بين حرد عباس والتصعيد الإسرائيلي

التوتر يتصاعد مع اقتراب السنوية الأولى لحرب الفرقان

الرسالة نت - وسام عفيفة                        

بين الحرد السياسي لمحمود عباس و التسخين الإسرائيلي على جبهة غزة تعيش المنطقة أجواء توتر وانتظار لما هو قادم.

المحللون العسكريون الإسرائيليون دخلوا على خط التصعيد لرفع درجة  الحرارة,  تأكيدا لما أعلنه قادتهم من مزاعم حول تجربة صاروخية أجرتها حركة حماس مؤخرا على صاروخ يصل مداه إلى 60 كيلو مترا.

 وكانت  جهات أمنية إسرائيلية قد أعربت عن اعتقادها، بان اندلاع أي حرب على الجبهتين الجنوبية ،والشمالية في المستقبل ،سيكون بسبب ما ادعته من وجود ترسانة صاروخية لدى كل من حركة حماس وحزب الله.

"الحرد" أو "الدلع" , أو كما ذهب لوصفه أنور رجا القيادي في الجبهة الشعبية القيادة العامة

 " بالغنج السياسي" يزيد الإثارة في المشهد الفلسطيني ونحن نقترب من تاريخ 27 ديسمبر الذكرى السنوية الأولى للحرب على غزة التي لا زالت تلقي بظلالها على الشارع الفلسطيني مع التصعيد الإعلامي الإسرائيلي الأخير .

ومع أن الحديث حول توقع الحرب او التهدئة مسالة ذات حساسية عالية ومسئولية  لها تبعاتها على الجبهة الداخلية الفلسطينية, الا انه من الأفضل مع نهاية العام 2009  توقع الأسوأ من الاحتلال , وربطه بالمناورة التي يجريها ابو مازن في هذا التوقيت وهي تعبر عن حالة يأس سياسي لدى أكثر المتفائلين بمشروع التسوية.

ورغم التطمينات الصادرة عن المستوى الرسمي الحكومي في غزة من خلال تصريح وزير الداخلية فتحي حماد حول استبعاده لجوء الاحتلال لشن حرب جديدة إلا أن الشارع الغزي يتعاطى اليوم بحذر اكبر مع التطورات خصوصا بعدما جرب حربا إسرائيلية لم تحسم وبقيت نتائجها معلقة لصالح المقاومة.

وفي محاولة لتوقع القادم ينبغي التفكير بعقلية العدو حتى نقرأ خطواته القادمة  خصوصا في ظل التحذير الأخير الذي صدر عن أعلى مستوى امني في دولة الاحتلال (يتعلق بصواريخ حماس) وهو تصريح بقدر ما هو مقلق لغزة فانه أيضا يشكل رعبا للإسرائيليين وليس من السهل إعلانه لمجرد إطلاق بالون اختبار يضيف مئات الآلاف من الإسرائيليين إلى دائرة الاستهداف.

وقال الون بن دافيد المحلل العسكري في القناة العاشرة: ان الصاورخ الذي جربته حماس الاسبوع الماضي التقطته الاقمار الاصطناعية الاسرائيلية وحقق نجاحا بوصوله لمدى 60 كيلومترا مما يعني ان الصاروخ يصل الى قلب تل ابيب.

واضاف " ان حماس استغلت الحالة الجوية الأسبوع الماضي وأطلقت الصاروخ من غرب غزة باتجاه البحر لكن الأقمار الاصطناعية الإسرائيلية اكتشفته .

وتابع قائلا": انه في اي مواجهة قادمة فان تل أبيب ستكون في مرمى الصواريخ سواء من الجبهة الجنوبية او الشمالية ".

ووفقا لادعاء رئيس الاستخبارات فان حركة حماس تمتلك نحو 500 صاروخ منها 200 صاروخ متوسط المدى.

التحذيرات الإسرائيلية الاخيرة ترفع درجة التوتر في المنطقة ولا يمكن تفسيرها  ضمن سياسة "حافة الهاوية" من اجل تحقيق هدف معاكس مثل الشروع في تسوية سياسية مع السلطة او تهدئة مع حماس ضمن شروط إسرائيلية,خصوصا بعد انتهاء شهر العسل بين سلطة رم الله والإدارة الأمريكية الجديدة.

التغير الأمريكي يضيف بعدا آخر للتوتر وهو ليس وليد زيارة كلنتون  وبحسب مقربين من عباس، فانه لمس التغيير في موقف الرئيس الاميركي لدى اجتماعه به على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول (سبتمبر) الماضي. وأبلغ عباس اجتماعاً للقيادة الفلسطينية أن اوباما تراجع في هذا اللقاء ليس فقط عن وعوده الشخصية، وانما أيضاً عن وعود الرئيس السابق جورج بوش ووزيرة خارجيته كوندوليزا رايس.

 وقال عباس في هذا الاجتماع إن اوباما لم يطلب منه التفاوض مع "إسرائيل" على رغم عدم وقف الاستيطان فحسب، وإنما أيضاً رفض طلب فلسطيني بالإعلان عن مرجعية عملية السلام المتمثلة في القرارات الدولية التي تحدد الأرض الفلسطينية المحتلة في قطاع غزة والضفة الغربية ، بما فيها القدس والبحر الميت.

 وأضاف أن اوباما يقبل هذه المرجعيات في الغرف المغلقة، لكنه يرفض الإعلان عنها كما فعلت إدارة بوش.

التحول الأمريكي هذا يقلب طاولة المتفائلين من الرئيس الأمريكي الجديد خصوصا عقب خطابه الشهير في القاهرة وبعد أن عاد عباس متفائلاً من أول زيارة له للبيت الأبيض بعد تولي اوباما مهام منصبه و سمع منه ومن أركان إدارته تأكيدات بالتزامه وقف الاستيطان وإقامة دولة فلسطينية مستقلة, لأهمية ذلك في احتواء الأزمات المتفجرة في المنطقة، من العراق وحتى أفغانستان. وسمع عباس الأقوال نفسها من وزيرة الخارجية ووزير الدفاع ومستشار الأمن القومي وقائد أركان الجيش الأميركي، الأمر الذي أشاع لديه تفاؤلاً بتصميم هذه الإدارة على تقديم مقاربة مختلفة للقضية الفلسطينية. لكن سرعان ما تبددت آمال عباس.

ومع حلول الذكرى السنوية الاولى "للرصاص المسكوب" او "حرب الفرقان" ستتضح معالم التصعيد الإسرائيلي من جانب وملامح التطور السياسي من جانب آخر على ضوء مناورة عباس التي يمكن وصفها "بالتسول السياسي".

 وفي حال لم تقدم له أية معونة سياسية واضطر للغياب عن المشهد , فعندها يجب التفكير بعقلية العدو مرة أخرى .. فإذا كانت ادعاءات الاحتلال حول "صواريخ  تل ابيب" صحيحة فهل ستبقى حكومة تضم فريق من المجرمين مكتوفة الأيدي أمام تنامي قدرات المقاومة العسكرية أم ستتحرك لوقف تمددها؟

 

البث المباشر