رامي خريس
قال انه لن يترشح لفترة رئاسية ثانية وعبر عن استيائه وإحباطه من السلوك الإسرائيلي ومن الموقف الأمريكي المنحاز ، ومع ذلك لم يعلن عن فشل مشروعه التفاوضي مع الاحتلال .
هكذا كان عباس في خطابه يراوغ حتى في اللحظات التي يقول أنها الأخيرة ، فاعترف بخذلان أصدقائه له ، ولكنه لم يذكر أي شيء عن العلاقة غير الشرعية التي بناها منذ انخراطه في مسيرة التسوية التي يكاد يجمع المراقبون كافة أنها فاشلة ولم تحقق شيئاً للفلسطينيين ، بل زادت قضيتهم تعقيداً.
الأعداء والأصدقاء
وبدلاً من الاعتذار للفصائل التي رفضت برنامجه من البداية ، وتحدثت عن المنطلقات الإسرائيلية الرافضة للسلام والموقف الإسرائيلي المنحاز لدولة الاحتلال على الدوام ذهب عباس إلى مهاجمتهم لاسيما حماس التي نالت نصيب الأسد من ذلك ، بل إن هجومه عليها فاق نقده للإسرائيليين والإدارة الأمريكية.
ويبدو أن عباس يرى أن العدو الحقيقي هي حماس وأن الإسرائيليين والأمريكان هم أصدقاؤه الذين خذلوه فقط ، وهو ما أثار حفيظة بعض المراقبين الذين قالوا أنه كان على عباس أن يُقبل بشكل أكبر على المصالحة في ظل المواقف الأخيرة للإدارة الأمريكية والتي عبرت عنها وزيرة خارجيتها هيلاري كلينتون.
إخفاقات متتالية
وإذا كان برنامج عباس للتسوية قد فشل فإن إخفاقاته تعددت منذ توليه رئاسة السلطة وحتى انتهت مطلع العام الحالي ، وحتى بعد اغتصابه للسلطة بعد انتهاء ولايته.
فالسلام المزعوم لم يتحقق بل ازدادت وتيرة الاستيطان في الضفة الغربية ومحيط القدس ، وزادت الاعتداءات على المسجد الأقصى والحفريات تحته.
وبالرغم من ضمانه لأمن الإسرائيليين في الضفة وتنسيقه الأمني معهم إلا أنهم واصلوا سياسة الحصار في الضفة كما في غزة وقطعت مدنها وقراها أوصالاً.
وبدلاً من الحفاظ على الوحدة الفلسطينية ، أدت سياسته عقب انتخابات يناير 2006م وفوز حركة حماس فيها إلى الانقسام الذي يعاني منه الفلسطينيون حتى الآن.
ومع تغنيه بالديمقراطية إلا أنه أول من خرقها بتشكيله حكومة فياض في الضفة التي لم تنل ثقة المجلس التشريعي ، كذلك اغتصب رئاسته للسلطة بعد انتهاء ولايته مطلع العام الحالي.
ولم يكتف بهذا الأمر فقد تواطأ مع الاحتلال أثناء الحرب على غزة بل إن بعض المصادر تشير إلى أنه من طالب بشن الحرب لتتسنى له العودة إلى غزة أو كما يقول الفتحاويون أنهم سيستعيدونها.
عباس إذن لم يحقق السلام الذي قال أنه برنامجه وخياره ، ولم يحرر الأسرى، والاستيطان مستمر، والقدس تهود وتهدم بيوتها ويهجر سكانها، والاجتياحات والاعتقالات مستمرة، وجدار الفصل العنصري اكتمل بناؤه، ولم يتابع قرار محكمة لاهاي، بل أجل تقرير غولدستون الذي فتح الباب على مصراعيه لمحاكمة قادة جيش الاحتلال، وللتحقيق في جرائم الحرب على قطاع غزة ، ومع ذلك لم يعلن الفشل صراحةً.