قائمة الموقع

مقال: تصعيد غير محسوب

2011-03-21T10:45:00+02:00

 

التصعيد الراهن في الأوضاع الميدانية لا ينضبط إلى بوصلة المصلحة الوطنية، ويؤذي الاستقرار الداخلي الذي يُفترض تعزيزه وتكريس مظاهره وعناصره الأساسية بعيدا عن نوازع التشتت والاضطراب.

لا نتحدث مطلقا عن حق المقاومة في ممارسة الفعل المقاوم، أو الدفاع عن نفسها في مواجهة العدوان الإسرائيلي، لكن المرحلة الراهنة، في إطار ذاتي وموضوعي، تستلزم تأنيا كبيرا في اتخاذ القرار الميداني، ودراسة حكيمة ومستوفية قبل ولوج أي انعطافة في الوضع والمسار قد يكون لها ما بعدها، نتائج وتداعيات.  

لم يتعافى الناس، ماديا ونفسيا، بعد من آثار حرب "الرصاص المصبوب" الأخيرة، ولا زال قطاع غزة يستنجد العون والمدد الإغاثي لإعادة الإعمار، فيما تتحرك عجلة المصالحة إلى الأمام على إيقاع الزيارة المرتقبة للرئيس عباس إلى غزة خلال الأيام القادمة.

ما يجري حاليا على الجبهة الميدانية يطوي ملف التهدئة، وقد يُنهي –مؤقتا- جهود المصالحة، ويشكل خللا بائنا في تقدير حساسية الأوضاع الداخلية والظروف المحيطة، ويدفع بالأوضاع إلى تسخين خطير لا يقوى الوضع الفلسطيني الداخلي في غزة على احتمال آثاره القاسية وتداعياته السلبية الكبرى.

لا تكمن خطورة الوضع الميداني في ممارسة عسكرية محددة، أو إرسال رسائل مكثفة ما، بقدر ما تكمن في صعوبة ضبط الحالة الميدانية التي تبدو أشد ما تكون انفلاتا مع إطلاق الشرارة الأولى أو حزمة الصواريخ الأولى، فالأمور لا تتوقف عند هذه النقطة بالتحديد، بل تجرّ في طريقها متوالية من الردّ وردّ الفعل في إطار كرة ثلج متدحرجة لا يعرف أحد إلا الله نقطة توقفها.

ما نورده من تقديرات يدخل ضمن نطاق الاجتهاد والتحليل الشخصي الذي يجعل من المصلحة هدفا ورائدا، ولا يمس، تحت أي شكل كان، بطهر ونقاء البندقية الفلسطينية المقاومة وحقها في مقارعة الاحتلال حتى النصر والتحرير.

ومع ذلك فإن تفعيل مسار ومشروع المقاومة لا يتأتّى من خلال أفعال وممارسات تتعاطى مع الظرف الفلسطيني الآني بعيدا عن الرؤية الاستراتيجية الشاملة، فصراعنا مع الاحتلال لا زال طويلا وممتدا، ويحتاج إلى رؤية واعية وقرار حكيم على الدوام، ولا قِبَل له بنزعات الاستعجال أو المطبات المفتعلة التي تخرجه عن سياقاته المطلوبة وغاياته الاستراتيجية.

لا مناص من إعادة بلورة وصياغة الموقف الميداني من جديد، وعدم اجتراح أي خطوة غير محسوبة من شأنها تأزيم الأوضاع ودفعها إلى حافة الهاوية مع الاحتلال الذي تحوي خزائن وزارة حربه مخططات جاهزة للحرب والعدوان.

نخطئ حين نعتقد أن يد الاحتلال مغلولة تجاه غزة، أو أن قيود التطورات والمتغيرات المحيطة قد تُضعف أو تحدّ من هامش قدرته على ممارسة أي عدوان، وأخشى ما أخشاه أن تفلت الأمور وتخرج عن نطاق السيطرة وتتطور إلى وضع لا تحمد عقباه.

المصلحة الوطنية مقدمة على المصلحة الفصائلية، والمسئولية الوطنية يجب أن تبقى رائدنا الأوحد في إطار سلوكنا الوطني ومسئوليتنا العامة تجاه شعبنا ووطننا وقضيتنا.

 

اخبار ذات صلة