قائمة الموقع

مقال: الثورات العربية تقمع شهوة العدوان الإسرائيلي

2011-03-31T15:07:00+02:00

صالح النعامي  

لقد بات الكثيرون في "إسرائيل" يدركون أن خيارات دولة الكيان في أعقاب التحولات في العالم العربي محدودة جداً، وأن هامش المناورة الذي كان متاحاً "لإسرائيل" خلال حربها الأخيرة على قطاع غزة لم يعد قائماً.

وبحسب المعلق العسكري الإسرائيلي ألون بن دافيد،  فإن "إسرائيل" باتت تخشى أن تؤدي أي عملية عسكرية كبيرة في قطاع غزة إلى ردة فعل عارمة من قبل الشعوب العربية، مما يعني إجبار الحكومات العربية على خطوات متطرفة لإيذاء "إسرائيل".

وفي تعليق قدمه في القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي أوضح بن دافيد أنه لازالت الكثير من الأوراق التي بيد مصر لإيلام "إسرائيل" في حال قررت ذلك، على الصعيدين الأمني والاقتصادي دون أن يتعرض الموقف الرسمي المصري للانتقاد في الساحة العالمية.

وأضاف " صحيح أن المصريين حالياً منشغلون في شؤونهم الداخلية، ولا يثيرون المشاكل "لإسرائيل"، لكن يكفي أن نرتكب أمراً كبيراً في غزة، حتى تندلع مظاهرات كبيرة في القاهرة تعرض مطالب صارمة، سيكون من الصعب على المجلس العسكري المصري رفضها، فعلينا أن نتذكر أن حسني مبارك وعمر سليمان لم يعودا يديران الأمور في القاهرة ".

ويرى كوهين أن الاستجابة لـ " شهوة الانتقام سيكلف إسرائيل فقدان الكثير من الأوراق بعد التحولات العارمة التي يشهدها العالم العربي ". لكن رئيس الموساد الأسبق داني ياتوم يرى أن "إسرائيل" ملزمة بإبداء أقصى درجات الحذر في تعاطيها مع قطاع غزة بسبب التطورات " الخطيرة " المتواصلة في الأردن تحديداً.

وفي مقابلة مع الإذاعة الإسرائيلية باللغة العبرية حذر ياتوم من أن أي ضربة كبيرة لقطاع غزة ستحرج جداً النظام الأردني " الذي يتعرض لاختبار صعب جداً ".

ويرى ياتوم أن "إسرائيل" مطالبة بإظهار الحساسية الشديدة إزاء ما يجري في الأردن على اعتبار أن تغيير صيغة الحكم القائمة في الأردن تنذر بخسارة "إسرائيل" أهم حليف استراتيجي لها في المنطقة، مشدداً على أن خسارة "إسرائيل" النظام الأردني الحالي أخطر بكثير من زوال نظام مبارك في مصر. ويطالب ياتوم الإسرائيليين بأن يمعنوا النظر في الخارطة، ليتذكروا أن الأردن هو الذي يملك الحدود الأطول مع "إسرائيل"، علاوة على أن هذه الحدود قريبة جداً من " المراكز الحضرية " الإسرائيلية، بخلاف الحدود مع مصر.

 وأضاف: " يتوجب علينا ألا نمنح القوميين والإسلاميين الذخيرة لمهاجمة النظام الهاشمي في هذا الوقت تحديداً، يتوجب أن نزن الأمور بميزان من ذهب ".

لكن هناك من المعلقين الإسرائيليين من شكك في قدرة "إسرائيل" في شن عدوان على قطاع غزة، وذلك بسبب تآكل مكانتها الدولية بعدما رفضت الاستجابة لمطالب العالم بتجميد الاستيطان في الضفة الغربية والقدس.

وقال كبير معلقي القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي أمنون أبراموفيتش أنه على الرغم من أن نتنياهو تصرف بـ " حكمة " في مواجهة عمليات اطلاق الصواريخ حتى الآن، إلا أنه في الوقت ذاتي يعاني من انعدام البدائل، بسبب تضعضع مكانة "إسرائيل" الدولية وعجزها عن توفير دعم عالمي وإقليمي لعملياتها ضد الفلسطينيين.

 واشار أبراموفيتش إلى أن نتنياهو " تائه ولا يعرف ماذا يفعل ولا يستطيع فعل اي شيء تجاه حماس وفصائل غزة سوى التأجيل ". وشدد أبراموفيتش على إن "إسرائيل" تواجه ما وصفه بأكبر " عزلة دولية في تاريخها "، مما يعني تقليص قدرتها على العمل ضد الفصائل الفلسطينية، إلى جانب تأثير التحولات التي يشهدها العالم العربي حالياً ".

لكن هناك من المعلقين الإسرائيليين من يرى أنه حتى بدون التحولات الجارفة في العالم العربي، فإنه لم يعد من الحكمة أن تقوم "إسرائيل" بشن عدوان جديد على غرار عدوانها الذي شنته أواخر عام 2008.  وزير القضاء الإسرائيلي الأسبق يوسي بيلين كتب في صحيفة " إسرائيل اليوم " مقالاً في عدد الاثنين الماضي أكد فيه أنه لا يوجد " وهم أكبر من الوهم المتمثل في زعم "إسرائيل" أن الحرب الأخيرة التي شنتها على قطاع غزة نجحت في ردع حركات المقاومة الفلسطينية ".

 وحذر بيلين  من أن "إسرائيل" مرشحة فقط لأن تخسر في حال شنت حرب مماثلة. وأضاف: " سيبدي العالم درجة متدنية من الصبر والتسامح تجاه مناظر أشلاء الأطفال الممزقة، وسنتسبب في حرج كبير للرئيس باراك أوباما، الذي سيجد صعوبة كبيرة في استخدام حق النقض الفيتو ضد أي قرار ضدنا ".

وحتى كاتب يميني مثل بن دورون يميني حذر في مقال نشره في عدد الأحد من صحيفة " معاريف " من مغبة شن عدوان كبير على غزة على غرار حرب " الرصاص المصبوب ". ويجزم يميني أنه بخلاف الانطباع السائد، فإن هذه الحرب شكلت فشلاً ذريعاً لإسرائيل ".

على كل الأحوال فقد بات واضحاً أن "إسرائيل" لم تعد متحمسة لشن عدوان كبير على غزة بسبب التحولات التي يشهدها العالم العربي، علاوة على الشكوك الكبيرة حول جدوى مثل هذا العدوان. بكلمات قصيرة هناك دلائل على أن التحول نحو الديموقراطية في العالم العربي يطفئ شهوة "إسرائيل" لشن العدوان على الفلسطينيين.

 

اخبار ذات صلة