قائمة الموقع

فتح تودع نهج الثورة وترسخ شرعية السلطة

2009-08-13T09:24:00+03:00

حماس: فتح أمام اختبار لخلع عباءة الارتهان والالتزام بالوحدة

الشعبية: عليها أن تفصل بين حركة التحرر والسلطة

مراقبون: نجاح الحركة يعتمد على تبني وجهة وطنية لإنهاء الانقسام

غزة- عدنان نصر

شكلت نتائج انتخابات اللجنة المركزية للمؤتمر السادس لحركة فتح المنعقد منذ الرابع من أغسطس الجاري انقلابا في أوساط الحركة، أطاح بحرسها القديم، وصعد 14 وجها جديدا من القيادات الشابة، إضافة إلى خمسة أعضاء من اللجنة القديمة، فيما خرجت النساء من حلبة اللجنة المركزية.

السباق والتناحر الذي شهدته قاعة مدرسة تراسنطة أنسى الفتحاويين محاسبة كوادرهم الذين جلبوا الفشل والهزيمة للحركة في انتخابات عام 2006م، وأشير إليهم بالبنان عن  سقوط عرش السلطة الفلسطينية في حزيران/2006م.

القضية الأهم التي أحدثت فرقعات إعلامية خلال الأيام الماضية تمثلت في تنحية ملف وفاة الرئيس أبو عمار جانبا،  وتشكيل لجنة تحقيق لكشف ملابسات الحادثة.

ورغم مطالبة بعض المرشحين الإسراع في إنهاء هذا الملف العالق قبل انتهاء جلسات المؤتمر، إلا أن شخصيات متنفذة في الحركة فضلت عدم رفع الستار عن تلك الجريمة، وطيها بين سجلات التاريخ المتهرئة.

ومن الواضح أن فشل المؤتمر في حل لغز وفاة عرفات، والملفات السابق ذكرها، وترحيلها إلى أمد بعيد سيعيد مجددا الخلافات بين قيادات فتح.

وكان فاروق القدومي أمين سر حركة فتح فجر قنبلة موقوتة قبل انعقاد المؤتمر، محملا عباس ودحلان بالاتفاق مع رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق شارون على اغتيال ياسر عرفات.

خليط جديد

محاولات دحلان في التملص من هزيمة الحركة في غزة، لن تمنع عنه الألسن الحادة، رغم تبرير موقفه أمام ، وصعوده منصة المؤتمر، محملا الرئيس عباس والمستوى السياسي  مسؤولية سقوط غزة لصالح حركة حماس.

ولم يغب عن ذهنه انتقاد لجنة التحقيق التي شكلها أمين عام الرئاسة الطيب عبد الرحيم عقب الحسم العسكري، والتي أعدت تقريرا من 150 صفحة يوضح مدى تقصير المسئولين الفتحاويين عن هزيمة السلطة بجيشها الذي يقترب من 50 ألف عسكري أمام حماس.

وقال دحلان الذي ادعى سفره إلى ألمانيا للعلاج وقت الحسم العسكري: اللجنة أدانت من قاتل وفشل ومن قاتل وهرب لكنها لم تدين من خان وتواطأ مع حماس(..).

واستغل المرشحون تلك الأجواء الساخنة التي قلصت أجهزة التكييف من حرارتها، بإشهار كروت رابحة في وجوه منافسيهم، لإقصائهم من طريق المركزية.

ومن اللافت للنظر أن قدورة فارس القيادي في حركة فتح  كان صريحا خلال لقاء متلفز مع "فضائية القدس"، وقال ":  دحلان لا يتحمل سقوط غزة لوحده، فالقيادة السياسية مشاركة بذلك(..)، لكن بصفته شخصية لها نفوذ فهو يتحمل ذلك.

وتصارع على عرش اللجنة المركزية خمسة معسكرات هي: معسكر الرئيس عباس، ومعسكر مروان البرغوثي، ومعسكر جبريل الرجوب، ومعسكر محمد المدني، ومعسكر محمد دحلان.

وفازت ثلاث شخصيات أمنية سابقة هي محمد دحلان وتوفيق الطيراوي وجبريل الرجوب بمقاعد في اللجنة المركزية، إضافة إلى رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير صائب عريقات.

ومن أبرز الفائزين أيضا في اللجنة المركزية القيادي بفتح الأسير في السجون الإسرائيلية مروان البرغوثي ومحمود العالول وحسين الشيخ ومحمد شتية وناصر القدوة وعزام الأحمد وجمال المحيسن وعثمان أبو غربية ومحمد المدني، وكان أبرز الخاسرين في انتخابات اللجنة المركزية أحمد قريع، الذي خرج من عضوية اللجنة المركزية نتيجة تصفيات سياسية داخل الحركة.

