بقلم/ د.ايهاب الدالي
هبت الشعوب العربية جميعها عن بكرة أبيها مطالبة بالتغيير للأفضل، أناس سئموا حياة الذل والانكسار، أرادوا أن يقولوا لا للجلوس بالبيوت ولا للعبودية وألف لا لسياسة كتم الأفواه، فمنها التي أطاحت بالنظام الحاكم ومنها من تسعى لذلك، وغيرها التي فوجئت بأنها دخلت في حرب ضروس لا نهاية لها مع من كانوا يظنون بأنهم حماة الوطن، يقتلون أبناء شعبهم ويبيدونهم ويسحقونهم حباً في التسلط واستكمالاً للدور الأمريكي .
هناك بعض الدول العربية حسنت من مواقفها تجاه شعوبها خوفاً من أن تدور عليهم الدائرة .
وهنا في فلسطين لا يكاد يمر يوماً دون سماع أصوات نيران المحتلين وتحليق طائراتهم التي تطلق صواريخها على المدنيين العزل، وكاد عدد الشهداء أرقام تحصى يومياً ويخرج الفلسطينيون دائماً متظاهرين منددين بتلك الجرائم التي تنتهك كل القوانين والأعراف الدولية والإنسانية .
أصبح لدينا حكومتين إحداهما هنا في غزة وأخرى في الضفة منذ الأحداث المؤسفة التي وقعت في الرابع عشر من حزيران/يونيو عام 2007م. والتي أدت إلى الانقسام بين قطري الوطن، ولا نعلم هل ستكون هناك حكومات أخرى كحكومة للاجئين وحكومة للمواطنين؟ وما خفي في الأجندة (الإسرائيلية) من مخططات أمكر بكثير.
لقد نجح ما خطط له أعداء الله ووقعنا في فخ مكرهم وانقسامنا هذا يضعف من قوتنا وعدونا ماضٍ في استباحة دمائنا، ونعتصر ألماً ونزداد حرقةً عندما يكون التحريض ضد أخوة لنا من أبناء جلدتنا وتصبح الفضائيات مرآة لنكشف بها عوراتنا .
وبعد أربع سنوات من الانقسام أراد الشعب الفلسطيني بكافة أطيافه أن تتوحد جهوده وأن ينهي خلافاته الداخلية وأعدوا مسيرات ضخمة كعاداتهم ولكن هذه المرة مطالبين بإنهاء الانقسام، وظن الجميع بأن حلم الوحدة بات بين قوسين وأدنى، وتردد السؤال في أذهان الجميع هل سيكون الخامس عشر من آذار الحالي يوماً فارقاً في حياة شعبنا الفلسطيني المنهك انقساماً وحصاراً، ولكن للأسف مضى الخامس عشر ومر السادس عشر كما مرت غيرهم من الأيام، فهل النوايا صادقة للتصافح ؟
وبدأ الحديث عن زيارة أبو مازن إلى قطاع غزة عندما لبى دعوة رئيس الوزراء السيد إسماعيل هنية، وتباينت وجهات النظر بين الغزيين فمنهم المرحبين والمشجعين لتلك الزيارة ، لعلها تطوي صفحة مريرة في عهد شعبنا العظيم، ومنهم من يضع علامات الاستفهام على تلك الزيارة ، وبعضهم الذي اعتبر الزيارة عبارة عن علاقات عامة، وغيرهم يعتقد أنها ليست ذات أهمية، كل هذا والحكومة في الضفة مازالت متمسكة بخيار المفاوضات السرية والعلنية، بل زادت لقاءاتها ولم يظهر ما ينبثق عنها .
السؤال الذي يتردد الآن هل فعلاً سيأتي السيد محمود عباس إلى غزة كما قال ؟ و ما هي الأجندة التي يحملها؟ أهي بتوجيه أمريكي و(إسرائيلي) أم هي نابعة من الإحساس بالوطنية و ضرورة العودة إلى حضن الوطن؟
منذ سماع ذلك النبأ بدأ الإعلام بعمل استطلاع للرأي وخصصت صفحة على الفيس بوك تحت عنوان هل تؤيد زيارة أبو مازن إلي غزة؟ شاركنا برأيك .
وبات البعض معولاً على تلك الزيارة المرتقبة، ولكن الأجدر بنا أن نتساءل ماذا يحمل عباس بجعبته ؟ وماذا أعد هنية لاستقباله ؟
كل الشعب الفلسطيني يقول :
نريد إنهاء الانقسام، ووقف الحملات الإعلامية والإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين، وإنهاء كافة أشكال المفاوضات التي لا جدوى منها، ووقف التنسيق الأمني، وإقامة حكومة وحدة وطنية وأن تتكاتف الجهود لطرد المحتلين من أراضينا .