدى الى التقليل من نسبة الجريمة وانتشار السلام بين المواطنين .

كما لفت الى أن التصرف مع أية جريمة في القانون تكون في اطار خطوات متبعة ,فتقوم الشرطة الفلسطينية بالقبض على المذنبين ومن ثم احالتهم للتحقيق فى النيابة العامة, وعند اكتمال التحقيق فى القضية يتم تحويلها الى المحكمة واصدار الحكم بعد سماع البيانات حول اثبات التهمة وادلة حولها.

وأكد فارس أن التعامل مع المتهم  يكون مبنيا على اساس القاعدة الفقهية "الاصل براءة الذمة" والقاعدة القانونية "المتهم برئ حتى تثبت ادانته".

تزداد في الصيف

وبينت إحصاءات غير رسمية أن نسبة الجريمة تراجعت بشكل عام حيث وصلت إلى 19536 جريمة لعام 2009, من إجمالي الجرائم العامة في المجتمع, اما في عام 2010 فتراجعت الى 14520 جريمة.

وتوضح المصادر أن شهر أغسطس لعام 2009 سجل أكبر عدد حالات وفاة بسبب القتل ، بينما قتل 19 مواطنا عام 2008 على خلفيات عائلية، لينخفض العدد خلال عام 2010 إلى خمس حالات فقط.

وبدوره اكد رئيس النيابة نبيل حليوة أن جرائم القتل  ليست منتشرة  في القطاع كما هو حاصل في باقي المجتمعات بشكل عام.

وذكر ان هناك اختلافا فى انواع جرائم القتل وعقوبتها فالقتل على خلفية الشرف لها عقوبة تختلف عن القتل القصد والقتل الخطأ كما أن قضايا القتل في حوادث السير لها عقوبة تختلف عن سابقاتها".

ونوه إلى أن الفترة الزمنية التي تستغرقها النيابة في التحقيق تتأثر بنوعية القضية, فهناك قضايا تستغرق يوما وليلة في حال توفر جميع الأدلة للتعرف على القاتل، والبعض الآخر يأخذ وقتا أطول نظرا لوجود معوقات وصعوبات في التحري عن الجريمة.

ولفت حليوة إلى تزايد معدل الجريمة في الصيف عن الشتاء وذلك بسبب زيادة حركة المواطنين.

دوافعها قلة الدين

وبدوره أكد الدكتور في الشريعة والقانون ماهر السوسي أن دوافع جريمة القتل تتمثل في قلة الوازع الديني في نفوس الناس والجهل بالحكم الشرعي لهذه الجريمة, وتتمثل أيضا في سوء التربية الاجتماعية.

وقال: "هذه الدوافع لابد أن يكون لها أساليب للتقليل منها وهى معالجة السلوك الخطأ بمعنى تقويم سلوك المجتمع وتربية الإفراد بشكل سليم وسوي من اجل التغلب على أي انحراف ".

وأضاف السوسي أن نظرة الإسلام إلى القاتل على أنه منحرف عن الصواب, ولكنه يبقى إنسانا له كافة الحقوق وله الحرية أن يدافع عن نفسه, كما له ان يحاكم بشكل عادل وينال العقاب العادل, حتى في حالة عقابه لا ينقص من حقوقه شيء.

وتابع: "تعتبر الشريعة والقانون القتل جريمة كبرى, لأنها لا تؤثر فقط على المقتول وأهله, بل تؤثر على المجتمع ككل بلا استثناء وتعمل على زعزعة  الأمن الاجتماعي, ونشر الخوف وعدم الطمأنينة في النفوس".

أما عن دور المؤسسات الحقوقية في قطاع غزة فقال حمدي شقورة نائب المدير لشؤون البرامج في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان "للرسالة" ان القضاء جزء من حالة الانقسام بين الضفة وغزة.

وبين أهمية السجون كونها مراكز تأهيل واصلاح لانها تعمل على اصلاح المذنبين وتحجبهم عن المجتمع فترة العقوبة.

ولتقليل الجريمة بصفة عامة والقتل بصفة خاصة بين أنه مطلوب من الجهات الرسمية والفصائل الفلسطينية والقانون تكثيف جهودهم لكبح الجرائم و دراسة اسبابها بمنهجية علمية".

واضاف أن اسباب جريمة القتل فى قطاع غزة هو تعطيل عمل المجلس التشريعي في ظل حالة الانقسام".

 وبالرغم من أن جرائم القتل في القطاع قليلة إلا أنها تحتاج لعلاج رادع لوقفها وعلاج مسبباتها.

البث المباشر