الضفة الغربية-الرسالة
تشكل الطرق الاستيطانية أو ما تعرف عند الفلسطينيين بـ"الطرق الالتفافية" كابوسا يؤرق حياة الأهالي في القرى التي تحيط بها المستوطنات الصهيونية بالضفة الغربية.
حيث يقوم الاحتلال الصهيوني بشق الطرق الاستيطانية عبر الأراضي الفلسطينية الزراعية التي يصادرها بالقوة من أصحابها، ويقيم عليها طرقا رئيسية تربط بين المستوطنات الصهيونية.
وشهدت هذه الطرق حوادث مروعة كان الضحية فيها دائما فلسطينيين، حيث يؤكد الأهالي أن المستوطنين الذين يسلكون هذه الطرق يقودون سياراتهم بسرعة جنونية، ولا يأخذون باعتبارهم مرور أي شخص عبر الشارع، مما تسبب في استشهاد العديد من الفلسطينيين من رجال وأطفال وشبان، قادهم قدرهم لسلوك تلك الشوارع الخطرة فكانت خطواتهم الأخيرة.
طريق الموت
فبالقرب من قرية الزاوية التي تبعد 15 كم عن محافظة سلفيت، يلتف شارع "عابر السامرة" أخطر الطرق الاستيطانية في الضفة الغربية، والذي أقيم على أراضي البلدة المصادرة، حيث تم مصادرة ما يقارب 400 كم من أراضي البلدة لصالح شق الطريق، الذي يمتد 4 كم وبعرض 100متر، مما أدى إلى تدمير واسع في الأراضي الزراعية وإلى اقتلاع مئات الأشجار المثمرة وخاصة الزيتون.
وشهد "عابر السامرة".. استشهاد أربعة شبان من بلدة الزاوية بحوادث دهس قام بها مستوطنون صهاينة خلال شهر واحد، أثناء مرورهم بسياراتهم بسرعة جنونية، حيث يعمد المستوطنون لدهس من يرونه من الفلسطينيين على الشارع، مما دفع الأهالي لتسميته بطريق الموت.
ويشكِّل طريق السامرة مصدر قلق للفلسطينيين، حيث تم مصادرة عشرات الدونمات لصالح إنشاء مراكز تدريب وجعلها مناطق عسكرية مغلقة، كما تم إقامة برج للمراقبة على الأراضي القريبة من الطريق الالتفافي، مما منع أصحاب تلك الأراضي من دخولها أو الاقتراب منها لجني محاصيلهم أو العناية بها.
قتل ومصادرة
وتحيط الشوارع الالتفافية بالقرى والمدن في الضفة الغربية، وذلك بسبب زيادة نسبة المستوطنات الصهيونية والأراضي المصادرة لصالحها، مما عكس صورة قاتمة للخارطة الجغرافية الزراعية بالضفة، حيث أُتلفت مئات الأراضي الزراعية لصالح شق الطرق الاستيطانية، حتى أن أصحاب الأراضي المجاورة لتلك الطرق يحرمون من دخول أراضيهم بسبب اعتداءات المستوطنين عليهم، فتحولت أراضيهم لمساحات قاحلة وغير مستثمرة.
الحاج أبو يوسف من قرية سالم شرق نابلس يقول:"أرضي تقع قرب الطريق الالتفافي الواصل لمستوطنة ألون موريه، لا أستطيع الذهاب إليها دائما، فالمستوطنون يعتدون علينا، ونتوقع هجومهم علينا بأي وقت نذهب فيه للأرض".
ويضيف:"الطريق الالتفافي أكل من أراضينا عشرات الدونمات، هذا عدا عن الخطر الذي يلحق بنا بسبب هذا الشارع، نحن لا نُؤَمِّن على أطفالنا ولا على مواشينا حتى قرب هذا الشارع، حيث استشهد طفل عليه عندما كان يرعى أغنامه، وتعمد وقتها المستوطن دهسه وظل هاربا بسيارته".
تغيير معالم الضفة
وإلى الجنوب الشرقي لمحافظة نابلس، تعاني قرية "قريوت" من الممارسات الاستيطانية، حيث يتم شق طريق التفافي جديد سيمر من أرض جبلية تابعة للقرية تضم ما يقارب 3 آلاف شجرة زيتون مثمرة.
وفي حال إتمام شق الطريق بشكل نهائي سيتم عزل حوالي 4 آلاف دونم (4 آلاف كيلو متر) من أراضي القرية خلف هذا الطريق.
ويشير المراقبون أن السياسة الإسرائيلية في شق الطرق الالتفافية تأتي بهدف منع التوسع العمراني الفلسطيني أفقيا، وتوسع البناء الاستيطاني بشكل أكبر، كما تعمل على ربط المستوطنات في الضفة ببعضها البعض، مما يشكل فصلا عنصريا من نوع آخر، وتغييرا لمعالم الضفة الغربية بما يتماشى مع رسم السياسات الصهيونية والتهويدية.
وبحسب وحدة نظم المعلومات الجغرافية في مركز أبحاث الأراضي في القدس المحتلة، فإن مجموع طول الطرق الالتفافية القائمة على أراضي الضفة حوالي 880 كم، فيما يبلغ مجموع الأراضي الزراعية الفلسطينية التي صودرت لغرض إقامة هذه الطرق عليها 17 ألفا و600 كم، مما أدى إلى فقدان ما مساحته 19.4% من أراضي الضفة الزراعية.
وحول طبيعة أثر الارتداد لهذه الطرق، أشار المركز إلى أن مساحة الأراضي الزراعية الفلسطينية غير القابلة للاستخدام كارتداد لهذه الطرق عن كل جانب يبلغ مليونا و144 ألف كم.