قائمة الموقع

مقال: لو لم يكن هناك تنسيق!

2011-04-26T13:34:00+03:00

وحده غياب التنسيق من سبّب حادثة قتل مستوطن وإصابة آخرين في نابلس أول أمس لدى تسللهم إلى ما يعرف بمقام النبي يوسف عليه السلام، هكذا بررت الرواية الأمنية الرسمية الحادث، وكأنها تقدم اعتذاراً مشفوعاً بالحرص على التنسيق لنظيرتها الإسرائيلية، حتى لا يتكرر ما جرى، ولا تضطر السلطة لتحمل تبعات غضب أيّ من عناصر أمنها تنتابه لحظة صدق مع الوطنية وهو يشاهد فلول المستوطنين تسرح وتمرح في المدن الفلسطينية!

عنصر الأمن الذي أطلق النار تجاه المستوطنين يستحق تحية فلسطينية كبيرة بكل تأكيد، وهو جدير بالتكريم لا المحاسبة، وينبغي لهذه الحادثة أن تدفع السلطة في الضفة لإعادة النظر في كثير من سياساتها التي تناقض الفطرة الفلسطينية التي لا تستوعب فقه التعايش مع الغاصب، فضلاً عن رعاية أمنه، وعليها أن تدرك أن نهجها بشقيه الأمني والسياسي ليس سوى عامل إثارة للاحتقان الداخلي ضدها، ولن يلبث أن ينفلت من عقاله، إن لم يكن تجاهها، فعلى شكل مواجهة مفتوحة مع الاحتلال طال الزمن أم قصر.

التنسيق الأمني؛ مصطلح لا ينطق به قادة السلطة والأجهزة إلا مضطرين أمام الإعلام، ينكرونه طويلا، لكنهم يضطرون لاستخدامه حين لا يكون مفر من ذلك، وحين تكون هناك ضرورة لاتقاء الغضب الإسرائيلي إثر حدوث عمليات إطلاق نار تجاه الاحتلال أو مستوطنيه داخل مدن الضفة، لأنه في هذه الحالة تكون أولويتهم أن يبرروا للاحتلال تقصيرهم في منع الحدث!

ولكن، وحده التنسيق الأمني من يتيح للمستوطنين أن يتجرؤوا على اقتحام مناطق الضفة، استباحة أو تخريباً وترهيبا، ولو لم يكن هناك تنسيق لكانت أيدي المستوطنين مبتورة وقاصرة عن العربدة، ولما أقدموا أصلا على دخول نابلس متسللين ودونما حاجة لحراسة مسلحة من الجيش الصهيوني، إذ يبدو أنهم مطمئنون أكثر من اللازم لاستتباب الأمن في مدن الضفة، ولخلوها من عناصر المقاومة وسلاحها، ولجدارة قوات الأمن الفلسطينية بـ (شرف) حمايتهم وتأمين تحركاتهم!

وحده التنسيق الأمني من يدفع عناصر الأجهزة الأمنية للانسحاب من الشوارع تماماً عندما تقتحمها قوات الاحتلال، والتخلي عن مهمة الدفاع عنها، ولو لم يكن هناك شيء اسمه تنسيق لما كانت المواجهات بين الشبان وجنود الاحتلال ستندلع فقط عندما تخلي عناصر الأجهزة شوارع نابلس وتلتزم مقراتها، بل لكانت المواجهات حالة يومية يمارسها الفلسطيني الرافض للاحتلال مثل أية عادة يومية أخرى، وكأي مسلك ملازم له.

لو لم يكن هناك تنسيق لكان توغل أي مستوطن داخل مناطق الضفة يكلفه حياته، ولكانت قبضات بضعة صبية كفيلة بدحر رتل من دوريات الاحتلال وقطعان مستوطنيه بالحجارة فقط، واسألوا يوميات الانتفاضة الأولى لتعطيكم الدليل والشاهد، رغم أنه لم يكن حينها سلطة وطنية ولا نواة دولة (مستقلة) ولا أجهزة أمن محسوبة على الشعب الفلسطيني ولها ألف مسمى ومهمة معلنة، ولا كانت هناك تصنيفات لمناطق الضفة (أ) و (ب) و (ج)، ولا يافطات على مداخل مناطق (أ) تحذر الإسرائيليين من دخولها دون تنسيق، بل كانت كلّها محتلة، ومع ذلك كنت تجد عصابات المستوطنين وحتى قوات جيش الاحتلال تجبن عن دخول بعضها، أما اليوم فكلّها مستباحة، وكأن أوصاف السيادة والأمن الفلسطيني لا تسوّق إلا لدى نفر من الفلسطينيين، ولا تعني الكلّ الإسرائيلي في شيء، حتى أولئك الذين وقعوا على معاهدات التسوية أو خطوا بنودها بأنفسهم!

اخبار ذات صلة
«بيبي».. لمَ أنت صامت
2010-10-26T07:12:00+02:00