قائمة الموقع

مقال: في ضيافة الشهداء أبو سنيمة وعواجة

2011-04-13T08:39:00+03:00

بقلم : د . احمد بحر النائب لرئيس المجلس التشريعي

 

يقف المرء ذاهلاً أمام مشهد الشهادة وتجلياته الرائعة التي تلقي في النفس إشعاعات لا تنتهي من الثقة والأمل والاستبشار بنصر الله.

إنها تباشير فجر الشهادة والشهداء التي تصنع مجد شعبنا وأمتنا، وترسم لنا معالم الطريق إلى النصر والحرية والاستقلال.

من الصعب أن تصف دفق مشاعرك وفيض أحاسيسك حين تلامس الشموخ الذي يطال عنان السماء، وتتحسس ذرى العطاء المنبثق من وحي صلابة العقيدة وعمق الالتزام فيما الدماء لم تجف بعد، والجرح لا زال راعفاً مفتوحاً.

لقد شرفني الله وأخي د. محمد عسقول أمين عام مجلس الوزراء بزيارة ذوي الشهداء آل عواجة وآل سنيمة لتقديم واجب العزاء والتهنئة بارتقاء أبنائهم إلى الفردوس الأعلى بإذن الله.

وصلنا بيت المجاهد الشهيد/ محمد عواجة الساعة العاشرة صباحاً يوم الاثنين الموافق 11-إبريل-2011م، وكان في استقبالنا والد الشهيد وإخوانه وأعمامه وشباب العائلة والجيران، استقبلنا والد الشهيد الحاج/ علي عواجة بابتسامة عريضة معرباً عن افتخاره بشهادة ابنه. جلسنا مع العائلة وقدمنا لهم التهنئة بارتقاء ابنهم الشهيد/ محمد مع رفيق دربه تيسير إثر قصف صهيوني همجي استهدفهما أثناء تأديتهما لواجب الجهاد دفاعاً عن الدين والوطن.

بدأ الحديث والد زوجة الشهيد قائلاً: نحن عائلة عواجة نفتخر أننا قدمنا في سبيل الله أبناءنا منذ حرب 48 ولا زلنا، وسنظل نقاوم الاحتلال حتى تحرير فلسطين بإذن الله تعالى، ثم تحدث والد الشهيد عن سيرة الشهيد وحب الناس له، وعن حبه الشديد لقيام الليل مناجياً ربه أن يرزقه الشهادة طالباً في دعائه أن يُفتَّت جسده في سبيل الله، ثم أردف قائلاً: في يوم الشهادة وقبل أن نتأكد من استشهاده كانت زوجته ترقب الأخبار وتقول: اللهم ارزق زوجي الشهادة، اللهم اجعله في الشهداء!! يا الله، زوجة تتمنى الشهادة لزوجها وهي أم لطفلين!! هل يوجد في زماننا هذا زوجة تطلب موت زوجها انتصاراً للدين والوطن. إنها التربية الإيمانية التي غرسها الزوج الشهيد في قلب زوجته الصابرة، إنه الفهم العميق والإخلاص الشديد لبذل الغالي والنفيس في سبيل الله، فكل شيء يهون ليحيا الدين وتنتصر العقيدة، مصداقاً لقوله تعالى: "قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِه فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ".

تقول زوجة الشهيد: "سأربي أبنائي على درب والدهم حتى أراهم يحملون السلاح دفاعاً عن فلسطين حتى النصر بإذن الله تعالى"، فقلت في نفسي هذا الذي نسمعه من والدي الزوج والزوجة ومن الزوجة تهتز له الجبال وتقشعر منه الأبدان، إنه أمر رهيب يشير إلى إرهاصات النصر والتمكين وثقافة الاستشهاد والتحرير، وهذه ضريبة العزة والكرامة ندفعها بكل فخر واعتزاز من دماء شهدائنا وأشلاء أطفالنا ودموع ثكلانا.

أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يجمع بين الزوجين في الفردوس الأعلى وما ذلك على الله بعزيز.

وبعد أن ودعنا عرس الشهادة لآل عواجة انتقلنا إلى عرس الشهيد/ تيسير أبو سنيمة، وكان في استقبالنا والد الشهيد الحاج/ سعيد أبو سنيمة الذي استقبلنا بحرارة وعناق طويل وهو يقول: عقبالنا إن شاء الله، عقبالنا إن شاء الله، فقلنا له نحن وإياكم إن شاء الله.

جلسنا في عريشٍ من جريد أعد بجانب البيت لاستقبال المهنئين بعد تقديمنا التهنئة باستشهاد البطل المغوار/ تيسير أبو سنيمة، أتوا بأطفال الشهيد فقبلنا رؤوسهم ودعونا لهم بخير، ثم تحدث والده الحاج/ سعيد فقال: إن ابني اختاره الله شهيداً ونحن على الدرب إن شاء الله حتى تحرير فلسطين، ثم دعا ابنه الأكبر شقيق الشهيد وقال له: هات شريط الدعاء والقرآن للشهيد حتى يسمع الأخوة الكرام، وفعلاً سمعنا دعاءً ندياً أبكى الحاضرين ثم تلاوة للقرآن من سورتي الملك والقلم بصوت ندي وبأحكام عالية الإتقان، فقلت لوالده هل الشهيد حاصل على شهادة عالية من كلية الشريعة، قال: لا لكنه مجتهد في فهم القرآن وتلاوته وهو حاصل على شهادة الثانوية فقط، فقلت سبحان الله ها هم شهداء القسام أمثال الشهيد تيسير: صدق وإيمان وإخلاص وتجرد وثبات ويقين قرآن وبندقية.

بهذا ننتصر رغم قلة العدد والعدة على أعدائنا الذين تفوقوا علينا مادياً وعسكرياً وتكنولوجياً مصداقاً لقوله تعالى: "كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ".

اخبار ذات صلة
فِي حُبِّ الشَّهِيدْ
2018-04-21T06:25:08+03:00