قائد الطوفان قائد الطوفان

أحلام شكرية ودموع شيرين تستغيث بأهل الخير

الرسالة نت - أمل حبيب

عبر سلالم أكلها الصدأ صعدت (ألم وأمل ) لترصد ألما جديدا من بيت أبو شعبان في غزة. أطلت علينا ابنته شكرية من غرفة حفرت التشققات طريقا على جدرانها واجتاحت الرطوبة جنباتها. ابتسامتها البريئة تلفت الانتباه وتضفي على الأجواء رائحة الحياة وتبعث الأمل رغم الاعاقة. أطراف جسدها الصغير لا تنم عن سنها الذي تعدى الخامسة والعشرين.

تتمدد على بطنها كالطفل الرضيع , لا تغير وضعيتها طوال اليوم. تقابلك بابتسامة خجولة ثم تبدأ بضحكات عالية لتخفي الآهات الدفينة بداخلها, أما أختها الكبرى شيرين فليست بأفضل حال، فهي تعاني من تخلف عقلي. تهز رأسها حينا وتزحف ارضا على بطنها وتتنقل من غير وعي حينا آخر , ولا تشعر بالزائرين أو تدقق النظر فيما حولها .

أصيبت شيرين (29 عاما) بالحمى الشوكية (التهاب السحايا) وهي طفلة رضيعة ما أدى الى تعرضها لشلل دماغي وعدم اتزان وصمم , أما شكرية فبدأت علامات الاعاقة تظهر عليها وهي في الشهر السابع وكان السبب هو نقص الاكسجين عند الولادة مما تسبب لها بضمور المخ واعاقة جسمية وعقلية ولكنها بدرجة أقل من شقيقتها.

الأربعيني أبو شعبان يحلم بالحصول على عمل ليساعد في مصاريف ابنائه وخصوصا مستلزمات شكرية وشيرين من (حفاظات وملابس ومصروف وطعام وغيره ) ويقول :" أشعر بالحزن حينما تطلب مني احداهن شيئا ولا أملك المال لشرائه".

منزل أبو شعبان مكون من غرفتين بمساحة 60 متر يخلو من بعض النوافذ والمستلزمات الضرورية , وبعد فقدانه عمله داخل (اسرائيل )لم يجد خيارا أمامه سوى الجلوس أما منزله بصناديق الخضار ليبيعها ويعيل أسرته المكونة من سبع بنات وولدين , أما زوجته فأصبحت تعاني من الغضروف نتيجة رعايتها وحملها لابنتيها , وتحلم أم شعبان بأن تجد من يكفل ابنتيها من ناحية المصروف والرعاية الصحية .

"حمامة وعصفور وقبضة " كانت هذه أول الأحلام التي تتمناها شكرية وكأنها تريد أن ترفرف بعيدا بأحلامها وآمالها كالعصفور والحمام , ولربما  تريد أن يؤنسوا وحدتها , ويتابع لسانها الثقيل بالتمتمة بكلام غير مفهوم, ولكن والدتها تترجم لنا ما تقول :" بدها شرايط وعرايس", يخطر على بال شكرية أمور يستعجب ذووها منها فهي تعمل على قص الملابس والقماش المهترىء لعمل فساتين للدمى وكذلك لابن أخيها المنتظر , مع العلم بأن شعبان مازال طالبا في الثانوية العامة الا انها تحلم أن تحضن ابنه بين ذراعيها و أجبرت والدها على شراء رضاعة حليب لابن شقيقها وبعض لوازم المواليد .

من غير ادراك  بأهمية الاعلام ودوره في نقل المآسي والآهات , أصرت شكرية على أن تمسك بقلم (ألم وأمل) لتكتب أحلامها بنفسها , متمنية أن تتحقق آمالها وأحلام أهلها ويتحسن وضعهم.

بين الحين والآخر توزع شكرية القبلات لفريق (الرسالة) وتوصيهم بتنفيذ أحلامها الوردية , أما شيرين فتكسر حاجز صمتها الدائم بنوبات بكاء لعلها تفرغ ما في جعبتها من آلام , وبعد أن انتهت شكرية من سرد الاحلام أشارت باصبعها إلى شقيقتها شيرين وعيونها الزرقاوين تقول :" كمان شيرين عندها أحلام (...) اسمعوها لو سمحتوا".

ألم وأمل تطرق باب أصحاب الضمائر الحية لمد يد العون والمساعدة لأبو شعبان وبناته , فآمال شكرية وشيرين تستغيث بأهل الخير والقلوب الرحيمة، فهل من مغيث؟

 

البث المباشر