الرسالة نت-كمال عليان
كش ملك.. هذا ما حاول قادة الكيان الصهيوني مرارا وتكرارا الوصول إليه بالنسبة إلى تقرير غولدستون الذي بات خطرا يهددهم في المحافل الدولية، حتى وصل الأمر بهم إلى الضغط على القاضي ذاته ليكتب مقالا يتراجع به عما كان قد وثّقه في الحرب الأخيرة على غزة.
وذكر القاضي ريتشارد غولدستون في مقال له نشره في "واشنطن بوست" أنه يجب إعادة النظر في التقرير الذي يحمل اسمه، موضحا أنه لو كان يعرف وقتها ما يعرفه الآن لكان تقريره وثيقة مختلفة.
حقوقيون أكدوا أن مقال غولدستون حول تقريره بشأن الحرب على غزة لا يؤثر شيئًا من الناحية القانونية، معتبرين في أحاديث منفصلة لـ"الرسالة نت" أن المقال يعكس حجم الضغوط السياسية التي تمارس ضد غولدستون.
وثيقة معتمدة
الحقوقي سمير زقوت قال :" مقال غولدستون لا يعبر إلا عن رأيه الشخصي ولا يؤثر من الناحية القانونية على التقرير لأنه رجل أدى عمله في فترة معينة ولم يعد له أي علاقة حاليا وتم تشكيل لجان خبراء من بعده وخلصت هذه اللجان إلى أن إسرائيل ارتكبت جرائم حرب في غزة".
ولم يخف زقوت خوفه من أن تسعى "اسرائيل" لتوظيف مقال غولدستون سياسيا من الناحية الدولية، محذرا من أن بعض الدول الرافضة أصلا للتقرير ستتخذ هذا المقال شماعة لرفض التقرير.
ونبه الحقوقي الفلسطيني إلى أن التقرير أصبح وثيقة معتمدة وأن غولدستون الشخص لا يؤثر بالتقرير، مؤكداً أن هناك عملا دءوبا بُذل طوال العامين الماضيين للوصول بالتقرير إلى المحافل الدولية ونحو فضاء قانوني وقضائي أوسع.
وكان غولدستون قد اتهم "إسرائيل" بارتكاب جرائم حرب خلال الحرب العدوانية على قطاع غزة، وكتب أن هناك دلائل تؤكد خرق إسرائيل للقانون الدولي بشأن حقوق الإنسان، وقد تصل حد ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
كما كتب التقرير أن "إسرائيل" عملت على حرمان الفلسطينيين في قطاع غزة من العمل والسكن والمياه وحرية التنقل وحقهم في الدخول والخروج من قطاع غزة.
ويشتمل التقرير على 574 صحفة، تتضمن تحليلا وفحصا لـ36 حادثة، ينضاف إليها حوادث أخرى في الضفة الغربية وإسرائيل. وخلال إعداد التقرير تحدث أعضاء اللجنة مع 188 شخصا، واطلعوا على 10 آلاف وثيقة، وفحصوا نحو 1,200 صورة، بضمنها صور أقمار صناعية.
لا يؤثر قانونيا
من جهته أكد مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان عصام يونس أن مقال غولدستون لن يؤثر شيئا من الناحية القانونية، منوها إلى أن التقرير أصبح وثيقة معتمدة لدى الأمم المتحدة.
وقال يونس :" التقرير سيبقى قائما، وهو مستند إلى عمل مهني استمع فيه فريق المحققين الدوليين للضحايا وذويهم وشهود العيان والوثائق الفلسطينية التي تؤكد ارتكاب قوات الاحتلال جرائم حرب"، محذرا من محاولة الاحتلال توظيف المقال لوأد التقرير.
وأوضح يونس أن هناك ضغوطاً مورست على غولدستون بدليل حجم التوظيف السياسي من قبل "إسرائيل" لمقاله، منبهاً إلى أن غولدستون بمقاله لم ينكر ما جاء بالتقرير وإنما جادل في الإجراءات التي تلته.
وصوت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جلسته العادية قبل 10 أيام على قرار يوصي الجمعية العامة للأمم المتحدة بإعادة النظر في تقرير بعثتها لتقصي الحقوق في شأن النزاع في قطاع غزة (تقرير لجنة غولدستون) خلال دورتها الـ66 مع ضرورة إحالة التقرير إلى مجلس الأمن للنظر فيه واتخاذ الإجراء المناسب بشأنه.
الافلات من العقاب
بدوره طالب الدكتور يوسف رزقة المستشار السياسي لرئيس الوزراء إسماعيل هنية مؤسسات حقوق الإنسان بمواصلة متابعة تقرير غولدستون والعمل على تحويله للجمعية العامة للأمم المتحدة حتى لا تفلت "إسرائيل" من العقاب.
ودعا رزقة في بيان سابق له الدول العربية والإسلامية بالتصدي للحملة الإسرائيلية الإعلامية الكاذبة الهادفة للإيهام بتراجع غولدستون عن تقريره، مؤكدا أن "إسرائيل" تحاول التآمر على التقرير.
وأشار المستشار السياسي لرئيس الوزراء إلى أن ما ورد في وسائل الإعلام الصهيوني حول تقرير غولدستون لا يمثل الحقيقة، معتبرا أن المقال لا يفيد التراجع عما ورد في التقرير بشكل حقيقي.
يبدو أن الضغوط التي مورست على القاضي غولدستون كان كبيرة جدا لدرجة أنها جعلته ينسى مشاهد دمار البيوت وقتل الأطفال بل وإبادة العائلات بأكملها في غزة، فهل تنجح "اسرائيل" في مسح هذه المشاهد المؤلمة من الذاكرة الدولية؟.