بقلم: وائل عبد الرزاق المناعمة
للأمن مكانة عظيمة في حياة الناس, أفراداً ومؤسسات وأجهزة حكومية, فلا يمكن للحياة أن تستقيم دون تحقيق الأمن الذي يتقدم على الكثير من ضرورات البشر, ومن هذا المنطلق كان لا بد من المؤسسات الإعلامية أن توليه اهتماما, وتقوم على نشر الأمن الفكري والاجتماعي والسياسي, وتعين الأجهزة الأمنية على مهمتها في مكافحة الفساد والجريمة والحفاظ على النظام والاستقرار داخل المجتمع.
كما أن وسائل الاتصال تطورت في القرن الأخير بشكل متسارع, حتى صار العالم قرية صغيرة يتأثر ببعضه, فلا تكاد تحدث حادثة أو مشكلة أو اضطرابات في مكان ما على وجه الأرض إلا وتنعكس آثارها على أرجاء المعمورة, كما أن التنافس بين وسائل الإعلام أشتد حتى أصبح الإعلام ميدان أخر من ميادين الصراع.
لهذا أصبح لا مناص من التحول من الأسلوب التقليدي للإعلام إلى الاحتراف وخاصة في مجال الأمن الذي ينعكس على حياة الإنسان وسلامته ووقايته من الانحراف والحفاظ على سيادة واستقرار المجتمع.
وعليه وجب تطوير مهارات وسائل الإعلام والإعلاميين في مساندة قضايا الأمن ورجاله في استخدام الإعلام لخدمة الأمن, وذلك لا يتأتى بدون رؤية واضحة لدى الطرفين, بدايةً بجلاء الغموض عن المهمة الحقيقة للإعلام في نشر الأمن, وتوضيح العلاقة بين الإعلام والأمن وكذلك سبل الاستفادة من وسائل الإعلام في تحقيق أهداف معروفة وتحديد ضوابط الاستخدام.
كما أن الأوضاع الخاصة بالقضية الفلسطينية ووجود الاحتلال الصهيوني الجاثم على تراب فلسطين يفرض واقعا خاصاً, يحتم استخدام الإعلام بما يتناسب مع الواقع, ويتم إعطاء المشكلات الأمنية القدر المناسب من العلاج.
مما تقدم نرى أن الإعلام الأمني هو عبارة عن إعلام متخصص يهدف إلى خدمة القضايا الأمنية وسيادة الأمن في المجتمع, لذلك فإن طبيعة عمل الإعلام الأمني لا تقتصر على العلاقة مع الأجهزة الأمنية فقط, ولكن لا بد له من إنشاء علاقات قوية مع الناس من خلال كسب ثقتهم, لأن الإعلام الأمني في حقيقة الأمر موجه للناس قبل الأجهزة الأمنية, كما تؤدي وسائل الإعلام دورا قويا ومؤثرا في مجال الأمن, فأجهزة الإعلام تعتبر من أقوى الوسائل تأثيرا على مجريات الأمن وفعالية أجهزته. ولكن لا بد أن نأخذ بعين الاعتبار أن تأثير الإعلام على الأمن إما أن أن يكون إيجابيا أو سلبيا.
فالأجهزة الأمنية تعد من المؤسسات الضرورية في الدولة, فهي التي يقع على عاتقها واجبات حماية أمن المواطن والدفاع عنه, وتؤثر طبيعة هذه المهام والواجبات التي تؤديها على الأسلوب الذي تتبعه في أعمالها وعلاقتها مع المؤسسات الأخرى في الدولة, وحيث إن غالبية المواطنين تكاد تجهل مهمات الأجهزة وأهدافها الأمنية التي تسعى إلى تحقيقها, وبسبب هذا الجهل ينشأ السخط على هذه الأجهزة, لذلك تحرص هذه الأجهزة على إقامة علاقات إيجابية بينها وبين باقي مؤسسات الدولة الأخرى ومن بينها الإعلام حيث تكون هذه العلاقة قائمة على الموازنة بين الرغبة في عدم احتكار المعلومات والأخبار, وبين المحافظة على السرية اللازمة لنجاح خططها وأهدافها, وكذلك لا بد من القيام بإيجاد ثقة متبادلة بين أجهزة الدولة الأمنية والمواطنين لكي يتم حصول تفهم عام حول المهام والواجبات لدى الجمهور.