وسام عفيفه
"محلى القعدة على الميه ومحلى الربيع .. محلى الوحدة الوطنية بتضم الجميع". بهذه الأغنية كان يحلو لرفاق الأسر في سجن النقب ان "يدندنوا" في أمسيات السمر رغم ان خيام الانتماءات السياسية فرقتهم, بقيت الأغنية وطارت الوحدة, ولم تعد كل فصول الربيع, جلسة صفا بصفاء مياه فلسطين.
ونحن على أبواب ربيع غزة نتذكر الهتاف القديم "وحدة وحدة وطنية ..حماس وفتح وشعبية", لكن الحمساويين ينتظرون نتائج ربيع الثورات العربية, والفتحاويون يحلمون بالعودة الى مقر الأمن الوقائي في تل الهوا, والرفاق "معاهم معاهم عليهم عليهم".
بعدما "تخوزق" جيل مدريد واوسلو, وبعدما هتفنا "غزة أريحا فضيحة" أصبحت الفضائح مثل الأفراح, لا تتوقف طول أيام السنة, ولا تقتصر على موسم الصيف.
ثم توحدنا على الرصاص في انتفاضة الأقصى, وتنافست الفصائل على العمليات الفدائية واختلفنا على تبنيها وتبني الشهداء, فكان ربيع الانتفاضة, لكن الإسرائيلي استعار المثل العربي: بكــــــرة نقعد جنب الحيطة... ونســـــمع الزيطة, حتى "زاطت" الأمور ووصلنا إلى الانقسام.
في غزة والضفة نعيد اليوم صورة معتقل النقب, لكل فصيل خيمة.. في الضفة خيمة, وفي غزة خيمة, والشاويش فلسطيني, والجندي الإسرائيلي يحاصر ويحبس الجميع", حتى العملاء كانوا معتقلين في النقب ولهم قسم اسمه "المواخير".
الأسر والقهر لم يوحد الفصائل كما لم يوحدها الحصار والقصف والحواجز في الضفة. لكن الجيل الجديد أمامه فرصة لكي يخرج من دوامة الوحدة الوطنية قبل أن يغرق فيها ويعيد سيرة الأولين.
على الجيل القادم ان يبحث عن طرق جديدة إبداعية, كي يتواصل مع الآخر في عالم سمته الأساسية ثورة الاتصال, بعيدا عن الشعارات التقليدية.
بدل أن يغني جيل "الانترنت" أغاني الوحدة القديمة عليه أن يؤلف أغانيه وينشدها بطريقة جديدة, عليه ألا يستعير هتافات الماضي, لأنها لم تستطع أن تشعل حماسة الوحدة وأدت إلى مرض التوحد.
لن تتمكن دعوة رئيس الوزراء إسماعيل هنية لأبو مازن بزيارة غزة, ولا مبادرة الأخير لتشكيل حكومة مستقلين من إنهاء الانقسام لأنه في اليوم التالي: "ستعود ريما لعادتها القديمة".
ربما يوحدنا الاحتلال هذه المرة على دماء غزة , واستيطان الضفة ونغني كلنا:
يا ويلك ويل يللي بتعادينا
يا محلى الموت لاجلك فلسطينا