غزة- محمد أبو قمر
وقف السائق جهاد أبو السعود حائرا أمام عربته المتعطلة يبحث عن "طرمبة كاز" رخيصة الثمن بعدما تجاوز سعرها في السوق ألف ومائتي شيقل .
وبدت علامات السخط على وجه السائق الذي جالت في ذهنه جملة من الأفكار عله يجد مخرجا من تلك الأزمة بأقل الخسائر .
وطفت مشكلة التهاب أسعار قطع غيار السيارات على السطح منذ منتصف 2007 مع افتقاد غزة لسيارات جديدة تدخل إليها .
التهاب الأسعار
ويرى أبو السعود أن تجار قطاع غيار السيارات استغلوا الحصار في احتكار ما لديهم من بضائع ، وقال " يريدون أن يستمر الحصار لرفع الأسعار " .
وأوضح السائق أن معظم التجار يحاولون الاحتفاظ وتوفير قطع معينة غير متوفرة في السوق ليكونوا مصدرا وحيدا لشرائها ، مشيرا إلى أنهم يجلبونها من الأراضي المصرية عبر الأنفاق ، كما أن بعض التجار يتمكنون من تهريبها من داخل إسرائيل .
وبحسب أبو السعود فان سعر طرمبة الكاز الخاصة بباص الهونداي داخل الأراضي المصرية يقدر بثلاثمائة جنيه ، وتباع في غزة بألف ومائتي شيقل .
ولفت أبو السعود إلى أن قطاع غزة أكثر منطقة في العالم تحتاج لقطع الأمان "عفشة السيارة" التي تشمل على " بيل واسنابرس وجكات وبكسات" وذلك نظرا لشوارع غزة التي تملأها الحفر وغير المعبدة .
ويطالب السائقون الجهات المختصة ووزارتي الاقتصاد والنقل والمواصلات بفرض رقابة على محلات قطع غيار السيارات ، ومحاربة المحتكرين الذين يستغلون حاجة المواطنين لتلك القطع .
وفي السياق ذاته أرجع علاء السقا تاجر قطع غيار السيارات السبب الرئيس في ارتفاعها إلى إغلاق المعابر ورفض قوات الاحتلال إدخال قطع جديدة إلى القطاع ، مشيرا إلى أن 90% من تلك القطع مفقودة من السوق مما يضطر أصحاب السيارات للبحث عن قطع مستخدمة أو إصلاح القطع القديمة .
ويقول السقا " بعض التجار الذين يحتفظون بقطع قديمة من السابق ، ينتهزوا حاجة المواطنين لرفع أسعارها " ، موضحا أن تلك القطع لا تدخل عبر الأنفاق وان ما يتم جلبه من الأراضي المصرية لا يتعدى الزيوت وكماليات السيارات .
غلاء النقل
وضع "الميكانيكي" مصطفى بسيسو مفتاح الغيار جانبا ورفع رأسه من داخل السيارة ومسح عرقه المتصبب على وجهه وقال " المعابر مغلقة وقطع الغيار لا تورد إلى القطاع ، مما يضطرنا لجلبها عبر البريد السريع الذي تتضاعف فيه تكلفة النقل 200% " موضحا أن ثمن نقل "كرتونة" من إسرائيل إلى القطاع بمقاس 40*40 يقدر بألفي شيقل .
وبحسب بسيسو فان قطع الغيار المصرية التي تدخل عبر الأنفاق لا يتوافق جزء كبير منها يصل 70% مع قطع غيار السيارات المتواجدة في القطاع ، وتابع " السيارات المصرية مختلفة عن المتواجدة في غزة ، لذلك نلجأ للقطع الإسرائيلية المرتفعة التكاليف لأن جميع السيارات المتواجدة في غزة دخلت من إسرائيل ".
ويعزو بسيسو ارتفاع أسعار قطع الغيار إلى مصدرها علاوة على تكاليف نقلها المرتفعة ، وأضاف " بعض أصحاب الأنفاق لجئوا لاستيراد قطع غيار من بلد المنشأ عبر مصر ومن ثم جلبها من خلال الأنفاق وبالتالي تزداد تكلفتها بشكل ملحوظ " .
ويترافق ذلك مع الارتفاع الخيالي لاسعار المركبات القديمة والحديثة على حد سواء في ظل رفض قوات الاحتلال ادخال مركبات جديدة الى القطاع .
وقد فاقت أسعار السيارات القديمة ، أسعار الحديثة في وقت عادي ، ويشير تجار السيارات إلى أن أسعار المركبات الحديثة المستخدمة ارتفعت بما قيمته 5 ـ 10 آلاف دولار، أما القديمة دون إنتاج العام 1995 فارتفع سعرها بحوالي من 2 ـ 3 آلاف دولار.
وربطت بعض التقارير الصحفية بين ارتفاع أسعار قطع غيار السيارات وارتفاع أسعار الحمير الذي تزايد الطلب عليها باعتبارها بديل بعض المواطنين عن السيارات التي بحاجة لأموال باهظة وتحتاج لقطع غيار ووقود لتشغيلها.
وحسب مصادر محلية فان سعر الحمار ارتفع بنسبة 60 % منتصف عام 2007.
ومع تزايد شكاوى السائقين وتبرير التجار لارتفاع الأسعار الخارج عن إرادتهم ، يبقى فتح المعابر وسماح الاحتلال بدخول قطع الغيار والسيارات إلى القطاع الحل الوحيد للخروج من دائرة الغلاء .