قائمة الموقع

مراكز الغاز العشوائية.. كرة لهب متدحرجة تحرق المواطنين

2009-08-03T03:57:00+03:00

غزة- محمد أبو قمر

قبل ظهيرة التاسع من يونيو كان موزع الغاز محمود أبو حطب يهم برفقة أخيه بإدخال صهريج الغاز ذات الطنين يجره بعربة ميكانيكية إلى الحاصل الممتلئ بأنابيب الغاز ، وبينما كان يرجع للخلف فإذا بأحد المحابس يصطدم بالحائط لينسج تفاصيل الكارثة .

بدأ الغاز يتسرب بقوة حينها أسرع محمود بخلع قميصه لسد الثغرة إلا أنها لم تفلح أمام تدفق الغاز المضغوط الذي تسبب بوفاته .

في تلك الأثناء سارع شقيقه لتشغيل العربة لإبعادها عن محيط السكان إلا أن شرارة الدينمو كانت سباقة لإشعال النيران وتدحرجها على منازل المواطنين لتشكل كرة من اللهب التهمت من يقف بوجهها.

تلك الحادثة تفتح الباب على مصراعيه أمام مراكز الغاز العشوائية التي انتشرت مؤخرا في شوارع غزة دون أي إجراءات للسلامة الأمنية .

** تدحرج الكارثة

سارع الجيران في جورة العقاد بخانيوس للهرب من منازلهم التي امتلأت برائحة الغاز الذي غطى ملابسهم وباتوا عرضة للاحتراق في حال تعرضهم لأية شرارة.

ومع توالي انفجار اسطوانات الغاز الصغيرة عقب انفجار الصهريج تسارعت كرة اللهب لتغزو الشارع ومنازل المواطنين مع اتجاه الريح شمالا ، هناك التهمت أجساد ثلاثة من عائلة يوسف وأصابت عشرات آخرين بجراح تراوحت بين المتوسطة والخطرة حولت للعلاج داخل الخط الأخضر .

ويقول جمال يوسف الذي أصيب تسعة من أبنائه في الحادث أن ابنته المتزوجة كانت في زيارة لهم وأصيبت هي وأطفالها بجراح خطرة بعد أن التهمت النيران منزلهم المكسو بألواح من الاسبست وأجهزت عليه كاملا، ويتابع " كما أصيبت ثلاثة من بناتي وجميعهن يتلقين العلاج ، ووالدي وابنة أخي وزوجته " .

وكما تشير التحقيقات التي كشفها جهاز الدفاع المدني فان رقعة الحريق طالت العشرين منزلا، وبقيت النار مشتعلة حوالي 40 دقيقة جراء اسطوانات الغاز، وقد قامت طواقم الدفاع المدني بالتعاون مع وزارة الأشغال بتوفير كمية من الرمل تم دفعها خلال جرافة حتى تحول بين تقدم النيران إلى منازل أخرى.

وبحسب مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان فان الحادث أدى لوفاة كل من محمود عاطف أبو حطب في التاسعة عشرة من عمره ، وعزام يوسف حماد في الخامسة والخمسين من عمره ، وزوجة أخيه سلوى يوسف "العامودي" ، وابنها يوسف كمال يوسف.

وكما يفيد شهود العيان فان عددا من عائلة أبو علوان المجاورة لمكان الحادث أصيبوا بجراح متفاوتة من بينهم امرأة متزوجة حديثا لم يمض على زفافها سوى أسابيع وتعاني من حروق بالغة.

وبلغ مجمل الإصابات تسعة وعشرين إصابة بحروق متفاوتة الدرجة من بينهم ثمانية أطفال، وست نساء، وإلحاق الضرر في عشرة منازل في محيط الحريق، من بينهم منزل دمر كليا، وتسعة جزئيا، وذلك كما أفادت مؤسسة الضمير .

** فتح الملفات

ورغم السيطرة على الحريق إلا أن ذلك الملف لم يقفل حيث علمت "الرسالة" بأن رجال إصلاح تتبعوا القضية بعد مطالبة عائلة يوسف المتضررة والأسر المجاورة بتعويضهم عما لحق بهم ، ولا زالت القضية مثارة حتى الآن في انتظار ما ستفضي إليه "الجاهة".

وتعد مراكز التوزيع العشوائية من إفرازات الحصار الذي كان سببا في ندرة الغاز على مدار الفترة الماضية قبل السماح بدخول كميات محدودة ، حيث اضطر عدد كبير من المواطنين حينها لإقامة تلك المراكز .

وفي هذا السياق أكدت مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان بأن محطات تعبئة الغاز ومستودعات ومخازن اسطوانات الغاز لا تستجيب للحد الأدنى من شروط السلامة العامة وتعرض حياة وممتلكات المواطنين للخطر الشديد.

