قائد الطوفان قائد الطوفان

شحادة وغراب.. رفقاء في الدنيا شهداء في الآخرة..(صور)

الرسالة نت – أحمد الكومي

حياة عظيمة جسّدها الشهيدان في واقع الجهاد والحياة الاجتماعية، لدرجة أن من يريد البحث عن اسم لهم فلن يجد غير كلمة "أبطال".. ليطلقها عليهم.

الشهيدان القساميان رائد شحادة وأحمد غراب، رجلان بصفة القائد الصنديد المقدام.. ارتقيا بعدما طالتهما طائرات الاستطلاع الصهيونية عصر يوم الجمعة، وهما يؤديان مهمة جهادية شمال قطاع غزة؛ ردّا على التصعيد الصهيوني بحق أبناء قطاع غزة.

لم تسنح الفرصة لـ"الرسالة نت" بإعداد هذا التقرير بُعيد ارتقاء الشهداء مباشرة واللقاء بأهل الشهيدين كعادتها؛ نظرا للأجواء المتوترة التي شهدتها "الجمعة" من تصعيد صهيوني مكثف طال البشر والحجر والشجر.

رجال المواقف

في بيت علا مدخله "شادرٌ أزرق".. وقفت "الرسالة نت" دقائق معدودة مع زوج الشهيد أحمد غراب؛ للتعرف أكثر عن حياة زوجها القسامي "أبو المجد".

وبثبات الرجال، شرعت "أم المجد" في حديثها بسرد مناقب زوجها قائلة: "في حياة أحمد الاجتماعية كان صدره وسلوكه مفعمًا بالدفء والحنان، ومليئة بروح التعاون والتكافل ونصرة المظلوم، وتبنّي قضايا الناس أكثر من الاعتناء بنفسه.. أحمد مجاهد جسد أسطورة رائعة من الانتماء والجهاد منذ نعومة أظافره، فمنذ بداية عمله الجهادي في "كتائب القسام" حتى يوم استشهاده وشعار التضحية لا يفارقه قولًا وعملا".

وفيما يتعلق باللحظات الأخيرة التي سبقت استشهاد "أبو المجد"، تقول زوجه:" أعددت طعام الغذاء لزوجي بعد صلاة الجمعة مباشرة، وكان -رحمه الله– يشاركني في إعداد الطعام، وبعد لحظات قليلة إذ به يخرج مسرعًا من البيت، بعد اتصال هاتفي بعيدًا عني".

وتضيف:" ذهبت خلفه مسرعة لمعرفة ما يجري بالضبط.. وقف على باب المنزل.. فقال لي بالحرف الواحد: خمس دقائق وراجع.. لكن...".

ورغم كل ذلك لم تخفِ "أم المجد" علمها المسبق بأن زوجها سيكون ممن أكرمهم الله بالشهادة في سبيله، لتؤكد بأنها صارحت والدة أحمد وأخواته بأن خاتمة أبي المجد ستكون شهادة في سبيل الله.

أنهت "أم المجد" حديثها بصعوبة قائلة: "استشهاد أحمد لن يكون النهاية.. فالأبطال لا نهاية لهم".. وأضافت بأعلى صوتها: "أعدكم بأن أنذر ولدي هذا –مجد- للجهاد في سبيل الله، والأخذ بثأر والده.. والحمد لله على كل حال".

تركنا "أم المجد" ونظرات ابنها الصغير لمْ تفارقنا حتى خرجنا من باب المنزل.

جسور عبور

ومن إحدى المواقف التي استقطبتها "الرسالة نت" عن الشهيد غراب من أحد أصدقائه، والتي نشرت بُعيد استشهاده مباشرة، يقول صديق الشهيد: "ونحن نسير في جنازة حبيب قلبنا أبا جعفر –إسماعيل لبد- الذي سبق أحمد بأسبوع تقريبا، وبعدما انتهينا من دفن جثمانه كان جو من الحزن يسود مجموعة من الشباب، وكان أحمد –رحمه الله- من ضمن هؤلاء.. فقال بالحرف الواحد مواسيا لنا: الله يعلم لو أن باستشهاد أبي جعفر سينهزم الدين.. لما استشهد أبو جعفر".

وختم صديقه: "لتبقى هذه الكلمات حلقات وصل بين الجسور العابرة، ولتكون شعارا نتواصل به من أجل العبور إلى طريق الحرية"..

رفقاء الدرب

من غريب القدر أن الشهيدين شحادة وغراب يقطنان نفس الحي والمخيم "الشاطئ".. حتى بلدتهم التي هُجّر أجدادهم منها هي "الجورة".. أيضًا هم أبناء مسجد واحد.. ومجاهدان سويا في خلية عمل واحدة بكتائب القسام..

أحمد ورائد كانا يحملان أحلاما كبيرة من صغرهما، وعندما كبرا مارسا أحلامهما الجهادية بحرارة وتوقد، ولم يتوقفا للحظة واحدة، حتى أن بعضا وصفهما بـ"المرجل الذي يغلي طوال الوقت".

"الرسالة نت" أدّت واجب العزاء لأهالي الشهيدين، وآثرت أن تعرف مزيدا عن حياة الشهيد رائد شحادة رفيق درب "أحمد"؛ فقابلت ابن عمه "زياد شحادة" 31 عاما، حيث أن الأخير كان معروفا بأنه أكثر شخصية مقربة من "رائد".

"ما أعظم روحه!.. أجمل شيء لديه أنه مقتنع بعمق أن مهمة الجهاد تقع على عاتقه، حتى لو كان الرجل الوحيد في العالم الذي يحمل هذا الهمّ".. يقول زياد ودموعه تلمع في عينيه حزنًا على فراق (أخيه) وليس ابن عمه كما يحب أن يصفه..

يقول زياد بأن الشهيد "رائد" ما كان له أن يمتلك هذه العظمة ويستحق هذا التقدير لو لم ينشأ في كنف أسرة ومجتمع ساعدا في تكوين ذاته، واكتسب منهما شخصيته وصلابته؛ "فقد ولد لأم تتدفق إنسانية، وأب صارم في قسماته.. صلب شفاف ولطيف في معاملته".

ابن عم الشهيد زياد أجْمل حديثه في سطور، قائلا: "لا يشعر بألم فقد الأحباب إلا من لامس شغاف قلبه حرارة الأخوة، ولا يعرف طعم الأخوة إلا من عاش لهم، فكلما ذهب بعضهم ذهب بعضي، كيف لا؟! وهم اليد والمعصم.. كيف لا؟! وهم السمع والبصر، كيف لا؟!"..

البث المباشر