ومع ذلك فإن مهام اللجنة المركزية التي حددها نبيل شعث في تصريحاته الصحفية المتمثلة في التركيز على الوضع الداخلي للحركة بما يضمن إعادة بنائها وتصويب مسارها وإعادة توحيد أطرها، لاستنهاض دورها واستعادة موقعها، وإنهاء الانقسام و. وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشريف تبدو عسيرة أمام الخليط الجديد لحركة فتح، فإسرائيل لن تسمح للقيادة الجديدة برفع شعارها القاضي بالتمسك بمبادئها الثورية، لانسلاخ فتح عن نهجها المقاوم بعد أن تاهت في مسار التسوية.

خلع العباءة

وعلى الرغم من تأكيد حركة  فتح في برنامجها السياسي على التمسك بخيار السلام وإيمانها بالمقاومة بكل أشكالها حق مشروع للشعوب المحتلة في مواجهة محتليها، إلا أن أمامها مهام ثقال ورهان حقيقي لخلع عباءة الارتهان الصهيوني، والتدقيق جيدا في الاتفاقيات الهزيلة مع الاحتلال الإسرائيلي، وعدم الانصياع للجنة الرباعية والضغوط الأمريكية.

وستحدد الأسابيع القليلة القادمة مسار فتح في علاقاتها مع حركة حماس، لا سيما في جلسة الحوار المقرر عقدها في الخامس والعشرين من الشهر الجاري.

وقال مشير المصري النائب في المجلس التشريعي: حركة فتح أمام اختبار حقيقي للتعبير عن مدى التزامها بالبرامج الوطنية ومشروع المقاومة والحفاظ على الوحدة الوطنية.

وأضاف المصري في حديثه لـ "لرسالة نت": يجب أن تنتهج حركة فتح برنامجاً سياسياً بعيدا عن التنسيق الأمني مع الاحتلال، أو الارتهان الأمريكي حتى يكتب لها مستقبل في الساحة الفلسطينية.

نبرة التفاؤل عن نتائج الانتخابات كانت واضحة في حديث الدكتور فيصل أبو شهلا النائب عن حركة فتح  في المجلس التشريعي الذي قال: إن المؤتمر السادس أفرز  أجيالا متعاقبة ستتمكن من النهوض بالحركة للأمام.

وأضاف أبو شهلا لـ"الرسالة نت"  أن موقف فتح ثابت من المسيرة التفاوضية، لأنها تتعامل مع الشرعيات الدولية، ولم تسقط خيار المقاومة في أحد الأيام، مشيرا إلى أن إسرائيل شعرت بالرعب لتكاتف حركته.

و فيما يتعلق بجولة الحوار المقبلة المقرر عقدها في الخامس والعشرين من الشهر الجاري أكد المصري أن الكرة في ملعب فتتح، وعليها التوقف عن مهزلة الاعتقال السياسي، والتعذيب الوحشي الذي تنفذه أجهزة فياض، وضرورة أن تجمع القيادة الجديدة على قرارا بإنهاء ملف الحوار باتفاق للمصالحة.

وقال المصري: "لا يعقل أن تمد فتح يدا للحوار، وأخرى للاعتقال السياسي، مشيرا إلى أن حركته تراقب عن كثب وستحدد موقفها  بناء على تطورات  الأحداث في الضفة الغربية."

بينما يشير أبو شهلا أن منع أعضاء المؤتمر في غزة من السفر لبيت لحم أثار جرحا عميقا، لتدخل حماس في الشأن الداخلي للحركة، الذي لا ينبغي لأي للفصائل الفلسطينية المساس به.

وأكد على ضرورة جسر  الهوة، وتضييق دائرة الانقسام، ، موضحا أن على حركة حماس  القبول بالتعدية السياسية، وإعطاء  الفرصة لصندوق الاقتراع لتكون انتخابات يناير/2010 م الحكم الفاصل بين الحركتين.

وقال كايد الغول عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية: نتائج المؤتمر نتائج ديمقراطية، متأملا أن تستخلص فتح العبر والعظات من دروس الماضي، وأن تصبح لديها القدرة على أن تفصل بين حركة تحرر وسلطة، لأن ذلك سيعطي أولوية لتعزيز الانقسام الداخلي.

وأضاف الغول في حديثه لـ" الرسالة نت" أن فتح بحاجة لمراجعة خيارات أوسلو، الكفاح المسلح، ومراجعة سياسات السلطة السابقة، وإعادة الاعتبار لوسائل النضال المسلح، والتركيز على الوضع الداخلي الفلسطيني، مؤكدا على ضرورة أن تحاور جميع الأطراف الفلسطينية، وتحشيد الشعب الفلسطيني وقواه أمام مخاطر الاحتلال الإسرائيلي التي تنتهك حقوق الفلسطينيين.

وفيما يتعلق بتعامل الجبهة الشعبية في المستقبل مع الوجوه الجديدة للجنة المركزية قال الغول: نحن نرتبط مع فتح بسياسات واضحة، وهناك قوانين معتمدة نتوافق على ما يجمعنا، ونختلف عند تباين وجهات النظر.

