غزة- فادي الحسني-الرسالة نت
يتربع صياد ستيني بشارب يغطي نصف وجهه، يدعى أبو محمد، فوق كومة شباك جافة في ميناء غزة، وحوله ثمة صيادين منبطحين يتبادلون أطراف الحديث السياسي عن تسهيل حركة المرور عبر معبر رفح وفتحه بشكل دائم.
رفع الصياد المكتنز كفيه راجيا الله أن ينكسر طوق الحصار المطبق على عنق غزة منذ أربعة اعوام، آملاً انعكاس الانفراج المرتقب أمام المسافرين، على الصيادين الذين وصفهم بأنهم "يطفحون الدم مقابل لقمة العيش".
وتطلع الصياد الذي يكبر رفاقه المجتمعين تحت سقف صفيح بال، إلى تسهيل الحكومة المصرية الجديدة حركة الصيادين الذين يزيد عددهم عن ثلاثة آلاف صياد يعانون من شظف العيش، بفعل الممارسات الإسرائيلية ضدهم.
وتسمح إسرائيل للصيادين الذين يعيلون أكثر من20 ألف نسمة، بالإبحار لمسافة ميلين فقط، لكنها كثيرا ما عرضت حياة العشرات منهم لخطر قبل الاقتراب من المساحة المحددة بمئات الامتار، دون إعطاء مبررات.
ويقول الصياد أبو محمد :"إن مسألة فتح الزوارق الحربية النار علينا بدون أية أسباب؛ أصبحت مسألة اعتيادية (..) نغامر بأرواحنا من أجل إطعام صغارنا".
ومضت، بعد تصريحات المستوى الرسمي المصري بالعمل على فتح معبر رفح، بارقة أمل أمام الصيادين، حيث دعا عدد منهم القيادة المصرية الجديدة إلى فتح البحر أمامهم طمعا في توفير لقمة العيش التي تحرمهم إياها اسرائيل.
وابتسم صياد أشقر، أجبرته الشمس الحارة على إغماض جفنيه، لنبأ تسهيل حركة المرور امام المسافرين، وقال :"عقبال عند الصيادين".
وعبر الصياد الثلاثيني الذي رفض كشف اسمه بدعوى عدم تعريضه للمسألة من قبل الاحتلال، عن آماله في السماح لهم باجتياز الحدود الإقليمية مع مصر، من أجل الصيد، لأن الاحتلال لا يتوانى عن ملاحقتهم خلال جولات الصيد اليومية.
ويقول الصياد وهو يرتشف سيجارته : "أحيانا الابحار يعتبر مجازفة بالنسبة لنا، لأن الزوارق الحربية لا تتوانى عن ملاحقتنا في عرض البحر وفتح رشاشاتها تجاه مراكبنا، فضلا عن مصادرة بطاقاتنا الشخصية".
ومؤخرا لاحقت الزوارق الحربية مركب الصياد حيدر أبو عودة واجبرته على الرسو قبالة شاطئ غزة فوق تلة صخرية أدت إلى تحطيم مركبه، بالإضافة إلى اطلاق النار على صيادين قبالة منتجع الواحة، شمال غربي بيت لاهيا، وتسببت بإصابة أحدهم.
ويخلو القطاع من الأسماك الطازجة في ظل ممارسات الاحتلال. ويشكو المواطنون من قلة إنتاج الثروة السمكية في أسواق القطاع، رغم الحاجة الماسة لها، الأمر الذي دفع إلى اللجوء لتهريب الاسماك المصرية عبر الانفاق.
ويشير الصياد إلى أن فتح البحر أمامهم من الناحية الجنوبية، يساهم في التخفيف من قبضة الاحتلال على أعناق الصيادين، مبينا أن شريحة الصيادين بحاجة إلى دعم ومناصرة.
وتعتبر أمنية تسهيل القاهرة على الصيادين، واحدة من جملة تطلعات الفلسطينيين سواء كانوا سياسيين أو مواطنين عاديين، لاسيما أنهم يأملون بتحسن الموقف المصري تجاه غزة، على الصعد الثلاثة، (السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية).
ويرى مستشار رئيس الوزراء السياسي د. يوسف رزقة، أن غزة تطمح لتكوين علاقات متينة مع القيادة المصرية الجديدة، يتخللها إعادة فتح السفارة المصرية في القطاع لترعى مصالح الموطنين وتسهل الأمور الحياتية العديدة، بالإضافة إلى تشجيع الدول العربية على إقامة سفارات أو قنصليات لها في غزة.
وأكد رزقة أن مجموعة من الملفات الضرورية يجب دراستها مع القيادة المصرية، منها رعاية التنمية في القطاع، والتبادل التجاري، والسماح بتسويق منتجات غزة في الأسواق الأوروبية ودول الخليج، فضلا عن تسهيل عمل الصيادين في البحر.