الرسالة نت –رائد أبو جراد
جلست الخمسينية أم همام الغول أمام خيمتها التي نصبتها على الحدود الليبية المصرية برفقة عائلتها وعينها على الطريق الذي تأمل أن تفتحه مصر أمامها ليوصلها في اقرب وقت الي قطاع غزة.
الفلسطينية أم همام من سكان مخيم الشاطئ غرب غزة قالت بصوت غلبه الحزن " مكثنا 3 أيام في الشارع والساحة الخارجية لمعبر السلوم ونحن بين نار ليبيا التي تحترق و مصر التي ترفض دخولنا أراضيها ".
وكل ما تتمناه الغول التي كانت قطن في منطقة البيضاء في ليبيا أن تعود وأفراد أسرتها الثمانية إلى مسكنهم الأصلي في غزة، موضحةً أن لجنة إغاثة مصرية جاءت من الإسكندرية وقدمت لهم المأوى والطعام اللازم لصمودهم حتى تحل مشكلتهم المستعصية.
ويترقب ما بين 700 الى 1000 مواطن فلسطيني جلهم من الأطفال والنساء والمسنين والطلبة, قرار المجلس العسكري الأعلى للقوات المسلحة في مصر السماح لهم بالعودة إلى ديارهم في غزة, بعد أن فروا من ليبيا بعد أن تقطعت بهم السبل خوفاً على حياتهم وأسرهم، في ظل المواجهات المسلحة بين الثوار والقوات الموالية للزعيم الليبي معمر القذافي.
بلا مأوى
أما والدة الطفل محمد أبو غالي ابن العشر سنوات فناشدت رئيس السلطة محمود عباس ورئيس الحكومة في غزة إسماعيل هنية وجميع الفصائل الفلسطينية والحكومة المصرية وكل المعنيين النظر لقضيتهم العادلة في أسرع وقت .
وبصوت خافت متقطع عبر الهاتف أكملت أبو غالي حديثها :"نحن هنا منذ 4 أيام لا مأوى لنا سوى الشارع نفترش أرضه ونلتحف سمائه في جو بارد .
وتابعت " نرجو من جميع الأطراف المعنية مساعدتنا كي نعود إلى أرضنا و أهلنا "، مشيرة إلى أنها قدمت إلى الأراضي الليبية بصحبة نجلها بهدف علاجه من المرض الخطير الذي ألم به.
وتواجد أكثر من 150 عالقاً فلسطينياً في معبر السلوم، ومكثوا أكثر من أسبوع في الساحة الخارجية للمعبر دون أن تسمح لهم السلطات المصرية بالدخول لأراضيها، وذلك لعدم وجود تعليمات أمنية تقضي بدخولهم، ما اضطرهم للعودة إلى المدن الليبية.
وهدد الفلسطينيون باتخاذ خطوات تصعيدية إذا لم يتم السماح لهم بمغادرة الأراضي الليبية التي فروا منها خوفاً على حياتهم وأسرهم في ظل استخدام القذافي أعتى أنواع الأسلحة ضد شعبه.
ومن بين تلك الخطوات التي هدد بها العالقون، إضراب مفتوح عن الطعام وإحراق العالقين لأجسادهم تعبيراً عن سخطهم وغضبهم من السياسة العربية تجاه الفلسطينيين سواء في المعابر أو المطارات أو على الحدود الدولية.
الطفلة الغزية هيفاء محمد قالت "يا عالم يا ناس شوفولنا حل بدنا نرجع ع بلادنا ما حد مدور علينا إحنا بنموت عند معبر السلوم ساعدونا نرجوكم بينا أطفال رضع ونساء مرضى".
أما الفلسطيني ماجد مطر، (31 عاماً)، من مواليد ليبيا، فيأمل العودة إلى قطاع غزة لينجو بنفسه وأهله من ويلات الحرب، ويقول : "تركت وعائلتي بيتنا في بنغازي وتوجهنا إلى معبر السلوم، لكن السلطات المصرية منعت أي فلسطيني من المرور".
وأضاف "بعد أن رفضت السلطات المصرية السماح لنا بالمرور، اضطررت أنا والعالقين إلى التجمع داخل مدينة مساعد الليبية، التي تبعد خمسة كيلومترات عن معبر السلوم، لكن بعد أسبوع من الانتظار دون جدوى، قررنا العودة إلى المدن الليبية".
نداء عاجل
وبدوره، وجه الشاب أحمد إسماعيل مندوب القنصلية الفلسطينية في طرابلس نداء عاجل إلى المجلس العسكري الأعلى للقوات المسلحة في مصر للنظر في قضية العالقين قرب معبر السلوم على الحدود المصرية الليبية بروح الإنسانية.
