الإفرنجي: أمر النقابة معلق في النزاعات بين المجلس والطوباسي
صباح: المخرج يكمن بالانتخابات وتحتاج توحيدا للجهود
أبو عون: عندما تتهيأ الظروف سنعلن عن موعد للانتخابات وملف غزة محسوم
أبو هين: ستبقى الأزمة تراوح مكانها طالما إشكالية العضويات قائمة
غزة- محمد أبو قمر
ما أن يخطو ملف انتخابات نقابة الصحفيين خطوة للأمام حتى يعود بخطوات للخلف ليبقى في نهاية المطاف "مكانك سر" دون التوصل لمواعيد حاسمة لخوض الانتخابات ، وذلك في الوقت الذي يخيم فيه الغموض على بعض القضايا العالقة كالتدقيق في صلاحية العضويات السابقة وفتح باب الانتساب من جديد .
وبينما بات ملف غزة محسوما لدى مجلس النقابة بانتظار انتهاء الترتيبات في الضفة ، لا تزال الأطر الصحفية " آخر من يعلم " عما يدور في أروقة النقابة التي يطغى الخلاف ما بين نقيبها ومجلسها- منتهو الولاية-.
* تصفية حسابات
خطوات ديناميكية شهدتها الساحة الصحفية على مدار الفترة الماضية في محاولات للوصول إلى نقابة تجمع تحت سقفها الجسم الصحفي الفلسطيني ، إلا أن تلك الخطوات تتعرقل وتصل لطريق مسدود .
ويقول الصحفي عماد الإفرنجي رئيس منتدى الإعلاميين الفلسطينيين: " لا احد يعرف إلى أين وصلت الأمور فيما يخص انتخابات جديدة للنقابة ، وبات الأمر معلقا في النزاعات بين مجلس النقابة المنتهي الولاية والنقيب نعيم الطوباسي منهي الولاية ايضا ، حيث أن المجلس يريد إحالة تهم الفساد المالي والإداري للنقيب ويستثنون أنفسهم وذلك أمر مغلوط ، وإذا كانوا محقين في ذلك فعليهم التقدم للجمعية العمومية لنقابة الصحفيين لتحاسب من هو مخطئ .
وعبر الإفرنجي عن خشيته من أن ما يدور بمثابة تصفية حسابات شخصية.
ويعيد حديث الإفرنجي إلى الأذهان الخلافات التي نشبت بين نقيب الصحفيين ومجلس النقابة حيث اتهم المجلس الذي خلع نقيبه الطوباسي، وهو من كوادر حركة "فتح"، باختلاس حوالي مليوني دولار وصلت إلى الصحفيين الفلسطينيين ومؤسساتهم من جهات دولية.
وقرّر الاجتماع تشكيل هيئة مكتب تدير أمور النقابة، وتقوم بالتحضير للانتخابات والقيام بالاتصالات من كافة الجهات العربية والدولية ذات العلاقة.
لكن الطوباسي رأى أن ذلك انقلابا على شرعية النقابة متهما أشخاصا بالوقوف وراء التشهير به، وهدم النقابة على من فيها لأنها ترفض إعادته لها .
وحسبما يقول الطوباسي فان النقابة منذ 70 شهراً لم يدخلها أي فلس، ولا تستطيع دفع مقر إيجارها، وهواتفها مغلقة، مؤكداً أنه يستدين من البنوك ويدفع من جيبه الخاص من أجل تغطية نفقات النقابة ، واعتبر أن ما ادعاه بيان مجلس النقابة حول الوضع المالي هو محض افتراءات وكذب هدفه التشويه بشخصه.
* الدخول بمتاهة
وحاول الصحفيون في غزة لملمة أوراقهم وأخذ زمام المبادرة كي لا تبقى النقابة رهينة لفئة محدودة في سبيل الخروج من المأزق الذي تحياه النقابة ، إلا أن جهودهم فشلت وبقيت في اطار "الخض في قربة مخرومة" بسبب ما وصفوه التعنت من قبل بعض المستفردين بالنقابة .
ويقول الصحفي فتحي صباح الذي ترأس لجنة شكلها الصحفيون في وقت سابق لمحاورة مجلس النقابة والأطر الصحفية قبل أن تعلن فشلها: الأمور لا تزال تراوح مكانها ، ولا يوجد جدية لدى مجلس النقابة الحالي بإجراء انتخابات.
وتابع " إضافة لذلك فان الخلافات الحادة تعصف بمجلس النقابة الحالي منتهي الولاية منذ سنوات مما شكل عائقا أمام أي محاولة من أي جهة للعمل على تنظيم انتخابات ، وظهر ذلك جليا من خلال إعلان نقيب الصحفيين نعيم الطوباسي عن أكثر من موعد لإجراء انتخابات دون الإيفاء بوعوده رغم الضغوط الدولية التي تمارسها نقابات وجماعات دولية والاتحاد الدولي للصحفيين.
