قائمة الموقع

مقال: مرحلة حاسمة

2011-04-11T10:17:00+03:00

مؤمن بسيسو

من المحظور أن نركن إلى أحاديث التهدئة المطروحة، وأن نبرمج حالنا وأداءنا ومواقفنا على انتظار تهدئة ملغومة من فم الوحش الإسرائيلي المتربص.

لا تهدئة متوازنة كما يأمل شعبنا وقواه المقاومة، ولا هدوء متبادل يقينا شر التصعيد الإسرائيلي الذي لا يتورع عن الجهر بأجندته العدوانية ومخططاته السوداء لسفك دماء شعبنا وتغيير معادلة الواقع القائم.

تريد "إسرائيل" تهدئة فلسطينية كاملة ودائمة حقا، لكنها في المقابل تريد تكريس تهدئة إسرائيلية ملغومة تملك حق التهدئة والتصعيد في آن، ووفقا لما تمليه عليها اعتباراتها السياسية والأمنية.

لا تخفي "إسرائيل" رغبتها في إحلال الهدوء لحماية استقرار حدود جبهتها الجنوبية، لكنها في ذات الوقت لا تخفي قرارها المعلن باستهداف خلايا المقاومة التي تفكر أو تخطط بالعمل ضدها دون أي ضوابط، ما يعني فرض شروط جديدة على قوى المقاومة، وتغيير في أسس وأصول قواعد اللعبة بين الطرفين.

لا تستطيع قوى المقاومة أن تغيّر جلدها أو تخلع عن ذاتها فكرة المقاومة التي تشكل مبرر وجودها، ولن تتوقف عن التفكير والتخطيط في سياق مرحلة التحرر الوطني، ما يعني أن الاستهداف الإسرائيلي لن يتوقف، وأن التهدئة المزعومة لن يكتب لها النجاح طويلا.

تحدثت "إسرائيل" عن مرحلة أولى فحسب من التصعيد والمواجهة، ولا زال في جعبتها مراحل أخرى، ومما يبدو فإن المرحلة القادمة ستكون أكثر قسوة وصعوبة، وخصوصا في ظل الموقف الإقليمي الضعيف الذي لم يرق إلى مستوى خطورة المرحلة وطبيعة المخطط الإسرائيلي، وفي ظل الموقف الدولي الآثم الذي يشكل مزيجا من الصمت والتواطؤ الذي يُسوّغ للاحتلال المضيّ في جرائمه، ومقارفة مراحل أخرى من التصعيد والمواجهة أكثر سخونة واتساعا.

لا غبار على الجهود الدءوبة المبذولة داخليا لاحتواء موجة ونذر التصعيد الإسرائيلي، فالمحاولات والجهود الراهنة لتنسيق وتوحيد الموقف الفصائلي وسبل الرد على جرائم الاحتلال، واتخاذ الاحتياطات الأمنية لحماية بنية وكوادر المقاومة، والتواصل مع العالم الخارجي لكبح عجلة التصعيد الإسرائيلي، تعتبر جهودا حيوية في إطارها التكتيكي، غير أن الجهد المبذول في إطاره الاستراتيجي ينبغي أن يشتمل أيضا على مسار آخر.

تحقيق المصالحة الوطنية يشكل الرد الاستراتيجي الأمثل على عدوان الاحتلال ومخططات التصعيد، والخطوة الفلسطينية الأهم التي من شأنها قلب المعادلة الحالية وإعادة خلط الأوراق في وجه قادة وكيان الاحتلال.

مع تحقيق المصالحة تنتفي العديد من ذرائع الاحتلال، وتتغير أولويات قوى المقاومة، وعلى رأسها حماس، لجهة التفرغ التام للعبء الوطني والشأن المقاوم، وترك أعباء الحكم ومشاكل الناس التفصيلية لحكومة توافقية يغيب عنها اللون الفصائلي المستجلب للاستهداف والتركيز الإسرائيلي.

لا خطر مع المصالحة، بل مصالح جمة بإذن الله، فالاحتلال سيكون حينذاك أكثر حرجا في ضرب غزة وأهلها، وسوف تسقط معزوفته النشاز حول إسقاط حكومة حماس، ولن يجد إلا موقفا فلسطينيا موحدا يتشاطر فيه الفلسطينيون رغيف الخبز ويتقاسمون معه آلام المعاناة ووجع العدوان.

لم يفت الوقت بعد، ولا زال بالإمكان استدراك المرحلة والإقلاع نحو المصالحة لتحصين جبهتنا الداخلية ومواجهة الشدائد بتكتل وطني يلتف حول القواسم الوطنية المشتركة، وما أكثرها، ويعمد إلى تفكيك الملفات العالقة بتؤدة وصبر، ويعيد الاعتبار لقضيتنا الوطنية إقليميا ودوليا، ويطوي صفحة الحصار والمعاناة إلى الأبد.

نعيش مرحلة حاسمة بكل معنى الكلمة، فإما نجتاز أشواكها وألغامها بحكمة واقتدار أو نغوص في وحل العنتريات البائسة وندفع الثمن؟!

 

 

اخبار ذات صلة