زوبعة الاتهامات

تصريحات بعض قيادة فتح  في غزة التي لم يكتب لها النجاح في عضوية اللجنة المركزية بالتشكيك بنزاهة الانتخابات أثارت تساؤلات عديدة عن مستقبل فتح في غزة التي صوت أعضاؤها عبر الهاتف.

وكان أحمد نصر القيادي في حركة فتح اتهم أطرافا لم يسمها بتزوير نتائج الانتخابات، معتبرا أن تلك النتائج لا تعبّر عن إرادة ذوي النفوذ السياسي والمالي، وأنها بمثابة  نذير شؤم على القضية الفلسطينية(..).

وخاض غالبية أعضاء اللجنة المركزية القديمة الانتخابات باستثناء خمسة، اثنان منهم لأسباب سياسية هما فاروق القدومي ومحمد جهاد المقيمان في تونس واللذان اعتبرا عقد المؤتمر غير شرعي، فيما امتنع هاني الحسن وصخر حبش وزكريا الأغا عن خوض الانتخابات.

ومن المقرر أن يتم تعين أربعة آخرين من بنيهم مسيحي وامرأة، وذلك حسب ما ينص عليه القانون الأساسي للحركة، على أن لا يكون أي ممن سيتم تعينهم قد ترشح للانتخابات وذلك حسب القانون الانتخابي الجديد.

ونفى أبو شهلا تلك الادعات التي تتهم أعضاء من حركته بتزوير نتائج الانتخابات للفوز بمقاعد اللجنة المركزية للحركة ، مشيرا إلى نزاهة الانتخابات وشفافيتها، لكن البطء والتأخير أثار بعض التحفظات، ما ساور الشك في نفوس الثائرين.

وان كان أبو شهلا يشيد بنزاهة الانتخابات- فان القيادي الفتحاوي إبراهيم أبو النجا أثار الشكوك مجددا بمطالبته عباس المنتهية ولايته بإعطاء أعضاء المؤتمر عن قطاع غزة حقهم بالتصويت أسوة بزملائهم، لعدم الاتصال بعدد كبير من الأعضاء أثناء عملية الاقتراع.

بدوره أشاد حسام عدوان المتخصص بشئون حركة فتح بما أفرزته الانتخابات من قيادة جديدة لم تشهدها اللجنة المركزية في الماضي.

وقال عدوان لـ" الرسالة نت": نجاح فتح يعتمد على تبني وجهة وطنية للمستوى السياسي تصل لإنهاء الانقسام، ويستدعي ذلك تقديم خطوات تتناغم مع المصلحة الوطنية، مشيرا إلى أن عدم تنازل فتح عن الطريق السابق سيضعها في إطار محظور.

وبخصوص الاتهامات التي زعمها بعض قيادية فتح في غزة قال حسام: انتخابات اللجنة المركزية والمجلس الثوري لم تلتزم بنظام الانتخاب لحركة فتح أو لوائحها الداخلية، لافتا أن قبول أعضاء غزة بالتصويت عبر الهاتف ترك هامشا لعدم التحقق من بعض الشخصيات.

و أضاف: إذا كان هناك إشارات تدل على بعض الفروق في الانتخابات فعلى المدعين أن يلجئوا  إلى لجنة التظلم في الحركة لإثبات صحة ما يقولون، منوها أن صراع التيارات داخل الحركة دفع كل منها لاستخدام أدواته للوصول إلى أهدافه، وقد ارتضى الجميع على ذلك.

ويرى عدوان أن هناك توجهاً سياسياً منسجماً بين القيادة الشابة والحرس القديم لن يحدث  تنافسا مستقبليا ، ويمكن استغلاله لإنهاء الانقسام، والتوافق مع حركة حماس على إجراء الانتخابات.

ومع ذلك فان تلك العلاقة تحكمها المصالح الأمريكية والإسرائيلية، وقد يعارض الحرس القديم على إنهاء ملف الانقسام بينما سترى القيادة الشابة أن لا مجال للعودة والتفاوض مع حماس- حسبما يشير.

وقال عدوان: يجب أن تكرس حماس وفتح جهودهما للتوصل إلى قواسم مشتركة والاتفاق على مبدأ الانتخابات و الحكومة.

بينما يرى البروفسور الدكتور عبد الستار قاسم أن على فتح التعلم من أخطائها الماضية التي أوصلتها لطريق مسدود، مشيرا إلى أن القيادة الجديدة لن تغير من طبيعة علاقتها مع حماس، فهي امتداد للجنة المركزية السابقة.

ولا يتوقع قاسم وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال، وإن تغيرت وجوه الحرس القديم، ما دامت الرواتب تتحكم في قراراتها ومصيرها، فحركة فتح لن تخرج من عنق الزجاجة- على حد قوله.

 

اخبار ذات صلة