وقال إسماعيل " الآن لا يوجد أي فلسطيني على معبر السلوم، جميعهم عادوا إلى المدن الليبية بعد أن انتظروا لأكثر من أسبوع حتى يسمح لهم بالدخول، ونحن حالياً على اتصال معهم ومع السلطات المصرية لإدخالهم، وهناك وعود وأخبار عن إجراء تسهيلات لعملية سفرهم عبر الأراضي المصرية".
وأضاف، "كانوا يحتاجون إلى تعليمات وتنسيقات لمرورهم عبر الأراضي المصرية، وكان الوقت ضيقاً لحل مشكلتهم، كما شهد المعبر ازدحاماً كبيراً لوجود آلاف المغادرين من جنسيات مختلفة".وأوضح إسماعيل (25 عاماً) من سكان غزة، أن بعض العالقين الفلسطينيين واجهوا مشكلات تتعلق بوثائق وجوازات سفرهم الفلسطينية منتهية الصلاحية، بينما لا يمتلك البعض وثائق سفر فلسطينية.
وذكر أن السفارة سلمت الجهات الأمنية المصرية كشفاً بأسماء 500 فلسطيني يريدون مغادرة ليبيا، بينما بلغ عدد الذين وجدوا على معبر السلوم أكثر من 1500 عالقاً فلسطينياً.
ويتابع القنصل الفلسطيني جمال الجمل أحوال الفلسطينيين المتواجدين على الحدود الليبية المصرية لتأمين دخولهم إلى الأراضي المصرية وعودة الراغبين منهم إلى القطاع.
من جانبه، بين الدكتور أيمن عبد الحليم مسؤول لجنة الإغاثة المصرية للعالقين الفلسطينيين على الحدود الليبية أن لجنتهم تقدم منذ عدة أيام المساعدات اللازمة للعالقين وتسعى بكل ما تملك لتقديم يد العون والمأوى اللازم لهم.
وقال عبد الحليم "تواصلنا مع مدير معبر السلوم المصري وأخبرنا بأنه على اتصال مباشر مع المجلس العسكري المصري لإيجاد حل سريع في أقرب وقت لمشكلة العالقين الفلسطينيين".
وأوضح الطبيب المصري القادم من مدينة الإسكندرية الساحلية بهدف تقديم المساعدة لأشقائه الفلسطينيين أن من بين العالقين ما يزيد عن 300 طفل بينهم رضع إلى جانب عدد كبير من النساء والمصابين بأمراض مختلفة يتلهفون للعودة إلى ديارهم.
اتصالات جارية
وكانت مصر قد أوفدت عدد من الأطباء والممرضين والجمعيات الخيرية ضمن لجنة إغاثية لدعم الفلسطينيين العالقين قرب معبر السلوم على الحدود الليبية – المصرية حتى يتمكنوا من الصمود إلى حين عودتهم إلى القطاع المحاصر منذ خمسة سنوات على التوالي.
من جهته، قال د. غازي حمد وكيل وزارة الخارجية في حكومة غزة "سبق وتواصلنا مع الخارجية المصرية ووضعناها في صورة المشكلة الحالية للعالقين الفلسطينيين وتواصلنا مع السفارة في القاهرة ومع الليبيين والفلسطينيين".
وأكد حمد الذي يرأس لجنة الحدود والمعابر في قطاع غزة أن التواصل مستمر مع الجانب المصري لتسهيل مهمة السماح بدخول العالقين الفلسطينيين إلى مصر وترحيلهم أو تسهيل عبورهم من معبر السلوم باتجاه رفح.
ونوه إلى أن حوارات التنسيق السابقة مع الجانب المصري شهدت وصول مجموعة من الفلسطينيين إلى القطاع ، وقال "أجرينا عدة اتصالات لكن عدم قدرة الناس على التجمع والتواصل معنا يسبب أحياناً مشكلة في عدم حل قضيتهم بشكل سريع".
وأضاف "لدينا تصور لحل الازمة من خلال السماح للعاقين بدخول الأراضي المصرية ومن ثم ترحيلهم إلى رفح والدخول لقطاع غزة مباشرة، وأتمنى أن يحدث الحل بأسرع وقت ممكن".
وبرزت أزمة الفلسطينيين العالقين بعد أن انتفضت المدن ليبية ضد حكم القذافي المستمر منذ أربعة عقود في منتصف فبراير (شباط) في حين تفيد تقارير محلية ودولية أن عدد الضحايا تجاوز 15 ألف قتيل.