الرسالة نت – عبدالحميد حمدونة
لكل فلسطيني قصة ولكل شهيد قصة ولكل أسير قصة، ولكن تبقى معاناة الأسير الفلسطيني في سجون الاحتلال الصهيوني لها طعم مر كالعلقم فهو ميت على قيد الحياة، تذرف له أمه دموع والتي يكتب بها عشرات القصص المؤلمة، وأطفال رضع تركوا دون أن يضمهم حنان الأب إلى أن كبر الابن ولاقى والده الأسير في السجن بعد عشرين عاما.
أنهك الانتظار وألم المعاناة والدة الأسير محمود أبو شوقة المحكوم عليه بالسجن "15 عاماً"، وتتمنى أن تفتح الباب يوماً وتحتضن أبنها والذي سرقه الاحتلال منها منذ عشرة أعوام في أعوام الماضية جعلتها تموت في اليوم ألف مرة.
متى يختفي؟
وبدموعها التي لا تنقطع، أضافت:" عن ماذا سأحدثكم عن الشوق الذي يحرق قلبي كلما نظرت لصورة محمود؟؟.. أم عن صوته الغائب ورسائله التي لا تصل؟؟ أم عن منعنا من زيارته منذ ما زيد عن خمسة أعوام؟؟ أم عن حسرتي ولوعتي كلما سمعت عن معاناته في السجون".وتحلم والدة أبو شوقة اختفاء يوم 17 نيسان من التاريخ عندما يتحرر كافة الأسرى والأسيرات ويعود كل ابن لأحضان أمه ليقتسموا رغيف الحياة مع ذويهم وأولادهم.
أبناء الأسرى الذين يعيشون مرارة البعد في كل وقت وحين تزداد لوعة شوقهم في يوم الأسير الذي يصادف 17 ابريل/ نيسان من كل عام ويطرقون باب الخيال علهم يعانقون آباءهم.
كثير من أبناء الأسرى الفلسطينيين خرجوا على الدنيا ولم يجدوا آبائهم يحملونهم بين أكفهم، بل إنهم يسمعون بهه عبر حديث أمهاتهم وأجدادهم، وإما يعرفونه من خلال صورة " الأسود والأبيض" والتي تحتفظ بها زوجته منذ اعتقاله.
وتقف الطفلة جمانة أبو جزر تنظر للأفق حالمةً بخروج والدها كي تعيش معه طفولتها والتي سلبها منها الصهاينة منذ أن اعتقل والدها أوائل الانتفاضة الأولى، متمنية في يوم 17-نيسان أن ترى والدها كيف أصبح حاله وشكله وتعانقه من جديد.
ويحيي الشعب الفلسطيني في 17 نيسان ذكرى يوم الأسير الفلسطيني، وبدأ الفلسطينيون بإحياء هذه الذكرى منذ 17/4/1974، وهو اليوم الذي أطلق فيه سراح أول أسير فلسطيني (محمود بكر حجازي) في أول عملية لتبادل الأسرى بين الفلسطينيين والاحتلال الصهيوني.
والدة الأسيرين حسن وأكرم سلامة والمحكوم عليه بالسجن مدى الحياة يحرق فؤادها ألم الفراق في كل يوم وليس بيوم الأسير فحسب، قائلة: " ولداي حسن وأكرم لا يغيبان عن بالي لحظة واحدة.. وكل يوم أبكي بحرقة وأنا أتذكر كل كبيرة وصغيرة جمعتني بهما.. هما كل حياتي وروحي التي تسكن صدري".
لا تحزن
وبصوت الأسى مضت والدة سلامة والقابع في الزنازين الانفرادية منذ أكثر من عشرة أعوام تقول: " يا حسن وأكرم لا تحزنا إن الله معكما وهو ناصركما ...وإن شاء الله ستخرجا قريبا و أطبع على جبينكما قبلة ولا يهم لو رحلت بعدها لأني ساعتها سأكون قد عانقتكما جسدا وروحا".
