قائمة الموقع

مقال: من صاحب القرار في الضفة؟!

2011-03-31T07:10:00+02:00

لمى خاطر  

لا يبدو أن الأجهزة الأمنية التابعة لفتح في الضفة تتصرف وفق الجو (التصالحي) العام الذي تبديه قيادتها السياسية، ولا تبدو معنية بالالتفات إلى ما يقدمه السياسيون من وعود على طاولات الحوار التي تجمعهم بقادة من حماس، ولا حتى الاستعداد لتنفيذها، وخصوصاً ما يتعلق بالمعتقلين والمفصولين من وظائفهم على خلفيات الانتماء السياسي.

المشهد السلطوي في الضفة يؤكد أن القيادات السياسية لحركة فتح ليست سوى هياكل وواجهات لبيع الكلام والوعود حينا، ولتبرير الجرائم الأمنية حيناً آخر، ولتجميل مسارات التفاوض العبثية وإسنادها حيناً ثالثا، أما السطوة الحقيقية النافذة فهي للقيادات الأمنية التي ما زالت تجتهد في قصقصة أجنحة حماس بساديّة مفرطة!

وهذا المشهد لا يبدو شاذاً عند الحديث عن سلطة قوامها الذراع الأمنية فقط، بمعنى آخر؛ فإن سلطة إدارية يحكمها منطق أمني أولويته تنحصر في تنفيذ الالتزامات تجاه الاحتلال لا بد أن تبرز فيها مثل هذه الاختلالات البنيوية، ولا بد أن تكون واجهتها السياسية هشة وخادعة ومسلوبة القرار إلى أبعد حد، ولا بد بالتالي أن ينعكس كل هذا على سلوكها العام وعلاقاتها مع خصومها السياسيين وعلى رأسهم حماس.

ولهذا كله فلن تكون مبالغة لو قلنا إن الحديث عن المصالحة لا زال كذبة كبيرة، وإن حرص فتح على تعليق أزمتها على شماعة التعنت الحمساوي ليس سوى محاولة مكشوفة للتعمية على المطبّات الحقيقية التي تصطدم بها قيادة فتح كلما فكرت في إبداء شيء من المرونة إزاء هذا الملف.

تصريحات نتنياهو المحذرة عباس من تقاربه مع حماس لا تنفصل قيد أنملة عن تهديدات القيادات الأمنية في حركة فتح للمستوى السياسي فيها، ولا عن بوادر تمردهم على أية أوامر قد تطالبهم بالإفراج عن المعتقلين في حال أنجز ملف المصالحة، ومن ينكر بدهية أن الملف الأمني شائك، ومعالجته مستحيلة بسبب الالتزامات الأمنية تجاه الاحتلال هو مشارك بشكل غير مباشر في إدامة هذا العار المسمى تنسيقاً أمنياً، وفي تضليل الشعب وتعميق أزمته. لأن أول خطوة على طريق الخلاص من الواقع الحالي تقتضي تشخيصاً سليماً لمشكلاته، وهذا التشخيص سيظل متعثراً وفاشلاً إن بقينا نلهث وراء العلاج الخاطئ للداء الفلسطيني الذي يوشك أن يتحول إلى مرض عضال ما دام لدينا من يستطيع التعايش تحت مظلة مشروع (وطني) مصمم بمقاييس إسرائيلية!

الضفة اليوم لا تحكمها سلطة سياسية تبني دولة ولا حتى هياكل إدارية، بل تقوم عليها شركات أمنية تعمل ضد شعبها وإرادته، وتجتهد في تيئيسه وقتل كل بوادر استنهاض مشروعه التحرري في مهدها، وهي تحمل موروثاً من الأحقاد المريضة ونزعة التنفّذ التي تبقي حربها على أعدائها وخصوصاً حماس مستعرة وماضية، وهي فوق كل هذا ملزمة بتحقيق مقتضيات أمن (إسرائيل) مهما كلف الثمن، وبالسير على الهدي الذي خطه لها الجنرال دايتون، قبل أن ينجز مهمته بنجاح ويتحول إلى خبير عالمي يقصده الطامحون في تغيير عقائد الشعوب وتبديل أهدافها، وفي تحويل جزء من الشعب إلى ذراع أمنية تخلص أيما إخلاص لعدوها، وتعينه على ضرب الجزء الآخر من الشعب، وكل هذا عن سابق إصرار واقتناع!

لا يجرؤ ولا يقبل أي مسؤول في فتح اليوم أن يطالب (بكسر اللام أو فتحها) بالتخلي عن نهج التنسيق الأمني والكف عن محاربة المقاومة، لأن هذا باختصار هو الحبل السري الذي يمدهم بأسباب البقاء، ويطيل من عمر حركتهم ومشروعهم على حد سواء، ولا ضير مع كل هذا في الاستمرار بالرقص على جراح الانقسام، ورمي حماس بفرية التنكر لاستحقاقات المصالحة، فليس متوقعاً أصلاً من الخائبين والجبناء وقامعي المقاومة غير هذا!

 

 

اخبار ذات صلة
فِي حُبِّ الشَّهِيدْ
2018-04-21T06:25:08+03:00