قائد الطوفان قائد الطوفان

خف حمله وقل حجمه

"الترامال"... تهريب بالجملة وضرب الرؤوس المتورطة

حبوب الترامال تضر بالمدمنين عليها
حبوب الترامال تضر بالمدمنين عليها

غزة- محمد أبو قمر

ارتجفت يدا "خ.ج" وتسارعت حركتها شيئا فشيئا صاحبها تصبب غزير للعرق من جبينه ، وبدأ صوته يعلو بالصراخ من شدة الآلام التي سيطرت على مفاصله وصداع الرأس ، طالبا حبة ترامال تخفف آلامه وتريح نفسيته وتعيده إلى وضعه الطبيعي .

مدمنو الترامال الجدد يتخذون من تلك الحبوب مخدر يعمل بذات مفعول الأنواع الأخرى من المخدرات كالحشيش والهيروين ، ويزيل همومهم وينسيهم آلامهم في غضون عشرين دقيقة فقط- كما يشعرون-.

وتزايدت عمليات مكافحة المخدرات مؤخرا ضد تجار ومروجي حبوب الترامال الذين يعمدون إلى تهريبها للقطاع عبر الأنفاق وبكميات كبيرة ، لسهولة الحصول عليها من الطرف المصري .

** متاجرة وملاحقة

وكما يقول المقدم جميل الدهشان مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات فان معدل الكميات التي تقع بين أيديهم شبه عادية ، حيث ينشط التجار في بعض الأحيان ، وتركد حركتهم في أحيان أخرى وعلى المكافحة أن تبقى يقظة ومتابعة للأمور ، موضحا أنهم خلال شهر رمضان صادروا نصف مليون حبة ترامال دفعة واحدة .

ولعل خفة عقوبة المتاجرة بالترامال التي تعد "جنحة" وتتراوح محكوميتها بين أسبوع وثلاث سنوات وفي بعض الأحيان يكتفي القاضي بتغريم المتورط ماليا بناء على الحالة ، سببا وراء اللجوء للمتاجرة بها دون غيرها كالحشيش والبانجو حيث تعد "جناية" وحكمها مضاعف.

وعلم "الرسالة.نت" ن تداول تلك الحبوب وصل إلى أوساط طلبة المدارس في المرحلة الثانوية لكنه بشكل محدود ، لكن لجوء مدمني المخدرات إليه ازداد بشكل كبير بعد ضربات مكافحة المخدرات المتتالية للرؤوس المهربة للحشيش والهيروين وحبوب الهلوسة" السعادة" .

ويقول مصدر من مكافحة المخدرات "للرسالة.نت" أن بعض المدمنين يتخذون من الترامال بديلا عن أنواع أخرى من المخدرات لعدة أسباب أولها أنها رخيصة الثمن وتعطي ذات المفعول حيث تحتوي على مادة " أوبين " وهي التركيبة الأساسية للهيروين وتستخرج من المورفين ، ويعد تناولها أسهل وأسرع وتعطي مفعولها بشكل مباشر .

وبحسب الدهشان فان التجار الذين يبحثون عن ربح سريع يهربون الترامال حيث يشترونه من مصدره بثمن بخس ويباع في غزة بسعر مضاعف ، وبالتالي يدر عليهم ربحا كبيرا ، وهو ما ينطبق عليه " خف حمله وقل حجمه" .

وانتشرت حبوب الترامال في الفترة الأخيرة بين أوساط الشباب والعاملين في الأنفاق حيث يعتقدون أنه يعدل المزاج ويخفف من آلام مفاصلهم ليتمكنوا من الاستمرار في العمل .

وسجلت مكافحة المخدرات عددا من حالات الإدمان في أوساط الشباب على تلك الحبوب المخدرة التي تسبب آلاما في المفاصل والرأس في حال الانقطاع عنها ، والدخول في دوامة البحث عن حبوب إضافية .

وربما انخفاض ثمن الحبة التي لا تتجاوز الخمسة شواقل زاد الإقبال على حبوب الترامال في الفترة الأخيرة ، حيث تتنوع فئاتها فمنها عيار 100-145-200 هندي ، و 50-100-150 من صنع دار الشفاء للأدوية .

