باسم عبد الله أبو عطايا
مع طرح تقرير غولدستون للمناقشة في الجمعية العامة للأمم المتحدة ، تمارس دولة الاحتلال كل ما تملك من قوة للضغط على الدول المعنية لإدانة التقرير الذي يدعو إلى تحقيق مستقل في الانتهاكات التي شهدها قطاع غزة خلال الهجوم "الإسرائيلي"، وبالتزامن مع ذلك فقد أعلنت دولة الاحتلال أن حماس تمتلك صاروخا يصل مداه إلى 60 كيلو مترا أي يصل إلى " تل أبيب " وبين الإعلان الصهيوني للتهديد الذي – تدعيه – من حماس وبين طرح التقرير والدعوة للتحقيق علاقة واضحة ورسائل عدة تريد من توجيهها في أكثر من اتجاه .
* إعلان إسرائيلي
فقد اعلن رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الاحتلال الجنرال عاموس يدلين أمام لجنة الخارجية والأمن في "الكنيست" أن حركة حماس أجرت تجربة ناجحة على صاروخ يضع "تل أبيب" في موضع التهديد. واتهم دمشق بأنها غدت «المصنع المركزي لأسلحة حماس وحزب الله وسوريا نفسها بمساعدة مالية إيرانية».
وأقر يدلين بأن ثلاثا من بين أكبر المدن في "إسرائيل" باتت في مدى صواريخ المقاومة الفلسطينية من قطاع غزة وأن كل المدن تقريبا باتت في مدى صواريخ المقاومة اللبنانية.
وألمح بذلك إلى أن أية مواجهة مستقبلية سواء مع المقاومة في غزة أو المقاومة في لبنان تعني أن تل أبيب باتت في وسط المواجهة. وهكذا يمكن القول أن معادلة جديدة تنشأ وهي: "تل أبيب" مقابل غزة، وليس فقط "تل أبيب" مقابل بيروت. وكشف يدلين أمام أعضاء لجنة الخارجية والأمن في "الكنيست" أن حركة حماس نفذت في الأيام الأخيرة تجربة ناجحة لصاروخ يبلغ مداه 60 كيلو مترا.
ولاحظ يدلين أن «صواريخ مماثلة موجودة بيد حزب الله والتقدير أن هذا صاروخ إيراني جرى تهريبه عبر الأنفاق».
وقال إن معنى ذلك أن بوسع هذا الصاروخ المنطلق من قطاع غزة أن يصيب التجمع السكاني الأكبر في وسط "إسرائيل" والمسمى غوش دان والذي تقع تل أبيب في مركزه. وشدد على أن هذا الصاروخ يشهد على تعاظم قوة حماس في قطاع غزة.
وأوضح « اكتشفنا تجربة لصاروخ يصل مداه إلى 60 كيلو مترا أطلق في اتجاه البحر في الأيام الأخيرة». وأشار يدلين إلى ان حزب الله «يواصل التسلح ويخزن وسائل قتالية كثيرة من إيران عبر سوريا» وبطرق أخرى عبر تركيا.
حديث يدلين عن تعريض المدنيين "الإسرائيليين" إلى الخطر، واختياره لكلمة مناطق مدنية إشارة واضحة إلى أولئك المجتمعين في الأمم المتحدة بان حماس هي التي تهدد الكيان الصهيوني استراتيجيا وهى التي تمتلك أسلحة قادرة على ضرب أهداف مدنية وان "إسرائيل" تدافع عن نفسها حين تشن أي هجوم على قطاع غزة وإنها لا تريد من حربها إلا حماية مواطنيها وهذا مجاف للحقيقة ولا ينطبق على حالة حماس في قطاع غزة، وعلى الرغم من إيماننا المطلق بان من حق حماس أن تحصل على هذه الأسلحة وأمنياتنا بان تكون هذه الصورايخ موجودة لدى قوى المقاومة التي هي قادرة على ذلك نقول أن ليس لدى دولة الاحتلال ما يثبت وجود مثل هذه الأسلحة لدى قوى المقاومة كما ان حماس أعلنت وبوضح أن الإعلان في هذه الوقت يعني تهيئة الأجواء لشن اعتداء جديد على غزة .