وبقلب المعادلة فإن أمهات الأسرى الفلسطينيات يشعرن بأنهن المحكوم عليهن بالسجن مدى الحياة، ويتمنين خروج أبنائهن الأسرى من سجون الموت كي يستعدن حريتهن التي سلبها الاحتلال الصهيوني منهن.وتتمنى والدة الأسيرين معانقة ابنيها دون قيود، مضيفة :" لقد قتلتني الأشواق وحرقني الحنين، وأدعو الله أن يحقق حلمي بخروج "حسن وأكرم" ويعودا إلى البيت فيؤنساني ويعيدا لي الأمل".
ولن تهرب من الذاكرة قصة الأسير "أحمد أبو سعود" من الضفة المحتلة والذي اختطفه الاحتلال الصهيوني بعد أيام على وضع زوجته لطفل، ولكن شاءت الأقدار وكبر طفل الأسير واعتقله الصهاينة بعد عشرين عاما ليتقابل الأب وابنه في السجن.
ألفا أسرة فلسطينية لا تستطيع زيارة أبنائها بسبب المنع الأمني لهم، ولعل على رأسهم أسرى حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، ناهيك عن قرابة 1000 معتقل فلسطيني يعانون من أمراض مزمنة مختلفة، ولا يتلقون العلاج اللازم، واستشهد من الأسرى الفلسطينيين منذ العام 67 وحتى اليوم قرابة 180 معتقل.
أفضل صورة
وبلهجة حزينة مشتاقة عبرت أم الأسير حمدي زويد عن جزعها وشوقها لولدها قائلة:" أشعر بأني سأختنق لبعده عني فرؤيته الهواء الذي أتنفس به ..اشتقت إلى كلامه وسماع أخباره ولكن مهما طال عذاب السجن لا بد أن يأتي الفرج والله يُمهل ولا يهمل".
بدوره طالب رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية جميع أطياف الشعب الفلسطيني وخاصة ذوي الأسرى بالالتفاف حول مطلب آسري الجندي الصهيوني "جلعاد شاليط"؛ من أجل إنجاز صفقة التبادل بأفضل صورة؛ "لينال الأسرى حريتهم بعد أعوام طويلة من الاعتقال".
ووفق إحصائية لجمعية واعد للأسرى فإن قرابة خمس الشعب الفلسطيني دخلوا السجون منذ بداية الاحتلال الصهيوني، حيث يقدر عدد عمليات الاعتقال ضد الفلسطينيين منذ عام 1967 (800.000) أي أكثر من 20% من أبناء الشعب الفلسطيني قد دخلوا سجون الاحتلال لفترات وطرق مختلفة.
ولا يزال أكثر من 8000 معتقل داخل سجون الاحتلال، موزعين على أكثر من 27 معتقلاً، ومعسكرات لجيش الاحتلال، ومراكز توقيف وتحقيق.
واعتقلت قوات الاحتلال الصهيوني ما يقارب 5000 امرأة فلسطينية بقي منهم 120 أسيرة يقبعن في سجن تلموند الصهيوني، وكذلك 3000 طفل قاصر أعمارهم اقل من 18 عام، ولا يزال 350 منهم داخل السجون.
وتشير الإحصاءات إلى أن أكثر من 80% من الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين تعرضوا للتعذيب خلال التحقيق على يد جنود المحققين الإسرائيليين، مثل الشبح ومنع النوم ونزع الملابس خلال الليل والضرب والهز، وحتى محاولات الاغتصاب، ذلك عدا عن التعذيب النفسي.
وتبقى عيون الأسرى الفلسطينيين تحدق في باب السجن الموصد لعله يفتح يوما من الأيام كاشفاً ذراعيه عن حلم انتظروه سنواتٍ طوال وهو لقاء أحبتهم وذويهم، فمتى يتحقق حلمهم ودموع ذويهم لا تجف كنهر النيل؟