ويعتقد المهربون أن تهريب حبوب الترامال أسهل من بقية أنواع الحشيش ، حيث يتعذر التجار في حال تم ضبطهم أثناء عملية التهريب بأنها علاجات طبية .

** مخاطر محدقة

ويتعذر أحد المتعاطين الذين التقتهم "الرسالة.نت" سابقا في مركز الشرطة بعد إلقاء مكافحة المخدرات القبض عليهم بأن لديه مشكلة جنسية فيضطر لتعاطي الترامال للتغلب عليها ، فيما يقول آخر  "طالما هو دواء ويأتي أحيانا بوصفة طبية ويباع في الصيدليات فما المانع من تعاطيه " ، مؤكدا أنه يجعل الشخص الذي يتعاطيه يشعر أنه يعيش في عالم آخر من السعادة وإطالة مدة الجماع وتأخير عملة القذف وهو المطلوب في هذه الأوقات حتى يتمكن الشخص من الابتعاد عن كل المشاكل في هذه الساعة ، حسب قوله .

وتصرف الحبوب في بعض الأحيان مسكنا للآلام بوصفة طبية ويلزم المريض بإبرازها عند صرفها من الصيدلية ، إلا أن بعض الصيادلة يتغاضى عن ذلك طمعا بالربح في ظل تزايد الإقبال عليها وسط فئة الشباب .

ونظرا لخطورة هذا الدواء واستعماله بشكل مفرط من قبل الأزواج أصدرت وزارة الصحة تعميما على الصيدليات تطالبهم بعدم بيعه إلا من خلال وصفة الطبيب المعالج وحذرتهم من أن كل من يخالف ذلك يعرض نفسه للمساءلة وهذا ما أكده الدكتور محمد العفيفي مدير مكتب الأمم المتحدة المعني بالوقاية من الإدمان والجريمة قائلا : "هناك بالفعل قرار وتعميم من وزارة الصحة بهذا الخصوص".

ويجمع خبراء وباحثون مختصون على أن عقار الترامال خطر يداهم الأمة، ومشكلة كبيرة تواجه متعاطيه .

وحذر الدكتور العفيفي المواطنين خاصة المتزوجين منهم من استعمال عقار ودواء الترامال ، موضحا أن هذا العقار الذي يؤخر عملية القذف عند ممارسة العلاقة الجنسية ويطيلها له مضاعفات وخطورة على جسم الإنسان من ناحية أن الشخص الذي يستخدمه باستمرار لا يستطيع أن يمارس العملية الجنسية إلا من خلاله وهذا ينعكس سلبا على نفسيته من جميع الجوانب خاصة المتعلقة منها بالناحية الجنسية ، مشيرا إلى أن الترامال يستخدم في العادة كمسكن قوي للألأم لأنه يحتوي على مجموعة من المركبات.

ونتيجة لحالة الإحباط واليأس التي يعاني منها المواطنون خاصة الأزواج فإنهم يترددون على الصيدليات لشراء هذا العقار ظنا منهم أنه سيخفف عنهم ويشعرهم بالسعادة ولا يعون ويفهمون مدي خطورته ومضاعفاته على صحتهم كما يؤكد الدكتور العفيفي وقال :"العقار يحتوي على مركبات الأفيون المدمنة والمخدرة "

ويقول د. شاكر أبو هربيد الأستاذ المساعد في قسم العلوم الطبية بكلية العلوم والتكنولوجيا بخانيونس أن عقار الترامال مسكن للآلام الحادة والمتوسطة المصاحبة للعديد من الأمراض والحالات المرضية، مشيراً إلى آثاره الجانبية التي تؤثر على جميع أجزاء الجسم خاصة الكبد والكلى إضافة إلى تأثيره على الجهاز التنفسي والعصبي.

وفيما يتعلق بإساءة استخدام العقار أكد د. أبو هربيد أن ذلك موجود بين المتعاطين للضغوط النفسية الشديدة التي يعانون منها، موضحاً أنه موجود في حوالي مائة دولة في العالم بأسماء وأشكال عديدة ومختلفة، ودعت الدول إلى وضعه وتصنيفه ضمن الأدوية المحظورة كونها شبيهة بالمخدرات، متوجهاً إلى جميع المؤسسات بضرورة تضافر جهودها للتصدي لهذه الظاهرة .

 

البث المباشر