وسام عفيفة
أستاذ التاريخ المعاصر يبشرنا بأن أصوات العرب في الأمم المتحدة ستتضاعف وان الخارطة السياسية والجغرافية للوطن العربي ستتغير بشكل واسع, بحيث تضم خطوط وحدود كثيرة تفرز دويلات وممالك جديدة.
أستاذنا يؤكد أن المرحلة القادمة ستشهد حالة من تقسم المقسم وتجزيء المجزأ على النحو التالي:
السودان وبعد أن قسموها لدولتين في الشمال -عاصمتها الخرطوم -وفي الجنوب العاصمة "جوبا" سيضيفون إليها دولتين , دويلة ثالثة في دارفور ورابعة في ولايات البحر الأحمر.
العراق المقسم طائفيا سوف يقطع جغرافيا بين السنة والشيعة والأكراد.
أما اليمن فبدل أن يعود "يمنين" سينقسم إلى 3 دول ,اليمن الشمال, واليمن الجنوبي ودولة ثالثة في حضرموت.
وليس بعيدا عن اليمن, ومرورا بالجارة الكبرى المملكة السعودية ستتحول إلى إمارات وممالك, إحداها في المنطقة الشمالية الشرقية ذات الغالبية الشيعية وإمارة في نجد وأخرى في الحجاز.
وفي ليبيا الثورة حيث تراوح الحالة العسكرية والسياسية مكانها يفرض الأمر الواقع والناتو, تشكيل دولة الثوار في الشرق وعاصمتها بنغازي ودولة عائلة القذافي في الغرب وعاصمتها طرابلس.
فلسطينيا نعيش الانقسام السياسي والجغرافي ولدينا حكومتان واحدة في الضفة وأخرى في غزة عدا التقسيم الاحتلالي الذي وزع الضفة الغربية الى "كنتونات" وعزل فلسطيني ال48 والقدس .
في غزة لدينا تقسيمات مناطقية بين الشمال والجنوب والوسط توزع على أساسها الحصص في المناصب والمواقع, فيما يحكم الانقسام الاجتماعي والفصائلي سلوكنا اليومي خصوصا بين حماس وفتح .
ورغم هذه اللوحة العربية المجزأة إلا أن العرب أكثر أمم الأرض التي ترفع شعارات الوحدة وهي أكثرها عرضة للتفكيك.
منذ اتفاقيات (سايكس- بيكو) والغرب يرسم خطوطا جديدة على الخارطة العربية حتى امتلأت "بالخرابيش".
وعندما استنجدنا بالأمم المتحدة قسموا فلسطيننا الصغيرة بيننا وبين الصهاينة ,والتقسيم الذي رفضه العرب قبل أكثر من 60 عاما يقبلون اقل من نصفه اليوم.
ويضرب الراوي غريب عسقلانى مثلا لبعد نظر لدى أم محمد العمشة وهي مجدلاوية, عندما بصقت في وجه جندي عربي حاول اعتراضها.
وعلى ذمة الراوي شقت ام محمد ثوبها، وكشفت لحم صدرها، وأخرجت ثدييها في وجه الشمس تستخير وتستجير:
" يا ريتكم ما جيتوا ولا حاربتوا، يا ريتهم قسموا، ولا كانت الحرب، يا خراب بيتك يا بلد"
كما انه بلغة الرياضيات لا يزال العرب يقبلون القسمة ولا يقبلون الجمع .. وبعد كل عملية ضرب يتعرضون لها يصبحون مستعدين للطرح.
حتى في تراثنا وثقافتنا لا تزال مفردات وأدبيات (انقسامية) تطغى على التفكير (الانفرادي) وتجسدها الأمثال الشعبية :"العب وحدك ترجع راضي" و " الشركة هلكة لوكان في طريق مكة"
و"الشركة تركة".