وطالبت الضمير في بيان لها بضرورة قيام الجهات الحكومية المختصة بمراقبة المكلفين ببيع الغاز المنزلي، وإجبارهم على الحصول على ترخيص قانوني يضمن توفير شروط السلامة العامة، وضرورة إلزام وكالات توريد الغاز بعدم بيعها الغاز المنزلي لنقاط ومحطات التوزيع العشوائية المنتشرة في قطاع غزة.

ودعت الضمير بضرورة إسراع الجهات الحكومية المختصة بنقل وترحيل كافة محطات ونقاط بيع الغاز المنزلي إلى خارج نطاق التجمعات السكنية و ضرورة تكثيف الأجهزة الحكومية المعنية، بمنع تداول وبيع مادة الغاز الطبيعي أو المحروقات بكافة أنواعها في المحال التجارية، والعمل على تنظيم مهنة بيع اسطوانات الغاز بما يستجيب مع شروط السلامة العامة للمواطنين.

وفتحت تلك الكارثة الباب أمام تحركات تقودها الحكومة لوضع حد لظاهرة انتشار مراكز توزيع الغاز العشوائية .

وقد أكد المهندس أسامة العيسوي وزير النقل والمواصلات أنه تقرر إغلاق كافة المحطات العشوائية التي تبيع الغاز للمواطنين داخل المخيمات وذلك حفاظا على سلامة المواطنين وحرصا على عدم تكرار ظواهر الانفجارات التي تحدث بين الحين والآخر داخل المخيمات والتي تؤدى إلى اشتعال الحرائق وإصابة المواطنين فيها.

وجاء ذلك القرار في الحادي عشر من الشهر الحالي خلال اجتماع طارئ ضم ممثلين عن كل من وزارات المواصلات والاقتصاد والعمل إلى جانب الدفاع المدني والهيئة العامة للبترول ومباحث التموين لدراسة تداعيات الحادث الذي وقع في خانيونس ، وبحث سبل السلامة والأمن ودور الجهات المختصة بذلك.

وأفضى الاجتماع لتشكيل لجنة حكومية تنسيقية من الجهات الحكومية وتكون وزارة الاقتصاد مقررها للعمل على الإغلاق التام للمحطات العشوائية غير المرخصة بصورة مدروسة على أن تكون نقطة البداية محلات تعبئة الغاز.

وتتمثل مهام اللجنة في وضع آلية مشتركة للحد من ظاهرة الانفجارات وتنظيم مهنة التوزيع وكذلك تنظيم العلاقة بين المحطة والموزع والمواطن.

** ملاحقة المخالفين

وباشرت وزارة الاقتصاد وبمشاركة الدفاع المدني ومباحث التموين مهامها في مراقبة مراكز التوزيع العشوائية ومصادرة محتوياتها .

وبحسب وزارة الاقتصاد فانه تم التحفظ على جميع المعدات والأدوات المستخدمة في تلك المراكز والتي تعد مخالفة لكافة شروط السلامة المهنية ، وأحيلت للجهات المختصة بالوزارة ومن ثم للنيابة العامة لاتخاذ المنحى القانوني بحق المخالفين .

وأهابت الوزارة بجميع المواطنين الالتزام بالتعليمات الصادرة عنها والهادفة إلى تحقيق الأمن والسلامة ، وذلك عبر إبلاغ الوزارة في حال وجود أية مخالفة عبر الاتصال على مكاتب الوزارة المنتشرة في جميع المحافظات .

وفي السياق ذاته قال العقيد يوسف الزهار مدير جهاز الدفاع المدني " كثفنا الحملات الميدانية من خلال لجنة الأمن والسلامة لإغلاق كل هذه المحطات والأماكن التي تعمل بطريقة غير قانونية وتهدد حياة المواطنين وتعرضها للخطر".

وأوضح الزهار أن العمل جار بفعالية من أجل إغلاق جميع المحطات غير المرخصة وأنه سيتم متابعة محطات البترول التي تعمل من خلال بعض المنشآت الصغيرة أو الدكاكين وسيتم منعها تماماً، وتابع " حتى محطات البترول والغاز المنشأة لابد أن تتمتع بالرخص وأن تتواكب مع المتطلبات اللازمة للأمن والسلامة الموجودة والمعمول بها في جهاز الدفاع المدني".

وشدد الزهار على أن تلك المراكز تعرض حياة المواطن للخطر وأن جهازه سيعمل بكل قوة ومن خلال القانون لمنع وجود هذه المحطات، مناشداً كل من يعلم من المواطنين أن هناك بؤرة أو مكان يستخدم لتعبئة الغاز وتوزيعه بطريقة غير قانونية أن يبلغ عنه فوراً حتى يقوم جهاز الدفاع المدني بإغلاقه ومحاسبة القائمين عليه".

 

 

 

اخبار ذات صلة