قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: قضية الأسرى.. بعيدا عن الشعارات!

مؤمن بسيسو

قضية الأسرى تحتل قلب كل فلسطيني غيور، وتهيمن على تفكير كل وطني حرّ من أبناء شعبنا.

لكن القضية ذات القدر الرفيع تدور فلسطينيا في إطار شعاراتي بحت، وتغيب عنها الاتجاهات العملية التي ينشدها الأسرى وتحمل إضافة نوعية لرصيد الجهود التي تدفع نحو إنهاء معاناتهم وتقريب يوم خلاصهم الموعود.

في رام الله نسمع جعجعة ولا نرى طحينا، فكل الدعوات التضامنية مع الأسرى تتحطم على صخرة التجاهل الفلسطيني السلطوي الرسمي لقضيتهم، وسرعان ما تذوي كورقة الشجر الجافة التي تتقاذفها الرياح في قلب العاصفة.

لم نسمع أن مسئولا فلسطينيا تجرأ يوما لطرح قضية الأسرى أمام أي محفل دولي، أو لعرض القضية في إطار أي اجتماع من الاجتماعات الكثيرة مع القادة والمسئولين في الدول المختلفة في طول العالم وعرضه.

وفي غزة نعيش أسرى الحصار وهموم الواقع وانتظار الفرج من صفقة شاليط، ولا نتقدم خطوة حقيقية باتجاه تمثّل معاناة الأسرى التي تتقهقر يوما بعد يوم مع تجذّر الانقسام وطول أمد الانفصال القسري عن التفاعل مع القضايا الوطنية الكبرى التي تتآكل تدريجيا تحت وطأة المخططات الإسرائيلية المتعاظمة التي تستثمر الانشغال الفلسطيني الداخلي بمحنة الانقسام لتنفيذ أجندتها العدوانية ضد شعبنا وقضيتنا.    

 لا يكفي الصدح بأهمية قضية الأسرى صباح مساء، أو التباري في إظهار التضامن والتعاطف مع الأسرى، ونسج الهياكل الرائعة من الكلمات والعبارات الجميلة التي تصلح للعرض والتصدير في كل المناسبات.

لا نقلل من أهمية البعد الإعلامي لتفعيل قضية الأسرى، لكن استمرار لوك الكلمات والتعامل مع القضية على أساس شعاراتي ظرفي محض شيء، والعمل الوطني الذي ينتظم في إطار خطة شاملة ذات أبعاد سياسية وإعلامية وجماهيرية وقانونية شيء آخر تماما.

شبع الأسرى كلمات ووعودا، وأُتخموا مدحا وإطراء، ولم يعد يعنيهم سوى بارقة الأمل التي تحملهم إلى فضاء الحرية وفجر الخلاص، وما سوى ذلك أضحى لديهم ترفا زائدا لا يقدم ولا يؤخر في ميزان بنائهم المعنوي وشعورهم الوجداني.

نحتاج اليوم إلى قرار فلسطيني بإنهاء الانقسام وإتمام المصالحة لخدمة قضية الأسرى، فالحقيقة المرة التي لا يمكن تجاهلها تؤكد أنه لا يمكن الخروج من إسار الشعار المرفوع إلى واقع العمل والتنفيذ إلا عبر استعادة التوافق الوطني، وفتح الطريق أمام عودة الضفة الغربية لاحتضان الهمّ الوطني وقيادة فعاليات التحرر الوطني في وجه الاحتلال.

وحتى ذلك الحين فإن أقل الجهد الفلسطيني ينبغي أن يتركز على تحشيد مختلف الشرائح والقطاعات الشعبية لجهة الالتفاف حول قضية الأسرى بحيث تبقى حية في نفوس كل الفلسطينيين.

ومع ذلك، لا يمكن أن نتنسم عبق النجاح في أية معالجة ما دام جهدنا منغلقا على الإطار المحلي، وما دامت معالجاتنا تركن إلى العمل التقليدي البحت الذي يستثني البعد الدولي من دائرة نشاطاته وفعالياته اللهم إلا من النداءات اللفظية والدعوات الشعاراتية التي نتقن فنّ اجتراحها على الدوام.

ما الذي يمنع من تشكيل وفد فلسطيني محترف بشكل عاجل لخوض جولة خارجية لشرح أبعاد قضية الأسرى وفضح الصهاينة دوليا بلغة الوثائق والأرقام، بحيث يتم احتضانه فلسطينيا وعربيا وإسلاميا وتنسيق زيارته لكل المؤسسات الأممية والمنظمات الدولية والهيئات الشعبية على امتداد العالم؟!

ما الذي يمنعنا من التقدم بدعاوى قانونية ضد قادة الاحتلال لدى محاكم ومؤسسات العدالة الدولية حتى الآن؟!

لا زال أمامنا فرصة للعمل والاستدراك.. فهل نتحرك ونعتبر؟  

 

 

البث المباشر