* هدوء مخادع
أيضا في تقريره الذي قدمه للجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست تحدث يدلين عن الهدوء الذي تعيشه دولة الاحتلال هو أن هناك أسباب للهدوء أهمها أن قوة الردع الإسرائيلية، التي جعلت كل طرف من أطراف الصراع، خاصة حزب الله وحماس، يحسب ألف حساب قبل أن يطلق صاروخا أو قذيفة باتجاه "إسرائيل"
التوقعات الكبيرة لدى العرب من انتخاب الرئيس باراك أوباما في الولايات المتحدة، التي جعلت العرب، لاسيما الفلسطينيين، معنيين بانتظار ما قد يفعله، أو على الأقل تجعلهم يخشون أن يؤدي تصرفهم إلى تخريب الجهود السلمية فيلحق ضررا بنفسه. و والوضع الداخلي الفلسطيني .
يدلين نسى أن يذكر قوة الردع والصمود التي واجهها جيش الاحتلال في قطاع غزة وعدم قدرة جيش الاحتلال على حسم المعركة والقضاء على حماس والمقاومة جعل " إسرائيل " أكثر قدرة على كبح جماحها ووقف أعمالها العدائية ضد القطاع فالهدوء الذي تعيشه " إسرائيل " هو هدوء متبادل دفعت دولة الاحتلال ثمنه وان كان هناك هدنة غير معلنة فقوة حماس وصمودها فى حرب غزة كانت سببا كافيا لإجبار الاحتلال الالتزام وبشكل كبير بها .
لكن التخوف الاسرائيلى لا يزال قائما وهنا لا ننكر ان هذا التخوف هو حقيقى فقد فاجأ يدلين أعضاء لجنة الخارجية والأمن بالقول «تحت السطح يستمر تعاظم قوة أعدائنا بقيادة إيران. فهي تمول النشاطات، تدرب القوات وتسلح حماس وحزب الله».
وأضاف أن حماس غير معنية حاليا بالمواجهة مع " إسرائيل". لكنه اعترف بأنها أعادت ترميم قدراتها الصاروخية في قطاع غزة رغم القيود التي فرضت على التهريب من مصر إلى غزة إلا أن القدرات الصاروخية لفصائل المقاومة في القطاع تزايدت.
ونقل يدلين لأعضاء لجنة الخارجية والأمن تقديرات المؤسسة العسكرية بأن الصاروخ الذي أجريت عليه التجربة هو من صنع إيراني ونقل لقطاع غزة مفككا. وأشار إلى أن أحدا لا يعلم عدد الصواريخ المماثلة التي وصلت للقطاع.
وكانت المؤسسة العسكرية الإسرائيلية قد أبدت خشيتها في الماضي من احتمال امتلاك حماس لصواريخ قادرة على إصابة تل أبيب، في وقت قال رئيس الاركان في جيش الاحتلال غابي اشكنازي ان الحرب المقبلة ستكون في غزة ايضاً وفي كل الأحوال تم اعتبار الإعلان عن تجربة الصاروخ خبرا مثيرا وذا طبيعة استراتيجية.
* فجر فى غزة
فهذا الصاروخ مبني على الأغلب وفق تكنولوجيا صاروخ «فجر 3» الإيراني. وتستبعد "إسرائيل" أن يكون هذا الصاروخ قد أنتج في غزة، لأنه يحتاج إلى مواد وتقنية قد لا تتوفر هناك. ومعروف أن صاروخ «فجر 3» استخدم في حرب تموز وأصاب العديد من الأهداف الإسرائيلية. ويبلغ وزن هذا الصاروخ حوالي طن ويحمل رأسا متفجرا بوزن 50 كيلوغراماً. وإذا كان هذا الصاروخ قد تم تهريبه مفككا من الخارج فإن أعداده قليلة. أما إذا كان قد أنتج في القطاع ولو بنسخة قريبة فإن الأعداد أيضا لن تكون كبيرة. وهذا يدفع "الإسرائيليين" للاعتقاد بأن امتلاك حماس أو أي من القوى الفلسطينية في قطاع غزة لهذا الصاروخ يعني امتلاك «سلاح يوم القيامة» الذي لا يستخدم إلا للردع أو كملاذ أخير. ولا يمكن من الآن فصاعدا الحديث عن مواجهة في الشمال أو الجنوب من دون وضع تل أبيب في المعادلة سواء في مواجهة بيروت أو في مواجهة غزة.