أيمن الرفاتي – الرسالة نت
لم يشعر أحمد الداية –ابن الشهيد محمد الداية- أن طعام الغداء في الجمعة الماضية سيكون بمثابة اللقاء الأخير مع والده القائد القسامي, ولم يدر حينما كان يسأله والده عن مداومته في المسجد ودراسته بأنها الوصية الأخيرة له.. أحمد -ذو الاثنا عشر ربيعا- أفاق من نومه ليلة السبت على تجمع الأهل والجيران للتهنئة والمواساة في ذات اللحظة على شهادة والده, وحينها كانت الصدمة التي كان يتوقعها ويخشاها في كل لحظة بفقدان الوالد الحنون.
اليوم وفي مسجد العمري الكبير كان يجلس الطفل خلف جثمان والده الشهيد والدموع تفيض من عينيه الصغيرتين ذاكرا ما مضى من أيام ومفكرا في كيفية قضاء أيامه القادمة دون أن يسمع سؤال والده عن حاله.
"الرسالة نت" استنطقت ابن الشهيد ببعض كلمات عن والده قال فيها: "كان دائما يسألني عن الدراسة والمسجد ويطلب مني أن أتم حفظ المصحف لكي أكون شفيعا له ولوالدتي عند الله, وكان يريدني أن أصبح مجاهدا في سبيل الله مثله".
ويشير أحمد –كما باقي أفراد عائلة الداية- إلى أنه كان دائما يشعر بالخوف والقلق على والده عندما يسمع أصوات القصف, فيتوقع أن يكون والده هو المستهدف فيصلي داعيا الله أن يرجع له والده سالما ولا يكون هو المستهدف.
وكانت قوات الاحتلال قد اغتالت الشهيد محمد الداية واثنين آخرين من قيادة القسام في قطاع غزة عبر استهداف سيارتهم التي كانوا يستقلونها جنوب قطاع غزة بعدد صواريخ من طائرة استطلاع.
رعاية أبناء الشهداء
وقد أكدت مصادر مقربة من الشهيد الداية أن الأخير كان يعمل ضمن ملف رعاية الأيتام وأبناء شهداء كتائب القسام, حيث كان يتكفل بهم ويزورهم ما بين الفينة والأخرى للاطمئنان عليهم ولرعايتهم ماديا ومعنويا.
ويقول أبو أنس -أحد قادة القسام في منطقة الصبرة- "للرسالة نت": "لقد كان معروفا عن الشهيد محمد الداية أنه كثير النشاط والحب للعمل الجهادي, فقد التحق بكتائب القسام في بدايات تأسيسها, وقد عمل خلالها على تنمية قدرات الجناح العسكري عبر عمله في صنع المتفجرات وتجهيز المجاهدين".
ويضيف أبو أنس: "كان لا ينسى دائما أبناء الشهداء فكان كثيرا ما ينظم لهم الرحلات الترفيهية والمسابقات الثقافية التي تنسيهم جزءا من آلام فقدان الوالد", مشيرا إلى أن الشهيد الداية اشتهر عنه قوله: "إذا نحن لم نرعَ أبناء الشهداء فمن سيرعاهم ويرعى أبناءنا بعد استشهادنا".
ذكريات عائلية
وعودة إلى البيت العائلي الذي ارتسمت عليه ملامح الالتزام والتديّن فقد كان لأبو أحمد الداية ذكريات كثيرة في كل جنباته، ويتذكر الشهيد شقيقه أحمد -الذي يكبره بعامٍ واحد-, حيث يقول: "كلما انتهى أخي محمد من عمله كان يلتقي بي ويطمئن على وضعي ووضع الأهل, وقبل يوم من استشهاده عاد للبيت وجلس عندي وتسامرنا طوال الليل".
ويتابع: "طلبت منه حينها أن يأخذ حذره من غدر الاحتلال خاصة في ظل التصعيد الصهيوني, فضحك وقال لي: "الله بيستر, ايش بدهم فيا ومين أنا عشان يغتالوني".
وأضاف: "وحينها جاء اتصال للشهيد خرج على إثره مستعجلا ولم أره بعدها إلا شهيدا في المستشفى".
يذكر أن الشهيد الداية متزوج ولديه ثمانية من الأبناء كلهم أطفال وهم 5 إناث و3 أولاد أكبرهم يبلغ من العمر 12 عاما وأصغرهم طفلة عدة شهور.