وكشفت مصادر "للرسالة" أنه خلال اجتماع عقد في فندق سيتي إن برام الله بالرابع من الشهر الجاري ، استمر تبادل الاتهامات داخل النقابة والهجوم من قبل أعضاء مجلسها على النقيب المخلوع ، بينما طالب آيدن وايت أمين عام الاتحاد الدولي للصحفيين بوقف الهجمات والاتهامات الشخصية ، مهددا بوقف العمل مع الإدارة الحالية طالما بقيت على هذه الحالة العالقة ، وقال لا يوجد أي نقابة حرة تملك الشرعية دون انتخابات حرة جديدة جدية والنقابة لن يكون لها مصداقية ضمن الاتحاد والمنظمات الداعمة إلى أن تصبح دستورية ".
وكان مجلس النقابة المنعقد في غزة والضفة قرر تشكيل هيئة مكتب مؤقتة من مجلس تضم طارق كيالي وصخر أبو العون وحسن عبد الجواد، تكون وظيفتها التحضير للانتخابات، وإدارة شؤون النقابة اليومية بالتعاون مع أعضاء المجلس لحين إجراء الانتخابات، في أسرع وقت ممكن، كما قيل .
وقال الإفرنجي: تشكيل اللجنة أنها شكلت لتخاطب فتح فقط وذلك لترتيب أوراقها الداخلية وتجهيز أنفسهم للانتخابات .
وعلق ياسر أبو هين رئيس كتلة الصحفي الفلسطيني على تشكيل الهيئة بالقول " هؤلاء شركاء في التهم ، لأنه في حال كان النقيب مختلسا ، فأين كانوا ولماذا صمتوا وهم على مقاعد المجلس " .
وشدد أبو هين على أن جملة من القضايا لا زالت عالقة ويجب التغلب عليها قبل الانتخابات أبرزها مشكلة العضويات حيث أن العديد ممن ينتمون للنقابة لا علاقة لهم بالعمل الصحفي وإنما منحت لهم العضوية بناء على أسس فئوية فقط لأنه ينتمي لفتح ، وهناك قادة أجهزة وناطقون باسم الفصائل يملكون العضوية" .
وفي هذا الصدد يقول عضو مجلس نقابة الصحفيين صخر أبو عون أنه لا علم لديه بمواعيد ولم يعلن مجلس النقابة عن مواعيد لانتخابات نقابة الصحفيين ، وإنما كل ما ورد على لسان الطوباسي عن مواعيد للانتخابات يعود لشخصه .
وأضاف " عندما تتهيأ الظروف للانتخابات وتنتهي الترتيبات الخاصة بذلك سنعلن عن موعد محدد لإجرائها " .
ورفض أبو عون الإفصاح عن الخطوات الذي يتخذها مجلس النقابة وصولا للانتخابات ، وقال فور الانتهاء من الترتيبات لاسيما في الضفة التي وصف ملفها بالشائك ، وتذليل العقبات سنعلن عن مواعيد للانتخابات، رافضا الخوض في تفاصيل .
وبحسب عضو مجلسها فان النقابة في الضفة ميتة منذ سنوات فهناك إشكالية بأعداد الصحفيين وعزوف عدد منهم عن النقابة ، وهناك محاولات لإرجاعهم ، والعمل على حصر العضوية.
وفي الوقت ذاته رأى أبو عون أن ملف غزة محسوم حيث قال " هناك تفاعل من الصحفيين مع النقابة ، والتزام بتسديد الاشتراك الشهري" .
وعن غربلة العضويات أضاف أبو عون " لا زال ذلك الملف شائكا وسنحقق في الأمر ، وسنتوصل في اجتماع مجلس النقابة القادم إلى قرار بذلك الشأن " ، وفيما يتعلق بفتح باب الانتساب أكد أن الانتساب مغلق منذ مايو 2007 ، وذلك الأمر متروك للبحث في مجلس النقابة .
وبينما الأمور تبدو غير محسومة داخل مجلس النقابة ، فان الأطر الصحفية خارجها يرون أن جملة من القضايا لا زالت شائكة حيث أكد أبو هين أن القائمين على النقابة انتهت شرعيتهم وغير مؤهلين لخطو خطوة واحدة لإصلاح النقابة وحل اشكالياتها.
وقال " لذلك يجب إيجاد طرف موثوق به وذو مصداقية لحل الإشكاليات العالقة والتعامل معها بمهنية بعيدا عن الحزبية والفئوية التي يتعامل بها بقايا مجلس النقابة " .
رهينة أشخاص
وأمام تلك النزاعات التي سيطر عليها الطابع الشخصي وتدور رحاها بين مجلس النقابة والنقيب قال الاتحاد الدولي للصحفيين بأنه على الصحفيين الفلسطينيين، الذين يعدون لإجراء انتخاب قيادة جديدة للنقابة للمرة الأولى منذ ما يقارب العشر سنوات، التوافق والاتحاد حول عملية انتخابية عادلة، وشفافة، وشاملة لجميع الصحفيين.
