مصطفى الصواف
بتنا أكثر تجذرا وتمسكا ووعيا بحقنا في أرضنا فلسطين، ولم تثننا كل الجرائم والمجازر والإرهاب والقوانين العنصرية عن إيماننا أننا أصحاب حق وان كل فلسطين هي للشعب الفلسطيني، وأن فلسطين لا تقبل القسمة، وأن كل القوانين والقرارات الإسرائيلية أو تلك الصهيونية المغلفة بالأمم المتحدة هي باطلة بطلان الاغتصاب الصهيوني لفلسطين.
كل هذه السنوات الطوال التي مرت علينا ما زادتنا إلا قوة وإصرارا على مواصلة طريق استرداد الحق في الأرض، واستعادة الكرامة، والإيمان أن المقاومة الطريق نحو التحرير والخلاص، وأن هذا العدو لا يفهم لغة الحوار، وأن هدفه هو تهويد الأرض واستكمال طرد الإنسان الفلسطيني من أرضه بكل الوسائل والطرق، ولكن هذا الموقف الفلسطيني الثابت على المطالبة بحقه في تحقيق العدالة أغاظ العدو وأوقف كل أحلامه الآخذة بالتراجع.
كل سنوات الاغتصاب أكد يوم الأرض فيها أن المشروع الصهيوني فاشل، وزاد التأكيد هذه الانتفاضات التي غطت فلسطين وأكدت أيضا أن الشعب الفلسطيني لازال متمسكا بالأرض واضعا نصب عينيه أنها ستعود، وهذا العود الأحمد يحتاج إلى تضحيات وثمن دفع جزء منه ويواصل الدفع لبقيته حتى يتم الخلاص وتعود فلسطين.
مقابل هذا التجذر الفلسطيني وهذا التمسك وهذه التضحيات اليومية المتواصلة، كيف أصبح موقف الغاصب المحتل الذي رفع شعار (إسرائيل) من النيل إلى الفرات، وان فلسطين أرض بلا شعب لشعب بلا ارض، أضغاث أحلام وأوهام عشعشت في عقول الصهاينة، وأمام هذا الصمود الفلسطيني إذا بأحلامهم هذه تتقزم وتنحصر وتتراجع، وما هذا الجدار العنصري الفاصل بين الأرض الفلسطينية في الضفة الغربية وفلسطين المحتلة من عام 48 إلا دليلا واضحا على هذا التراجع، وهذا الاستجداء المتواصل من الصهاينة للفلسطينيين للاعتراف بهم رغم أن أمريكا القوة الغاشمة في العالم ومعها العالم الغربي بأكمله وربما كل العالم يعترف بها؛ إلا أنها لم تشعر بعد بالأمان والاستقرار وهي تستجدي اعترافا فلسطينيا كاملا بها؛ ولكن هيهات، فهي إلى زوال.
خمسة وثلاثون عاما على يوم الأرض وشهداء يوم الأرض لم تفت في عضد الفلسطينيين الذين آثروا البقاء في فلسطين المحتلة من عام 48 وواجهوا أصناف العذاب والتمييز العنصري ومحاولات التذويب وسلخهم من ذاتهم وعقيدتهم وفلسطينيتهم، بل زادتهم إيمانا بأن حقهم أقوى من كل هذه المحاولات وزاد تجذرهم هذه الدماء الزكية التي سقطت لتروي جذور الثبات واليقين والبقاء والهوية، ولم يكتفوا بتلك الدماء التي روت وجودهم بل زادوا فيها يوم أن انتفضوا في هبة الأقصى ليؤكدوا عمق الانتماء.
في يوم الأرض التحم الفلسطينيون لحمة الدم ولحمة الأرض والتصقوا في الطين التصاقا لا انفصال عنه، ورسموا في هذا اليوم ملامح جديدة لخارطة طريق جديدة آخذة بالتحقق يوما بعد يوم، وأن هذا العدو لا مجال له إلا إنهاء الاغتصاب وترك الأرض لأصحابها الشرعيين طوعا أو كرها.
أكد يوم الأرض أن الفلسطيني لا ينسى حقه ولا يبيع أرضه وأن دونها الروح، وانه لن يستسلم وهو باق على عهده مع الأرض بألا تفريط في شبر منها بل التحرير والعودة.