وفي الوقت ذاته أدان الاتحاد الادعاءات بخصوص مخالفات مالية والتي تعتمد على ما وصفها "الإشاعات".
وقال أيدين وايت الذي أطلق مبادرة الصحافة الأخلاقية مؤخرا: "يجب على الصحفيين أن يلتزموا بالحقائق، هناك إشاعات عن سوء ائتمان مالي حيث يتم ذكر مبالغ خيالية ِ، ويجب أن لا يتورط الصحفيون في تشويه أسماء شخصيات وأن يلتزموا بالحقائق التي يستطيعون التأكد منها."
وأوضح انه يبحث عن هبوط آمن للطوباسي للخروج من أزمة النقابة، وذلك بعد أن أبدى استعداده بعدم ترشيح نفسه في انتخابات الدورة القادمة للنقابة .
وأكد وايت على أهمية الخروج من الأزمة التي تكاد تعصف بنقابة الصحفيين ، وإعادة الوحدة للجسم الصحفي والإعلامي الفلسطيني كي يأخذ دوره ويعزز مكانته على الصعد العربية والإقليمية والدولية ، وعلى ضرورة احترام شروط العضوية وفق القانون .
ويأتي حديث وايت بعد إن استدعت السلطة نعيم طوباسي للتحقيق في الممارسات والملفات المالية لنقابة الصحفيين.
لكن رئيس منتدى الإعلاميين يعتقد أن الاتحاد الدولي للصحفيين لا يعترف سوى بنقيب الصحفيين نعيم الطوباسي ويريد من مجلس النقابة أن ينهي الأمور بهدوء دون قلاقل وذلك في إطار تقسيم الكعكة وألا يدخل طرف إسلامي في النقابة ، ولكنه لا يدرك أن الصحفيين الإسلاميين جزءا أساسيا من المعادلة ولا يمكن أن تجري انتخابات دونهم .
فيما استبعد صباح تحديد موعد قريب لإجراء الانتخابات ، وذلك لأن القائمين على النقابة غير راغبين بتنظيمها ، وهم مرتاحون بالوضع الحالي على مقاعد النقابة غير آبهين بالمشاكل التي تواجه الصحفيين.
من الجدير بالذكر أن الاتحاد الدولي للصحفيين كان قد قرر إيقاف التعامل مع نقابة الصحفيين الفلسطينيين كشريك حصري ، قبل أن يعدل عن قراره .
* البحث عن مخرج
وفي غمرة تلك الدوامة لا زال الصحفيون يبحثون عن مخرج لتشكيل نقابة قوية قادرة على حماية الصحفيين حيث شدد الصباح على أن المخرج يكمن في إجراء انتخابات وذلك يحتاج توحيدا للجهود من قبل كل الجسم الصحفي على مجلس النقابة بشتى الوسائل حتى يرضخ لمطالب الصحفيين ويحدد موعدا للانتخابات .
ورأى أن تلك الخطوة يجب أن يسبقها جملة من الإجراءات منها تشكيل لجنة من مختلف الأطياف الصحفية لغربلة العضوية ، وأخرى للإشراف على الانتخابات لأن الثقة بين المجلس
والصحفيين مفقودة .
وبحسب صباح فان أي مبادرة صحفية لن تنجح إذا لم تكن نية صادقة لدى مجلس إدارة النقابة ، وقال " المسألة تحتاج متابعة واستمرارية في الحوار لكي تبقى القضية حية " .
وعاد ليقول " مطلوب حوار بين جميع الأطياف الصحفية دون تحفظات ، وأن يكون العمل بنية الخروج من المأزق ، ووضع معايير تحدد من هو الصحفي ، وغربلة العضويات الحالية ، وبناء عليها تفرز الانتخابات مجلس جديد .
لكن الإفرنجي رأى أن هناك ما هو أهم من النقابة بالنسبة لمنتدى الإعلاميين في الفترة الحالية وهي التهديدات الإسرائيلية لشن هجوم على غزة .
فيما لفت أبو هين إلى أنه طالما بقيت إشكالية العضويات قائمة ولم يتم التوصل لحل بشأنها ، فستبقى الأزمة تراوح مكانها ولن يحدث تقدم في ملف الانتخابات .
وأكد أن هناك العشرات من الصحفيين وصفهم بالجيوش الصحفية يستحقون عضوية النقابة بعد أن تخرجوا من الجامعات ومارسوا مهنتهم ، بينما هناك بعض الأعضاء القدامى لا يحق لهم أن يبقوا يتمتعوا بعضوية النقابة .
وما بين الشد والجذب الذي يدور في أروقة النقابة بين نقيبها ومجلسها من جهة، وهموم الصحفيين الذين يبحثون عن نقابة تجمع شملهم من جهة أخرى ، تبقى الأمور عالقة في انتظار الخروج من الدوامة التي تغمر الصحفيين منذ سنوات .